الهياط والبذخ والإسراف بالنعمة

أغنى رجلين بالعالم ثروتهما تعادل ميزانية 30 دولة, وعزموا بعض وهذا عشاهم, ولا شفنا هياط ربعنا

أغنى رجلين بالعالم ثروتهما تعادل ميزانية 30 دولة, وعزموا بعض وهذا عشاهم, ولا شفنا هياط ربعنا

إستكمالاً للصورة عن (الهياط) والبذخ والإسراف بالنعمة، أود أن أذكر لكم موقف تعرضت له ولكن قبل ان أذكره لكم أقول بأنني تربيت في عائلة بعيدة عن البذخ والمظاهر حتى بالأفراح والمناسبات الكبرى كالزواج او حفلات التخرّج والخطوبة.. الخ.
لذا تعلمت من الأسرة عن الإسراف بالطعام بأنّه حرام وحرمته توازي حرمة السرقة ، اذاً وانا طفل كنت استغرب كثرة الطعام بالولائم التي يقيمها الجيران او الأقارب ، وكان استنكاري هذا من منطلق ديني آنذاك فالأكل الكثير يضايقني واسأل نفسي أين سيذهب باقي الأكل ولا زلت اسأل نفسي حتى هذا كلما جلست على مائدة للطعام فيها عشرة أصناف خمسة منها لا تمسها الأيدي!
وعندما يدعوني أحدهم على مأدبة عشاء اقامها لي انا، اشترط عليه ان كان يرغب بحضوري عدم الإسراف واقول له ( عشا البيت بس!) فأنا لا أريد الإسراف ولا ان اكلف هذا الشخص ما لا يطيق مادياً .

الموقف:
ذات مرّة عزمت ثلاثة أشخاص كانوا زملاء عمل قبل عشرة أعوام ولم التق بهم الا بعد خمسة أعوام بسبب انتقالهم لمناطقهم التي جاءوا منها..رتبت ونسّقت مع اختي الماهرة بالطبخ بأن تصنع لنا عشاءً بسيطاً دون اي مبالغة ولا اسراف ، عشاء يكفي لأربعة فقط . المهم جاء وقت العشاء ودعوت الضيوف ليتناولوا طعامهم وكانوا معتقدين بأن عشائهم سيكون خروفاً منبطحاً على صحن يتسع لعشرة أشخاص، لاحظت عدم رضاهم عن الوجبة المقدمة لهم لأنهم أكلوا قليلاً يبدو كمجاملة، البدوي الغارق بالإسفاف والإسراف بالولائم ومن اعتاد على ( المفطحات) يستعيب نوع الضيافة الذي قدّمتها لهم اذ يرٰ صحون الضيافة من دجاج وخضار وبعض أصناف المعكرونه وشيء من الحلوى إهانة لمقداره وقيمته، بعد الوليمة بسنتين وجدتهم عند اصدقاء بإستراحة وكنا نلعب ( البلوت) فلما هزمته وصاحبه انفعل كثيرا ولم يجد ما يعيبني عليه الا الوليمة التي أقمتها لهم، وقال بالحرف: : هالحضري القصيمي عزمنا على دجاج اخس با بخيل قصمان ماعليكم شرهه تدورون الريال بطيز الكلب وتحفظونه بطيز الحمار!
أخرج الشاب البدوي ما يحمل بداخله من استنكار خامل منذ سنتين لينشط عندما اغتاظ من الهزيمة البسيطة!
الموقف الثاني عزمني صديق من الجنوب ومعروف عن اهل الجنوب كرمهم ، وفوجئت بأنه وضع خروفا محشياً على الصحن فضلاً عن أصناف أخرى من المأكولات الشعبية كالسليق والجريش والقرصان. قلت اتفاقي معك بأن يكون من عشاء البيت فصار يقسم ويحلف واعطاني محاضرة بأن عاداته القبلية ترفض تقديم طعام بسيط للضيف ولو علموا جماعته بذلك لطعنوا في رجولته وشهامته بل عابوا منزله!

جميلة صفة الكرم ولكن تصبح صفة قبيحة جدا عندما نجد مبالغات بالكرم بشكل سافر ومؤذي جداً..انا كريم عندما ادعوك الى عشاء او غداء لكن لا تقيس كرمي بنوع الأكل الا يكفي تقديري لك عندما دعوتك للعشاء؟
كن كريما بإعتدال وليس بتطرّف.

About عبد العزيز محمد - فكر حر

عبد العزيز مفكر سعودي حر
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.