إن مرت ثلاث سنوات من عمر الثورة ولم تعتقل أو تصاب أو تهان أو تقتل فاعلم أنك حظيت بفرصة حضور الانتخابات الديمقراطية التي ستقام في سوريا والتي سيشارك فيها قائد المقاومة الممانع الكيماوي بشار الأسد!..
يمنى الدمشقي: أخبار الآن
لا يغيبنَّ عن ذهنك أن الانتخابات ستكون ديمقراطية بالشكل الذي يجب أن تكون به. فوفق ذلك وضع القانون السوري شروطاً لمن يود أن يرشح نفسه لرئاسة سوريا، كأن يكون المرشح متمماً للأربعين من عمره وأن يكون متزوجاً من سورية ولأبوين سوريين وأن يكون مقيماً داخل سوريا!
شروط ناقصة .. للترشيح
لكن الشرط الذي غاب عن ذهن البرلمان السوري أن يكون قد قتل مايقارب الربع مليون من شعبه وأن يكون قد ورث سياسة الإجرام والتنكيل وارتكاب المجازر من أبيه “حافظ الأسد” وأن يكون ساهم بتراجع الاقتصاد السوري 37 عاماً إلى الوراء بل واحتكر كل خيرات سوريا لصالح عائلة الأسد متغافلاً بذلك عن كل المآسي الإنسانية في سوريا.
وكأنه لم يكفِ سوريا مجازر الثمانينات التي ارتكبت بحق أهلها لتعود أمام مرأى العالم في بداية 2011 وليشهد العالم كله حرب إبادة على الشعب السوري حتى إذا ما جاء وقت الانتخابات انتخب الجميع بحرية، فحتى الشهيد يستطيع أن يصوت من قبره والمعتقل من سجنه والمهجر والنازح يستطيع التصويت في بلد النزوح، من خلال سفارات الأسد المغلقة في وجهه!
أما بالنسبة لنازحي المخيمات في الزعتري وكلس فلا قلق على حريتهم إذ يستطيعون أن يمارسوا حقهم الانتخابي بكل بساطة من خلال صناديق الاقتراع التي ستتم هناك كما تؤكد “بثينة شعبان” وهي مستشارة الأسد!
ومن تهدم بيته وأصبح العراء مأواه ومكانه فيستطيع أن يلتقط صورة له أمام منزله المهدم ويذهب بلباسه الرث إلى مراكز الاقتراع كدليل موثق على الإصلاحات التي قام بها الأسد طيلة هذه السنوات الثلاث!
بقيت لدينا مشكلة المحاصرين! فالنظام الذي قاوم إسرائيل وأحبط محاولات أميركا وقطر وتركيا بالسيطرة على المنطقة لن يعجز عن اختراع طريقة تؤمن لهؤلاء الناس ممارسة حقهم الانتخابي حتى وإن كانوا محاصرين أو مهددين بالموت جوعاً، فحسب تخمينات النظام يستطيعون أن ينتخبوا قبل الموت!
يعبر “جورج كدر” وهو أحد الكتاب السوريين عن استيائه بطريقة تهكمية من عدم تمكنه من ترشيح نفسه للانتخابات الديمقراطية! بعد أن أتم كافة الإجراءات اللازمة ليتفاجأ عند مراجعته للدستور السوري “العلماني” بأن المادة الثالثة فيه تنص على أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون مسلم الديانة!
ولم تخلُ الصفحات الاجتماعية “كالفيسبوك والتويتر” من بعض المنشورات والتغريدات التهكمية في الموضوع، إذ يصرح أحدهم ويدعى “خلدون” بأننا فقدنا الأرض والشعب، فالسيدة زينب لإيران والمخيم لفلسطين وكسب لأرمينيا وميناء طرطوس لروسيا والقصير لميليشيا حزب الله اللبناني “حالش”.. ذهبت الأرض وذهب الشعب، فمن سينتخب مَنْ وأين؟!
يقول الفنان والمصمم السوري “مصطفى يعقوب” أن ما يجري مسرحية ديمقراطية لتظهر مهزلة الانتخابات بطريقة جدية أمام الرأي العالمي، لكن حقاً المثير للسخرية فيها شبيحة الأسد ومؤيديه المصدقين لها والذين يتناولون المرشحين بأقذع الشتائم مشهرين بنادقهم في وجههم ومصنفينهم بالخونة وأعداء الوطن لأنهم تجرؤوا على هذه الخطوة!
ديمقراطية بلا حدود في بلد مليئ بالقيود!
لكن ومع كل هذا القتل والحرب المجنونة التي تعيشها سوريا نلمح فجوات من الديمقراطية تلوح في أفق الدستور السوري إذ ظهر بعض المنافسين للرئيس بشار الأسد وأبرزهم كان المرشح “ماهر حجار” وهو رجل أعمال من مدينة حلب و”حسان النوري” من مدينة دمشق.
أما الرئيس المنافس الحجار أدلى بتصريحات بأنه سيعطي صوته لبشار الأسد حتى وإن كان هذا على حساب نجاحه الشخصي! فبدلاً من أن تكون نسبة الانتخابات 99% ستصبح 100% فالصوت الإضافي هو صوت ماهر حجار!
قد يخرج علينا الأسد بوعود جديدة لسوريا القادمة فبعد تدمير ثلاثة ملايين منزل سيكمل تدمير بقية المنازل حتى تمسح البلد على الأرض ليعيد ترمميمها من جديد! عملاً بنظرية “نبدأ من الصفر”.
أما بالنسبة لأكثر 1500 مسجد مدمر وعشرات الكنائس، فإنه سيجعل الناس يتعبدون بمنازلهم- إن بقي منازل أصلا- حيث ستدمر باقي المساجد والكنائس. وعن4000 مدرسة دمرت وقصفت وعن خمسة ملايين طفل مهددين بمستقبلهم الغامض! فالأسد سيطمئن الجميع بأنه لن يبقى أطفال أصلاً لتدرس!
ليس المهم 220 ألف معتقل 85 ألف في عداد المختفين قسرياً، وبينهم 9500 طفل وأكثر من 4600 امرأة كلهم معتقلون في السجون، فعلى الأغلب كلهم سينتخبون سجانهم!
ليس المهم مايزيد عن 11 ألف شخص قتل تحت التعذيب فكلهم سينتخبون بقبورهم! ليس المهم 8000 امرأة مغتصبة، ولا الطلاب الجامعيون الذين حرموا من مستقبلهم بسبب نشاطهم في الثورة، وليس المهم من تيتم وتهجر وتشرد!.. الأهم من كل ذلك شعار الأسد الانتخابي.. انتخبوني كي أكمل المجزرة!