عندما شاهدت مشهد الحجاج وهم يتدافعون ويتقاتلون تذكرت اول حجة لي عندما كان عمري ١٦ سنة ذهبت للحج برغبة واصرار وايمان كبير لقضاء هذا الفرض. آنذاك لم يكن هناك حملات حج منظمة كما لم تكن التوسعات الجديدة الحالية موجودة فكان التنظيم عشوائي اكثر من الآن بمراحل ، اما المشهد فكان رهيب جداً مليون ونص حاج في بقعة صغيرة يُكبرون ويُهللون في مشهد ايماني مهيب وروحاني. مرّ اول يوم بسلام وفرح وايمان ولكن حدث ما لم اكن اتوقعة وهو تدافع (للعلم تدافع الحجيج منذ القدم لكن اعداد الموتى كانوا لا يتجاوزون المئة ) تدافع عكسي بسبب عشوائية التنظيم فهناك من يذهب لرمي الجمرات واعدادهم مهوله، انه موج بشريّ طاحن يعودون وبعد ٢٠٠ متر يواجهون مئات الالاف من الحجاج الراغبين بالرمي وهنا يصطدمون ببعض ويتدافعون وحدثت الكارثة عندما رأيت مسنّة باكستانية تطأها اقدام الحجاج وكانت تستنجد بربها تقول ( يا الله يالله ) ذهبت محاولاً انقاذها لكن كيف اصل اليها بين الالاف الهمج ، لدي قدرة بدنية عالية فتجاوزتهم ضرباً ودفعاً للوصول وعندما وصلت اليها غاب صوتها وفارقت الحياة فيما اقدام الحجاج لا تزال تطأها وكأنّها حشرة تحت اقدامهم. بكيت كثيراً وانا اشاهدهم يطأون العجوز وهي ميته، ذهبت للشرطي بطرف الرصيف الآخر يقف هناك كالمزهرية ( لا ينش ولا يهش ) شرحت له ما حدث فقال يا رجل كمل حجك! قلت بلغ الإسعاف على الأقل فأبلغهم ودخل الإسعاف وسط الجموع البشرية لينتشلوا الجثة.
الحج هو الهمجية ومازال كذلك وسيستمر بسبب هذه الأعداد التي تتجمع بمكان واحد .
الحج يعطيك انطباع بأنّه اكبر تجمّع بشري قذر ووسخ ومقرف ، الشوارع مليئة بالأوساخ والروائح، حفائظ الأطفال حتى فوط النساء تجدها على الرصيف، براز، بول.. الخ . فضلاً عن روائح العرق التي تفوح بكل ارجاء المكان لذا كنت اضطر استعمال عطر معي لمنع الشعور بالغثيان بسبب الروائح.
المهم انني لم اكمل الحج وقررت الذهاب للفندق..