نرتب الهدايا، ندقق في تفاصيلها ، ونقول لو ان الوشاح كان حقيبة للسفر، او ان الحقيبة كانت كيسا من الأرز.
الحرب لا تحجب الهدايا، ترتبها وفق أولويات طارئة، الحرب ترتيب حاذق للأولويات لاكتمال تفاصيل الهرب من الموت.
الأكثر قهرا هو غياب صاحب العيد، الأب ، الأم، الابن ، الأخ ، الصديق.
حينها يفيض الدمع، وتحضر الحرب بسطوة مستبدة.
في الحرب يصير المقطع الصوتي غارة غاشمة إن لم يكن مناسبا لاستقطابك، تتوه العروض التلفزيونية مابين كاره ومصدق ومؤكد وساخر..ثمة تجييش فاقع ورؤية مشوشة.
لكن جمهور السينما ، يتابع الأفلام الجديدة ، يتبادل عشاقها أسماء المخرج والمصور والممثلين والموسيقي وصانع الحيل السينمائية ، يحافظون على شغفهم بالسينما، يعيشون خياراتهم ويقارنون بين سينما بوجه اليف وسينما بوجه ملتبس وغريبة.
والأدهى والأكثر رعبا عندما تصير الحرب ثيمة للمناورة، فرصة للتحايل أو للتذاكي الغبي او لتصبح مخرجا بجوائز وطنة ورنة بين ليلة وضحاها وأنت لا تفرق أساسا بين الانتاج والمونتاج.
هي الحرب تدوس كل المشاهد وتخالف رغبة كل المشاهدين لتعلن انطلاق المعركة وانتصار البطل المطلق، وياله من بطل! شخصية كرتونية بدم غزير وخطاب رنان رديء وحفنة من ذاكرة مؤقتة وختام ملحمي لغارة فاشلة.
الحرب مجرد ترتيب أولويات للبقاء، العرض مستمر، والممثلون جاهزون للعب دور الميت والحي والقائم من قلب الرماد…
لاشيئ يمنع هدية تعلن بقاءك على قيد الحياة، لاشيئ.
ابق على قيد النجاة وتمتع ببقايا وجبة هزيلة هدية لصمتك الموارب..فصانع أفلام الحرب يريدك حيا حتى الغد ، الغد هو موعد بداية تصوير فيلمه الجديد عن الصمود في زمن الحرب..
اصمد جيدا لتصبح بطلا على الشاشات..والهدية عيون مطفأة وحلم ميت و بطن خاو وشهادة تقدير ..
اجل شهادة تقدير ! فالهدايا لا تتوقف وإنما يعاد ترتيبها.
سلوى زكزك: اديبة سورية