نريد ان نقوم بمقارنة بسيطة بين تصرف أم مسيحية استقبلت جثمان ابنها الذي قتل بمعارك من اجل بقاء نظام عائلة الأسد المجرمة, مع تصرف ام درزية, ثم ام سنية بنفس الموقف, وهذه الصورة تغني عن آلاف الكتب التي تشرح وتبين كيف تعيش الأقليات وخاصة المسيحية منها صاغرة بسوريا (التي يدعي فيها المجرم بشار الاسد على انه حامي الاقليات), مع العلم أن الامهات الثلاث من نفس الطبقة الاجتماعية وتعيش كل منها في قريتها ذات اللون الواحد مسيحية او درزية او سنية.
أولاً: حالة الام المسيحية:
بعد سنتين من الغياب عاد الى بيتهم ملفوف بالعلم السوري، وتشرفت العائلة بزيارة المسؤولين في المحافظة من كبيرهم لصغيرهم. والكل يقول هاد يا خالتي فداء للوطن. ابنك شهيد. ارفعي راسك انت ام الشهيد ………
قامت وردت ام الشهيد المسيحية:
بسالمتكم يا ولادي, ابني راح فدى الوطن وانا مستعدة قدم بقية اخواته, ثم اصرت على ان يتناولوا الغذاء عندهم,,..
نحن هنا نفهم الام المسيحية بأنها تعلم أن ابنها راح ولن يعود, وهي تخاف أن يأذوا اولادها الباقيين إذا تذمرت او امتعضت او عبست, لانها تعرف بانهم اصحاب نفوذ وقادرون على اذية اولادها أكثر وأكثر, فتضع على جرحها ملح وتبتسم للمسؤلين وتحاول التقليل من خسائرها قدر الإمكان.
ثأنياً الأم الدرزية بنفس موقف الام المسيحية وهذا كان ردها:
هاد ابني بيت ما عندو، و زواج ما تجوز، وبولادو ما فرحت …. هاد ابني اللي تقدم لكل مسابقات الدولة تبعكم، وما قبلتوه بوظيفة لأن ما عندو واسطة !! هاد ابني اللي كان يموت من الجوع والبرد والحر وانتو شبعانين ودفيانين ! ! هاد ابني لما احتجتوه اخدتوه وما في عذر قبلتوه. هاد ابني مات، وما في محل الو بهالدولة لانو ابن فقير, هاد ابني اللي حرمتوني اياه منشان تبقو سارحين ومارحين… وانتو وين ولادكم !!!!! ابني بقي ايام بلا أكل وشهور وهو متحاصر انتو وين كنتو !!! هاد ابني جايين تتغنو انو شهيد !!! ابني مات قبل ما يستشهد !!!! موتُوه بقلة ضميركم بقلة وجدانكم !!!! ابني ما في شي بيعوضني عنو ! الوطن اللي عم تحكو عنو مو الو هوي، إلكم انتو انتو ياللي ما شفتوه وهوي عم يتسول حتى يقابلكم وانتو مشغولين وعندكم اجتماعات تعا بعدين !!!! ولك ابني راح واخد قلبي معو !!! الوطن اللي ما بيحترم ابني وهوي عايش ما بدي احترمو بعد ما بيموت !! عظم الله اجركم وشكر الله سعيكم على مشقة مغادرة مكاتبكم بعد فوات الأوان
من هنا نرى أن الام الدرزية تعرف بانه مهما قالت فلن يستطيعوا ان يأذوا عائلتها اكثر من ذلك, لأن لها زعيم طائفة له نفوذ و يستطيع ان يمنع عنها اي اذى محتمل من المسؤولين, لذلك استطاعت ان تقول لهم الاشياء التي كانت ايضا تريد ان تقولها الام المسيحية ولكنها فضلت ان تبقيها حسرة بقلبها خوفاً من اي اذى اضافي محتمل لابنائها الباقيين.
ثالثا الام السنية
لم يتجرأ اي مسؤول ان يأتي الى القرية السنية , وهم الاكثرية بسوريا, خوفا من يتم ذبحهم كالخرفان بفورة الدم من قبل الام ذاتها واهل القرية, لذلك ارسلوا الجثة مع اشخاص محليين لكي يتجنبوا الاحتمالات المرعبة لهم.
وفي الختام, هذه المواقف الثلاثة توضح كيف ان المسيحي يتسول اقل من حقوقه لكي تسير اموره بالحد الادنى, بينما الدرزي يأخذ ضعف ما يحصل عليه المسيحي من دون اي منية لأحد!!, بينما في حالة السني, فأن الدولة تداريه وتخاف من غضبه, مع العلم أنه في نهاية الأمر لا المسيحي , ولا الدرزي, ولا السني حاصل على كامل حقوقه كمواطن, لان سوريا تحت ظل نظام عائلة الاسد هي دولة بوليسية, ويحتكر قلة في السلطة الاقتصاد وتسرقه وتوزعه على المقربين واصحاب الذوات من الذين يخدمون النظام.