(بئس ما أبدأ به ‘سلامي بخيانة أمانتي)
د. عبد الرزاق عيد
في الجزء الأول من كتابنا ( سدنة هياكل الوهم / نقد العقل الفقهي –البوطي نخموذجا!!!) أسسنا منهجيا للكناب اعتمادا غبى ما يسميه الفقهاء المنهج الأصولي الإسلامي لنفده وتفنيده من الداخل ، وهو قواعدالنقل والرواية والعنعنة (أي التقل وليس العقل)…
فإذا كان علم الجرح والتعديل يرفض عشرات بل ومئات ألاف الأحاديث كالبخاري الذي يختصرها إلى مايفارب ثلاثة آلاف حديث ، بل ورفض مئات الاف الأحديث من قبل أبي حنيفة النعمان ، وما يصح عندة أكثر من سبعة أحاديث …فيعلن ( العقل إماما) قبل شيخ العقل العربي ( ابي العلاء المعري) بقرنين ، فتسمى مدرسته بـ (مدرسة الرأي) حيث سيسخفها الأصوليون ويلقبون أصحايها ( “الأرأتيون”- أي اصحاب الراي ( العفلانيون )، حيث سيغدو الإمام أبي حنيفة ( إمام مدرسة الرأي والعقل في علم الأصول والفقه ) طوال أكثر من عشرة قرون، حتى تبدأ مدرسة الإصلاح ( العقلانية الحداثية الدستورية ) وفق عنوان كتابنا عن الإمام محمد عبده الصادر عن مركز الدراسات والأبحاث في العراق….
ولذلك طرحنا على العقل الفقهي سؤالا كان الإشكالية المغرقية المركزية لكتابنا (محمدعبده إمام الحداثة والدستور) ، حيث صغناه بالقول : ( إذا كان بالامكان الطعن بصحة الحديث اعتمادا على الطعن بواحد من سلسلة الرواة) ، فكيف لنا وفق هذه القاغدة أن نصدق منهج العنعنة في رواية الحديث إذا كان المسلمون بكتاب سيرهم وفقههم وفواعد أصولهم لم يتفقوا على حقيقة متواترة حول (تاريح وفاة النبي) الذي اختلفوا في تاريخ وفاته على اليوم والاسبوع والشهر والسنة ختى الآن ….وهو ليس حديثا نبويا أو وافعة أو حادثا عابرا شهده النبي وأبدى فيه رأيا ، بل هو تأريخ وفاة أهم شخصية في تاريخ الاسلام حبث سمع بل وشهد الألاف من الناس هذا اليوم الفاصل في تاريخ الإسلام ، وهو حدث وفاة نبيهم الذي يتبعه مليار ونصف من البشر اليوم !!! فليس هناك إجابة على هذا السؤال – والأمر كذلك- سوى الرأي الذي إمامه العقل قي صبحه والمساء..
استنادا إلى هذه المعطيات التحليلية، لفت أنظارنا روابة واقغة إسلام ( أبوالعاض زوج بنت الرسول زينب ) عندما قبض عليه قرب المدينة يفود قافلة لقر يش ، فقبض عليه المفاتلون المسلمون وأسروه ، بيد أنه رفض اعلان إسلامه حتى لا تعتبره قريش أنه أسلم طمعا بالاستيلاء على أموالهم ، ففال المقاتلون المسلمون أنه إذا أسلم لن تعود أموال قريس (أمانة بل غنيمة )، فقال قوله الشهير : (بئس ما أبدأ به إسلامي بخيانة أمانتي )، ومضى إلى مكة وأسلم بعد تسليم الأمانات لكفارفريش …
هذه الرواية قرأتها منذ ربغ قرن في كتاب للمفكر المصري الصديق الدكتور ( سيد القمني) ، ولم يتح لي تقصي أصولها المرجعية في مصادرها الأصلية حينها، لأني كنت خارج سوريا بعيدا عن مكتبتي ..فظل يداخلني التساؤل حول هذه الرواية ، لأتها مروية في مصدر شديد الانحياز للعلمانية …حتى سمعت حديثا على إحدى الفضائيات للشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الاسلامي الوسطي، ورئيس جمعية علماء المسلمين في سوريا ، ففوجئت بهذه الشجاعة العلمية في رواية واقعة إسلام (أبي العاص) الذي أظهر وأعلن موقفا أخلاقيا فيه كل معاني النبل والفروسية في مواجهة فتوى إسلامية لعلها الأسوأ في تاريخ الإسلام ، سيما أنها تتصل بحادث فيه جدل وأخذ ورد حول السيدة ( زينب ) بنت النبي ، حتى البوم الذي تتهم فيه السيدة زينب بأنها ماتت على دين المسيحية ، ودفنها أبوها النبي بتابوت مراعاة لخيارها وإرادتها العقدية ( المسيحية ) تأثرا بأمها خديجة زوجة النبي وورقة بن نوقل، وقد سيق للنبي أن قبل فديتها لزوجها (أبي العاص) في موقعة بدر، عندما افتدته زوجته زينب من الأسر أيضا ، وهي قلادة أهدتها لها أمها (خديجة) في حياتها ، حيث أن هذه القلادة ستكون رمزا رائعا للحب، حب النبي لخديجة وابنته ، وحب زينب لزوجها (ابي العاص ) رغم أصراره على رفض دعوة أبيها للإسلام، فرق له ولها ولأمها خديجة قلب النبي وفق روايات السيرة، رغم التشويش الذي صاحب وفاة زينب بوصفها (مسيحية) بتأثير تربية أمها ( خديجة)، هذه المرأة العظيمة (خديجة التي لم يحب النبي ويخلص لامرأة بقدر ماأحبها واخلص وفاء لها، مما يمكن أن تعتبر من أجمل قصص الحب في التاريخ الاسلامي ( فصة حب النبي لخديجة – و حب زينب لزوجها “أبو العاص”) حبت كله حدبا وشفافية وإخلاصا وسموا، بغض النظر عن التشويشات المغرضة التي حاقت بهذا الحدث التاريخي ..
إن إيراد الشيخ لواقعة (رفض أبي العاص أن يبدأ إسلامه بخيانة أمانته)، هي مؤشر على أن الفكر الوسطي في الوقت الذي يتجرأ على قول الحقية التاريخية بوصفها معرفة ،لكنه لا يلبث أن يتنقل بسهولة بين الحقيقة التاريخية والتجربة الواقعية الذاتيةالشخصية ، حيث امتحنت أمانه الشيخ ( النابلسي) خلال حياته بالتعايش مع السلطة الوثمية الأسدية، فاحتل فيها موافع مسؤولية رسمية عليا بما فيها أن يقرله كتاب يدرس في المدارس الأسدية ، رغم أن الشيخ يعتبر أن السلوك معيار للأيمان وصدق النوايا، حيث حفظ الأمانة من أولويات إسلام المرء، لكن الشيخ هداه الله مع الثورة في أن يفترق مع زميله البوطي المنافق، فيؤيد ثورة شعبه السوري منحتزا أيديولوجيا معه الثورة ، لكنه لم يفارق منظوره المعرفي السلفي الذي يعتبر أن حكومة أردوغان كانت ثورة على العلمانية وانتقالا من الكفر إلى الإيمان، حيث يتشارك بذلك مع منظور الأخوان المسلمين الايديولوجي والسياسي الذين استقووا على رفاقهم في الثورة عير الحكومة التركية باسنبعاد التيار العلماني الحداثي ،فانتهوا إلى نظير بنيوي للسلطة الشمولية الأسدية، التي لا تؤمن سوى بوثنيتهاالسلطوية حتى ولو كانوا يحكمون حجارة أو يحكمهم الأعداء الخارجيون المستغمرون ( كروسيا وإيران )، فهم يؤمنون بكل الموقف حتى المتنافضة على فاعدة انهياراتها المعرفية، فيتوافق معهم الشيخ تحت وهم الوسطية والانفتاح البيرغماتي السلوكي حنى دون معرفتهم وادراكهم لمعناه معرفيا واصطلاحيا ..ينبع