أمّي قارب عمرها عالسبعين..
عايشت بطفولتها فانوس الزيت و عربيات الخيل في زواريب اللادقية.. و شافت بصباها الاوتوموبيل عم يسرح بشوارع المدينة الضيقة ، و عاصرت بشبابها دخول التلفزيون على بيوت تكاد بتنعد على الأصابع ، و مشيت بحواري البلد و هيّة رايحة على مدرستها، دخلت سينما اوغاريت بمقاعدها المخملية العتيقة ، حضرت أفلام فاتن حمامة و سعاد حسني و حلمت تكون متلهون، أكلت درة مشوية على رصيف الكورنيش ، و فصفصفت بزر مع صاحباتها على كراسي قهوة شناتا، حبّت ، و انحبّت ، و أخدت اللي دء قلبها الو، و جابت اربع اولاد ربتهون على محبة بعضهون، عاشت لحظة ضب شناتيهون و هنن عم يتركوا ذكرياتهون و إرث عائلتهون، بكيت لما فقدت شريك عمرها ، لحقت ولادها بغربتهون، حضرت كل لحظة سعادة معهون و طبطبت على كتفهون بلحظات ضعفهون، انتقلت معهون من بلد لبلد لتربّي ولادهون، عينها على أحفادها و قلبها على ولادها و حلمها ترجع تموت ببلدها..
يحميكي و يخليكي يا أمّي ..