منذ اواسط القرن الماضي مال العرب الى الاتحاد السوفيتي السابق لانه وقف بالند للولايات المتحدة راعية الاستكبار العالمي , وتعزز ذاك الموقف اثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 , ومعاونة مصر على بناء السد العالي . رغم ان ما فعله الاتحاد السوفيتي السابق كان يقع في اطار الحرب الباردة بين القطبين الدوليين انذاك , اللذين تقاسما السلطة العالمية , حتى انتهت في اوائل تسعينات القرن الماضي عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وتفتته .
وظل الموقف العربي مؤيدا لروسيا الصاعدة لاحداث الموازنة مع الولايات المتحدة والغرب بعامه , وعلى امل ان تصبح روسيا حليفا للعرب وتنتصر لقضاياهم . ومع مرور الزمن غلبت روسيا ( بوتن ) مصالحها على اي اعتبار اخر , ولم يعد للاخلاق او المبادئ اية قيمة في السياسة الروسية . وعلى هذا الاساس تتصرف في علاقاتها مع الدول . ولا يخفى على احد حرص بوتن ان ينهض بروسيا لتصبح قطبا دوليا يسهم في صنع السياسة الدولية , ويحقق مصالح لروسيا في العالم .
يعتقد بوتن ان الغرب خدعوه عندما وافق على قرار مجلس الامن الخاص يليبيا , والذي تحول من حماية الشعب الليبي الى اسقاط حكم العقيد معمر القذافي , وعليه فانه اليوم يقف بالضد من توجهات الولايات المتحدة والغرب بعامة من المسأ لة السوريه , ويرى ان بقاء بشار الاسد ضمان لوحدة سوريا , وان البديل سيكون المنظمات الارهابية , ولم يأخذ بعين الاعتبار ان الاسد لا يختلف عن المنظمات الارهابية , ولا يختلف عن نظام ملالي ايران الذي اخترع وسائل للارهاب وصار مصدرا للارهاب الى الى دول المنطقة والى العالم , والشواهد كثيرة .
روسيا بوتن تقف اليوم الى جانب الاهابيين والطائفيين والعنصريين , في ايران وسوريا والعراق وتشكل قيادة ميدانية اسخباراتية مع هذه الدول الطائفية لمحاربة فصائل الثورة السورية التي تطالب بالحرية والعيش الكريم والمساواة بين مكونات الشعب السوري . ووصل بالمسؤولين الروس ان يتكلموا باللغة الطائفية فهذا لافروف وزير خارجية روسيا يصرح بعدم موافقة روسيا على قيام حكم سني في سوريا , بل يريد ان يبقي بشار الاسد الطائفي بامتياز , حيث سلم مقدرات سوريه الى ايران الملالي والى صنيعته حزب الله اللبناني .
لم يكتفي بوتن بموقف التحالف مع بشار الاسد بل زوده بكل ممكنات القوة العسكرية لضرب شعبه وقواه المناضلة , وزاد على ذلك بارسال قواته الجوية الى مطار اللاذقية اضافة الى تواجده في قاعدة طرطوس من قبل , وقام الطيارون الروس بالضربات الجوية ضد مواقع الجيش الحر المحسوب على الاعتدال الذي سبق لروسيا ان تفاوضت مع قيادته المدنية لاجراء محادثات للتوصل الى حل للمسألة السورية , ويقول صراحة ان الاهداف التي قصفتها الطائرات الروسية تمت بالتنسيق مع نظام الاسد , اي ضرب المناطق التي يحتاج النظام ضربها في محافظات حمص وحماه واللاذقية وحلب , في حين كان الروس يتحدثون عن نيتهم اقامة تحالف لضرب تنظيم داعش .
ولم تخفي روسيا نواياها في السر والعلن انها تعمل من اجل بقاء الاسد , ومن اجل تقوية موقعه التفاوضي المقبل لابد ان يحقق انتصارات على المعارضة فوق الارض , وعليه فان الطائرات الروسية تستبق الهجوم الارضي المزمع تنفيذه قريبا لاستعادة ادلب وبعض المناطق في حلب وحماه , ولاسيما بعد وصول اعداد من القوات الايرانية من الحرس الثوري وقوات القدس الارهابية وحزب الله اللبناني ومليشيات العراق الطائفية .
بوتن اليوم يقف ضد ارادة دول الغرب , وضد فصائل المعارضة السورية , وضد العرب الذين وقفوا ضد ارهاب الاسد بحق شعب سوريه , حيث قتل اكثر من 300 الف مواطن جلهم من الاطفال والنساء , وهجر ملايين السوريين في دول الجوار ودول العالم . ودمر البنية التحتية في سوريه . واضاع نصف اراضي سوريه , واعطى فرصة لكل الارهابيين ان يأتوا الى سوريه .
وبالمقابل يتحالف مع ايران الملالي الطائفيين بامتياز , ومع الاسد ربيب الملالي , ومع النظام الطائفي في العراق صنيعة امريكا وايران الطائفية . كل هذا بدعوى محاربة داعش , وبهذا الفعل سوف يدفع الشباب المسلم للالتحاق بداعش , كما حصل في حالة افغانستان في عقد ثمانينات القرن الماضي من استقطاب الشباب المسلم نحو القاعده . كما ان فعل بوتن لن يسلم روسيا من خطر الارهاب ضد نظامه في المستقبل .
لقد استغل بوتن تراخي الولايات المتحدة في دعمها للمعارضة السورية , بحيث لم تزودها بالاسلحة النوعية وخاصة المضادة للطائرات , بدعوى الخوف من ان تصل هذه الاسلحة الى الارهابيين مثل داعش . وهذه الحالة تشبه الى حد ما الحالة التي رافقت انهيار الاتحاد السوفيتي , حيث استغلت الولايات المتحدة تخبط غورباتشوف انذاك وشنت الحرب على العراق , ولم يستطع الاتحاد السوفيتي ان ينفذ ما تم الاتفاق عليه بشأن وقف اطلاق النار .
بوتن له حساباته المصلحية في سوريه ومن خلالها في المنطقه , ويريد احراز نقاط لصالحه يفاوض عليها في المسألة الاوكرانية . ولذلك لم يتورع عن التحالف مع قوى ظلامية رجعية طائفية مكروهة من ملايين الناس سواء في ايران او العراق اوسوريه او لبنان , فهذه القوى انفضحت اوراقها الطائفية وباتت الحرب مكشوفة بالكامل , وحتى لو نجح في بعض المفاصل الحركية , فانه لن ينجح في المدى البعيد , وسوف يخسر اقتصاديا وسياسيا وشعبيا . وسوف يخسر الملالي في ايران , لان الشعوب عرفت طريقها , واتضح لها فساد هذه الانظمة ومدى ارهابها وحتمية زوالها.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :