بقلم شيرزاد اليزيدي/
كالنار في هشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة الكردية والعالمية انتشر مقطع فيديو لعناصر من الجيش السوري “الحر” وهم يسطون على بيوت قرويين في عفرين، حاملين معهم بضع دجاجات وديوك رومية مع تنكة زيت زيتون عفريني وبيض بلدي. وخلال سرقة كل دجاجة وبيضة في هذه الغزوة “المباركة” كانوا يطلقون صرخات: “العزة لله! هذه غنائم من الأكراد الكلاب! تكبير!”.
الأمر الصادم إلى حد القرف حجم الغبطة على محياهم. إذ علت على وجوههم الضحكات الصفراء وهم يعلنون الافتخار بالإنجاز العظيم: الاستيلاء على دواجن وزيوت نباتية من بيوت آمنة تم قتل وتهجير سكانها الأبرياء.
تكرار عمليات السرقة، أدت إلى رواج دعابة تنقل عن لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن الحملة ستستمر حتى سرقة آخر دجاجة في عفرين.
يحار المرء هل يضحك أم يحزن أمام مشهد سريالي بالغ الانحطاط كهذا. هل يجب على الكرد وكافة شعوب الشمال السوري التذمر أو الامتنان لكونهم يواجهون غازيا رخيصا ومبتذلا إلى هذا الحد؟ خصوصا أن أحد المشاركين في عملية السرقة، يقول في شريط الفيديو ـ الفضيحة: “هذه ثمنها 25 ألف ليرة مليئة بالزيت الأصلي”، في إشارة إلى تنكة الزيت التي سرقوها أو اغتنموها بحسب الرطانة الجهادية.
مجموعة من الملتحين تمارس السرقة والقتل بكل وقاحة ودم بارد، تستخدمهم وتجندهم دولة أجنبية كمرتزقة لتحقيق أطماعها في احتلال واقتطاع الشمال السوري اتساقا مع الميثاق الملي الذي ينص على أن حدود تركيا حيثما تطأ أقدام الجنود الأتراك. الحديث عن الأطماع “التاريخية” التركية في الموصل وحلب وعموم مناطق الشمالين العراقي والسوري ليس من باب التهويل والمبالغة بل إننا إزاء سياسة توسع واحتلال معلنة.
فالأناشيد العثمانية التي رافقت الغزو التركي لعفرين ورفع العلم العثماني في الجبهات واستخدام مرتزقة من أقوام أخرى، تكرار للتقليد العثماني القديم. وهذه كلها إشارات إلى تورم إمبراطوري خطير، لا يتورع عن اعتماد سياسة الإبادة وإرهاب الدولة في سبيل إعادة إحياء رميم سلطنة ساقطة، لم تجرّ على المنطقة وشعوبها سوى التخلف والمجازر والدمار. وإذا كانت الإبادة الأرمنية، مطلع القرن الماضي، محاولة لإنقاذ الرجل المريض من موته المحتوم، تحاول الجمهورية التركية في طورها الانحطاطي الأردوغاني، الذي يجمع النزعتين الكمالية والعثمانية في خلطة فاشية دموية، إبادة الكرد في محاولة لإنعاش الجمهورية النيوعثمانية.
لكن تضخم الأنا السلطانية لدى أردوغان يقابله في أرض الميدان والواقع تقزم وتفاهة بلا حدود. فرأس حربة إعادة بناء امبراطورية آل عثمان في الألفية الثالثة مجرد لصوص دجاج أو “حرامية فراخ” بحسب التوصيف العذب للعامية المصرية، وهي عبارة لطالما ترددت على مسامعنا في الدراما والسينما المصريتين.
شبكة الشرق الأوسط للإرسال