انا ابن العشيرة

sheikhdoleymsoleymanلا ادري كيف ظهر الاخطبوط العشائري في العراق وتنحت الدولة له ليكون هو الدولة والوطن والانتماء.
ولكني اعتقد،وربما كنت مخطئا، ان هناك سببين لظهور هذا الاخطبوط، فالانتماء الى العشيرة يعني تجارة رابحة حيث يتصيد الكل اخطاء الآخرين من الكل ليجني الملايين من هذا الخطأ عدا سبايا النساء بالعدد الذي يجدونه مناسبا. اما السبب الثاني فهو انحسار وضعف الدولة التي بات المشرفون عليها يذرفون الدموع على الوطن نهارا ويمتصوا رحيقه ليلا.
مناسبة هذا الكلام صديق نقل لي صوته عبر الاثير من البصرة ليقول لي: انه تعدى الاربعين ولم يتصور في يوم من الايام انه سيبحث عن فخذ او بطن عشيرته ليعلن انضمامه اليها،وبعد ان ظنٰ-;- انه وجد مبتغاه وانه سيحس بالامان فظهيرته هي عشيرته التي تأكد انها فوق القوانين بل فوق العراق كله سينعم باحساس بالامان ولايهم بعد ذلك ان ارتكب خطأ بحق الآخرين بقصد او بدونه.
فهاهو الان يقود سيارته بثقة عالية بعد ان كان يرتجف حين يمر من امام عربة “لبلبي” خوفا من دهس صاحبها الذي ربما يتعمد الوقوف في طريقه ليقبض الثمن المطلوب ولايهم بعد ذلك ان حمل جبيرة في ساقه او يده، المهم انه سيقبض الدنانير التي تسد عوزه الى حين.
اين يتجه العراق بقيادة هذا الاخطبوط؟،حتما انه ينحدر الى اسفل القاع، قاع الهمجية والتخلف والرجوع الى الخلف بركضات تشبه الى حد كبير ركضة طويريج.
في هذه البيئة التي تعيش فيها جرثومة “الآنا” نجد ان وزارة التخطيط تعلن ان نسبة الامية في العراق بلغت 20بالمائة ويمكنكم ان تتصوروا كم عدد الاميين في بلد تعداده السكاني اكثر من 30 مليون نسمة.
وحين يقول لنا التاريخ ان اجدادنا السومريين هم اول من اخترعوا الكتابة،فهل يكذب التاريخ ام اننا نعيش حالة تزوير وخدر منذ الاف السنين؟.
وتحاول الدولة التي يشبهها احد الزملاء بغريق يمسك قشة لعلها تنقذه ان تقلل من نسبة الامية عبر فتح مراكز جديدة لاستقبال الاميين ولكن حتى هذه التجربة لم يكتب لها النجاح حين وجد الشباب فرصتهم للانخراط فيها،في هذه المراكز، للاستفادة من المخصصات المالية التي تصرف لكل امي يلتحق فيها،وادعى هؤلاء الشباب بانهم اميين بفعل الظروف المحيطة بهم حتى ان بعضهم حمل القرآن معه حين ذهب للتسجيل ليقسم امام الموظف المختص بانه امي لايعرف”راسه من رجليه” ،كل ذلك من اجل حفنة من الدنانير.
من هنا نجد ان الدولار هو القائد الاعلى بالعراق بل هو الديكتاتور بلا منازع ولايستطيع اي كان ان ينقلب عليه ويذيع البيان رقم واحد،اما الانتماء للعراق والتمشدق بالوطنية والنضال من اجل دولة مدنية ديمقراطية فهذه تحف فتح القادة المبجلون لها باب المتحف لتنام هناك.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.