الهدامة
جاء سيل شديد على القرية ، قرية التمور ومن حولها ، وفي قرية التمور حيث العم حمدان ، يسكن فوق تلة عالية وبجانبه قلعة الرهبان ، وهكذا هدم ما هدم ، وتلف ما أتلف من المحصول ، وكان الجو شتاءا .
فلهذا لم يتأثر موسم التمور ، وإنما تأثرت الفواكه والمزروعات التي تساقطت على الأرض وتكسرت غصون الأشجار .
وهرع أهالي القرية والقرى المجاورة للقلعة المستضيفة وتلة العم حمدان وبيته ونصبت الخيام ، وأدخلت النساء والأطفال للخان والكنيسة المجاورة ، وقاموا بإيواء الجميع وتوفير الماء والطعام ماتيسر منه لكثرة القادمين .
واجتمع الجمع الصالح في المساء يقدمون الشكر للمضيفين وأول ماطلب العم حمدان ان مجموعة من الرجال تعود للقرى لحمايتها من الأغراب واعدت لهم العدة لذلك .
ثانيها طلب العم حمدان من كافة القادمين المساعدة في جمع الفاكهة الناضجة وغيرها ، وجمع الأغصان وهكذا فعلوا وتم جمعها في الخان لكي توزع على الموجودين ، والغير ناضجة دفنت في الأرض لكي تكون سمادا.
المشكلة الآن في كمية الطيور والحيوانات الجائعة فقام الجمع الصالح. بنشر الحبوب فوق البيت والتلال وهكذا جاءت غيمة صغيرة من تلك الطيور شاكرة فرحة بان تلك القرية تذكرتهم .
وفي المساء سألوا العم حمدان عن لماذا نشر الحبوب هكذا فقال لكي تنمو المحاصيل والأشجار تحتاج الى لحن الحياة الطبيعي وهو تغريد الطيور ، فتصوروا في الصباح عندما تجلسون ولا تسمعون تغريد الطيور ، لانريد ان نفقد الجمالية في حياتنا .
والشيء الذي حدث الآن هو انتشار وباء المحبة بين الشباب والشابات مما أربك العوائل ، وهكذا قررت النساء الاجتماع من زوجة المختار وزوجة العمدة وبعدها اجتمعوا مع العم حمدان لانه كبيرهم وصاحب الرأي والمشورة ، وأبلغوه بما يحدث والخوف من السلوك الطائش ، فقال لهم قبل ظهور القمر سوف يكون لديكم خبر .
فكر العم حمدان وقال هذه الفرصة فهنالك نزاع بين تلك القرى ، وهذه الفرصة للمصاهرة وخصوصا حب أحدهم بنت الخوري ، فضرب عصفورين بحجر .
ففي يوم الاثنين أمر خازن المال و (( السر كال )) المسؤول عن شؤون رعاية الفلاحة والقصر بإخراج ماتيسر من طعام وماشية وارسل على كبيرة الطهاة وخائط الملابس .
وطلب من زوجته أعداد عشرين غرفة منفصلة خلال ثلاثة أيام العرسان .
وارسل على الجميع وبعد شرب القهوة ، وأكل التمور ، وقال العم حمدان اني اليوم في اختبار محبتكم لي فأما أنا عزيز القوم او ذليل القوم .!.
فقام كبيرهم وقال حاشا الله عن قدرك انت تأمر ونحن مستجيب .!.
فقال أتو المختار وأهل العرسان وقاضي المدينة والإمام واخوتنا الرهبان ، غداً في المغرب العشاء .
وأتى الجمع الطيب ، فقال اني اطلب من جميع الشباب والشبان الذين اختاروا بمشيئة الله في الزواج الوقوف مع عوائلهم ، فوقفوا ، وقال لنقرأ الفاتحة .
وبعد ذلك الذي يوافق على زواج بناته من العوئل المتقدمة للزواج يأتي للسلام علي ومعانقتي اما الذي لا يرضى بذلك فليجلس في مكانه (( فلا إكراه في الدين )) .
فقال وجهاء القرى الملتجئة لقرية التمور وقالوا بناتنا هن بناتكم واعرضكم وأمانة في رقبتكم ، فهلهلت النساء ، وتعالت كلمات الحمد والشكر لله وتم كل ما أراد العم حمدان من مصاهرة القرى والأهالي فيما بينهما ، ولم يعترض الخوري على زواج ابنته ، وقال عندما أرسلت لي خطابك تذكرت ان المصاهرة بين الأخوة واجب مقدس وما يبعدنا عن طريق الآلام ويمتن السلام ، ونحن لانتصاهر وإنما ننفذ مشيئة الله …