اليابانيون لا يبحثون في أكذوبة “عبقرية المكان “
من حسن حظ اليابان , وربما كان من أسرار نهضتها . انه لا يوجد لديها – كما لمصر – أستاذ في الجغرافيا اسمه جمال حمدان – . يؤلف كتاباً ضخماً يسميه ” شخصية اليابان .دراسة في عبقرية المكان .يخدع به مثقفيها . ويخلب ألبابهم . فيدورون حوله كما يدور الدراويش حول ضريح شيخهم ذي الكرامات والبركات.
اليابان لا تؤمن سوي بعبقرية الإنسان . ان ظهرت جعلت قيمة , ومكانة للمكان . وان غابت عبقرية الانسان راحت كرامة ومكانة المكان ..
عبقرية المكان أكذوبة . لا تخرج الا من بلد ينبت ثالوث الاعاقة والتعويق : ” متولي الشعرواي , وجمال حمدان . و محمد حسان ” ! – وكواكب أخري أصغر . من نفس النوع . مثل ملك ” الفقاقة “, وأمير منتجي ” الفيشار ” الداعية ” عمرو . خ ” .
وأخطر هؤلاء الثلاثة . هو من طرح في مؤلف واحد . ثمرة هي مزيج من” الجميز , والتفاح . والدوُّم , والحصرم واللوز , الحنظل والتين ” ..! باسم : ” فكر جغرافي “..!
ومن هنا فاليابانيون لا يستمعون لدجل فكري . يتحدث عن عبقرية للمكان .
لماذا ؟
لانه وقتما لمعت عبقرية الانسان المصري قبل الميلاد باكثر من الفي سنة . بني الأهرامات احدي معجزات الدنيا .
وعندما انطفأت تلك العبقرية لدي الانسان المصري . وخاصة منذ عام 1952 وحتي الآن . صار من بين أحفاد الفراعنة من يسيل لعابهم توقاً . لأجل هدم : تلك الأهرامات… !
تخيلوا (!!) ! .. ناس تبني معجزة لكل العصور والدهور .. وناس من أحفادهم . أحلي أمانيهم , وأجمل أحلامهم . في أن يهدموا تلك المعجزة ..!
والمكان هو المكان !.. الجغرافيا المصرية كما هي . لم تغيير ! فماذا حدث !؟ وما دخل المكان والجغرافيا هنا ..!؟ .
لا نود المزيد من الكلام عن نبي الجغرافيا عليه أفضل الصلاة والسلام ” دكتور جمال حمدان ” . . فقد نشرنا 17 مقالا * من أصل 30 مقال (1) عن نظريته العجيبة المسماة ” عبقرية المكان” ..
ولا نريد المزيد من الكلام عنه . خشية أن يُطّبق علينا حد الردة الثقافية أو ” حد الحرابة الفكرية ” ..
فمن وقت لآخر يخرج كاتب أو مفكر مصري . من المحسوبين ضمن العقلاء . ليكتب ,كأحد دراويش ” الطريقة الحمدانية الفكرية الجغرافية ” ناصباً حلقة ذِكر . حول اسم ” جمال حمدان ” !! .
لا نظن اليابانيين العقلاء يقبلون مبادلة بلادهم – وهي فقط ثلث مساحة مصر – ببلاد مخترع “عبقرية المكان ” ! – مصر – أم النيل . وقناة السويس التي تصل البحرين الأحمر بالأبيض . والواقعة بين ثلاث قارات .. و و .. الي آخر ما جملته سُمي بعبقرية المكان ..!
كلا لا يمكن أن يقبل اليابانيون العقلاء مبادلة بلدهم البعيد النائي , الصخري الجبلي الزلزالي البركاني الإعصاري – بكل تلك البلاوي ! – نظنهم لن يتنازلوا عن بلادهم في مقابل عبقرية مكان مصر . التي لا فائدة لها ما لم تحضر عبقرية الانسان
أما المصريون – قرابة 90 مليون حاليا – فتخيلوا معي انهم بادلوا بلادهم مع اليابانيين . بعد اتفاق بينهم ..
ورحل الملايين التسعون , المصريون . للعيش في قمة الحضارة الانسانية – اليابان – ذات القطار السريع الذي لا يتأخر عن ميعاده ثانية واحدة . وعلي درجة فائقة من النظافة – و و الخ .
فتري ماذا تتوقعوا أن يفعل المصريون باليابان ؟
هل سيعبروا عن سأمهم من ضيق المكان – ثلث مساحة مصر ! – رغم ان اليابانيين الذين يعيشون في ذاك الثلث تعدادهم (127 مليون نسمة ) احصاء عام 2010 ! ( يزيدون ب 40 مليونا عن تعداد المصريين ) ! .
وما توقعكم عما سيفعله المصريون السلفيون والجهاديون والاخوان . فور وصولهم للعيش باليابان – أمريكا الشرق – ؟!
لعل أول شيء سيفعلونه هو البحث عن كل مكان توجد فيه تماثيل بوذا . ليحطموها . ومعابده ليحرقوها . في سبيل الله واعلاء لكلمة الله . ولتطهير اليابان من الشرك والاوثان
!!!
وسيبحثوا عن فلول يابانيين غير مسلمين – بوذيين . مثلاً – – يكونوا قد آثروا البقاء باليابان – ليختلقوا لهم ذرائعاً , بسببها يطردوهم من قراهم . أو يحرقون بيوتهم , ومعابدهم , أو يطالبونهم بدفع الجزية .. , أو يخطفوا أطفالهم ويطالبونهم بدفع فدية ..!
ولعل المسيحيين المصريين لن يقبلوا الرحيل لليابان – كفرصة لهم للابتعاد عن الاخوان والسلفيين – ولكن الاسلاميين سيصرون علي أن يرحلوا معهم ليتمكنوا من مواصلة ممارسة الجهاد عليهم ( الاضطهاد ) هناك باليابان
أما المثقفون المصريون – بمختلف أطيافهم – فنتوقع انهم سوف يتظاهرون ويعتصمون . مطالبين بعودتهم لبلد عبقرية المكان , مرقد شيخهم وإمامهم . المفكر الفلتة ! ” الدكتور جمال حمدان ” مخترع نظرية عبقرية المكان . التي بز بها
اينشتين ونسبيته , وكافة المخترعين بمن فيهم ” اديسون ” .
!!
انظروا لطبيعة المجتمع الياباني والاحتلاف والتنوع ( منقول ) : ” تتألف اليابان من 47 محافظة – أكثر من 3 آلاف جزيرة – . ويمكن تقسيم هذه المحافظات على أساس الخلفية الجغرافية والتاريخية إلى ثماني مناطق . وتنفرد كل منطقة بلهجتها الخاصة وعاداتها وتراثها التقليدي. على سبيل المثال، تختلف منطقة كانتو التي تشمل طوكيو عن منطقة كانساي التي تضم أوساكا اختلافًا كبيرًا في كل شيء بدءًا من مذاق الأطعمة وحتى نوع الفنون التمثيلية التقليدية، ويستمتع الناس بتجربة الاختلاف والمقارنة بينهما ” ..
وهذا لا يمنع توحد الشعب كله . للنهوض ببلده وبحياته
هكذا وسط كل الظروف الصعبة , من جغرافيا قاسية . ومكان صعب للغاية . جعل اليابانيون من بلدهم جنة ونموذجاً يحتذي به أمام كل شعوب الارض .
!!
مصر بمكانها بجغرافيتها . في يد محمد مرسي , ومحمد بديع , وأم أيمن , وأم أحمد – .. بخلاف ما كانت عليه في يد رمسيس الثاني , أو حتشبسوت .. أومحمد علي
باشا وعائلته .. فرق بين الإنحدار والإنهيار . من ناحية , وبين التقدم والإزدهار ..
مصر بجغرافيتها في يد حسني مبارك . بخلاف مصر في يد الخديوي اسماعيل .. مبارك أثقل مصر بالديون بعدما نهبها هو وأولاده وأصدقاؤهم , وهربوا الأموال للخارج .. بينما الخديوي إسماعيل أثقل مصر بالديون لأنه عمرها وبناها . وفي النهاية وجد المصريون كل شيء بناه الخديوي إسماعيل . ملكاً لهم , بداخل بلدهم لم يهربه أحد .
وجيش مصر , عندما يكون في يد طنطاوي , أو السيسي , أو عبد الحكيم عامر . بخلاف ما كان عليه . في يد “. رمسيس الثاني ” . أو تحتموس الثالث . أو في يد ابراهيم باشا – ابن محمد علي
. فرق بين الهزائم المنكرة , والتضييع , والتفريط . من ناحية . وبين الانتصارات المظفرة . و مد حدود الوطن ليغدو امبراطورية – من ناحية أخري .
في مختلف كل تلك الحالات . لم يكن ثمة فرق في الجغرافيا والمكان .. بل الفرق في الانسان …
جيش مصر في زمن أنور وجيهان السادات . عبر القناة شرقاً بالكاد . ثم توقف ..
وجيش مصر في يد الملك أحمس وأمه الملكة إياح , بعدما طرد الغزاة الهكسوس . من عاصمتهم بشرق الدلتا المصرية – واصل الزحف حتي فلسطين . مطاردا الغزاة الهكسوس في داخل في حصن شاروهين وفتت شملهم هناك حتى استسلموا ولم يظهر الهكسوس بعدها في التاريخ, عام 1580 ق.م. – منقول – .
وجيش مصر بقيادة ابراهيم باشا – ابن محمد علي – وصل لحدود الامبراطورية العثمانية في تركيا , وانتصر علي جيشها !
وجيش مصر في عهد ” طنطاوي ” و ” السيسي ” . مصير سيناء ووضعها الحقيقي اليوم . غير معلوم بشكل مؤكد ..
وجغرافيا ومكان مصر في كل تلك الحالات والأزمان . لم يتغيران ! الذي تغير هو الانسان . فما دخل المكتن والجغرافيا !؟
ومصر في عهد السادات وحسني مبارك وقبلهما عبد الناصر – حوالي 60 عاماً – . فساد وفقر وجوع .. وحروب , وسلام مشروط برهن سيناء ..
ولكن مصر مع الملكة حتشبسوت : تميز عهدها بقوة الجيش والبناء والرحلات التي قامت بها. – 21 سنة في الحكم – من 1503 ق.م. حتى 1482 ق.م.:.
سلام مشرف مع دول الجوار . ورخاء للشعب في الداخل ..
كل ذلك وجغرافية المكان لم تتغير بشيء . بل في كل الحالات هي ثابتة .. والذي تغير هم الناس . القادة بالتحديد وبصفة خاصة . فالناس في الغالب , هم علي دين ملوكهم , وعلي نهج قادتهم
يا معشر الناس : المكان – الجغرافيا – مجرد مِغزل في يد الغَزّال . لا يهم ان كان المِغزل مصنوعاً من الذهب أو مصنوعاً من الحطب أو من الخشب .. بل المهم هو : براعة و فنية وإخلاص الصانع المبدع الغَزّال
!! وليس كل مُبدع اسمه ” بديع ” .. ولا كل من إسمه ” بديع ” هو بالضرورة مبدع ..
لذا لا تستمعوا لفكر دجلي , يزعم وجود شيء اسمه ” عبقرية مكان ” . تلك رومانسيات من النرجسية الوطنية . التي تصرف الشعوب عن العمل الجاد للنهوض ببلادها . و وتجذبها للانصراف نحو الاستغراق حتي الغرق , في تأمل جمال الذات الجغرافية المكانية ..
و من لا يصدق فيسأل اليابان .
*************************
هامش (1) آخر هذه المقالات التي كان عنوانها ” شاعر الجغرافيا . أفسد علماً , فجعلوه رمزاً ” المقال 17 نشر في الحوار المتمدن-العدد: 2507 – 2008 / 12 / 26
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=157533#