انا و الحمار وهواك
عند عودتي الى القريه في نهايه الاسبوع حيث كنت اعمل في احدى المحافطات و انتظر هذا اليوم بفارغ الصبر للعوده للاصدقاء و الاهل و الاحباب وحيث تعد الاسره الوجبات التي احبها من محاشي و طيور و لحوم كنت محروماً طيلة الاسبوع منها حيث ان اعتمادي الرئيسي اثناء فتره العمل علي الوجبات السريعه والشعبيه توفيرا للوقت و الجهد و المال خاصة ان المرتب لا يتحمل ترف الطهو.
دخلت البيت وسط ترحيب الاسره و لكن والدي طلب مني قبل تغيير ملابسي أن اصطحب الحمار الذي نملكه الي الوحده البيطريه حيث ان الحمار يعاني من اعراض لم تكن تظهر عليه من قبل، من فقدان شهيه و كسل غير طبيعي و عدم رغبه في العمل و كثره النوم. ركبت الحمار و هو يشعر بضيق و مضض متوقعا ذهابنا الي الحقل ولكنه عندما غيرت المسار اعتدل في سيره و احس ان هناك تغييراً في برنامجه اليومي فمن يركبه هو انا وليس الوالد الذي تعود علي ركوبه يوميا كما ان خط السير اختلف،
ذهبنا الي الوحده البيطريه و قطعنا كشفاً مستعجلاً و لم ننتظر طويلا ودخلنا الي العياده و انا ممسك بالحمار
جلست علي الكرسي وهالني جمال الطبيبه المعالجه فقد كانت ذات ملامح اوربيه من عيون زرقاء و شعر كستنائي وقوام استثنائي نطلق عليه نحن اهل الريف من المثقفين عود فرنساوي اما الشباب العادي يطلق عليه اسم فلكه. بمجرد ان بدأت في شرح حالة الحمار وهي تبتسم ابتسامه رقيقه احسست وقتها ان الشمس تشرق من بين ثناياها طمأنتي على حالة الحمار وقامت تكشف على الحمار اكلينيكا فوجدت كل اجهزه جسمه بحالة ممتازه واخبرنتي ان الحمار يمر بحالة نفسية صعبه و انه معرض للاكتئاب بسبب شعوره بالوحده
وحياته الروتينيه بين الزريبه و العمل الشاق في الحقل. سألتها و كيف عرفت ذلك؟
قالت ان الحمار جسمانيا في غايه الصحه و القوه فهو حصاوي و لكن الاعراض من عدم رغبه في العمل و الكسل تدل علي انه ملّ روتين الحياة
كان الحمار يهز راسه موافقاً على
كلامها. وتأييد كل حرف منه وهو ينظر بإعجاب لها
و قمه الغضب لي
سألتها ان كانت من اهل القريه؟
قالت لا انا من المدينه و اعمل هنا منذ سنتين بتكليف من الحكومه
طلبت منها روشته لعلاج الحمار من الاكتئاب
ابتسمت في رقه وهي تسوي شعرها الحريري المسترسل على وجنتيها و امسكت بالقلم حينها لاحظت انها لم ترتد دبله في يدها الصغيره البيضاء.
كتبت نوعاً واحداً فقط يسمي أتان
شكرتها بسرور و اتفقنا علي كشف اعاده بعد اسبوعين.
توجهت الى الصيدليه الملحقه بالوحده و سلمت الروشته للصيدلانيه المشرفه علي المكان و هي احدى قريباتنا من بعيد
ابتسمت و اخبرتني ان العلاج ليس عندها و لكن عند المعلم حسني ابو السيد تاجر الحمير المشهور بالبلد وعندما اخبرتها ان المعلم حسني لا يتاجر في الادويه البيطريه
ضحكت و قالت العلاج ان الحمار يتزوج
ذهبت الي والدي َ اخبرته بحاله الحمار و رغبته في الزواج و اتجهنا الي الحاج حسني
وقمنا بشراء اتان صغيره السن ووضعها في الزريبه مع الحمار حصاوي
غادرت القريه الي عملي و انا افكر في الدكتوره سالي و اتخيلها في كل لحظه
وتتردد علي مسامعي كلاماتها الرقيقه و كأنها قطرات ندى تتساقط على سطح أمرد
بعد اسبوعين عدت الي البيت و لم أجد اية شكوى من والدي بل كان سعيداً باداء حصاوي في العمل و انتظامه في القيام صباحا و اقباله على الاكل بدون رحمه من برسيم و تبن بل ان الجميع يتوقع ان يصبح حصاوي اباً في القريب العاجل
خرجت من المنزل متجهاً الى الوحده البيطريه بدون الحمار و قمت بقطع الاستشاره و دخلت على الدكتوره سالي و كانت ترتدي ملابساً انيقه جدا و بنطلوناً من الجينز من ماركه عالميه وتضع علي راسها نظارة شمسية من ماركة عالميه.
سالتني عن حال حصاوي و لماذا لم يحضر
اخبرتها ان حصاوي في احسن حال و ان علاجها أتى بنتائج سريعة ومبهره.
وسألتها هل يصلح هذا العلاج للانسان ايضا
قالت يصلح للجميع
طلبت منها روشته لي
فهمت ما اقصد
فكتبت عنوان منزلها في الروشته
و اسم الوالد و ميعاد المقابله
عدت الي بيتي واتجهت الي زريبه المواشي
فوجدتها مليئه بالعجول و لا توجد اناث
صحت فيهم بأعلى صوتي
يابهايم الحمار حس و انتو لسه محستوش
انتبه اخي عطوه الذي كان يقوم بعلف المواشي في الزريبه
ونظر الي مبتسما و هو يرد نيابةً عن العجول
هو فيه حد بيتجوز الايام دي غير الحمير
م محمود عبد الفضيل
مصر