النفس الشريرة والنوم ونيشه !
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
عنواني مقتبس من تعليق لصديقنا العراقي الكبير / يعقوب إبراهامي , على أحد طالبي الشهرة بأيّ ثمن , حتى ولو بقطع إذنهِ مثلاً أو كشف عورتهِ أمام الجمهور بإستخدام طريقته المفضلة / سيل من الشتائم من بداية مقالهِ ( الهراء ) الى نهايتهِ .
لايعطي لنفسه فرصة إلتقاط الأنفاس حتى بكلمة طيّبة قد تقود الى محبة وسلام , تحتاجها نفسهُ القلقة . وتحتاجها طبعاً منطقتنا البائسة وشعوبها المُبتلات بالكثير من المسوخ /أدعياء , طُغاة , بُغاة , مُؤدلجين عراة .
وهذا النوع الأخير تملأ دواخلهم الفوضى والعقد النفسيّة فلا يمرّون بلحظة سعادة .
تبقى نفوسهم حائرة قلقة متوثبّة ( المؤامرة تُطاردهم ) تخشى ضمائرهم أيّ شيء وكلّ شيء .
يُقلقهم نجاح الآخرين , كأنّ ذلك النجاح ينتقص من دمائهم وكرامتهم التي أهدروها عامدين متعمدين لينالوا بدلها ولو (تعليق تأييد ) من عابر سبيل !
********
مقتبسات من كتاب نيتشة / هكذا تكلّم زرادشت / ترجمة علي مصباح
{ كان يتحدث عن البلهلواني الذي سيعبر الحبل المعقود بين قلعتين }
يقول :
الإنسان حبل معقود بين الحيوان والإنسان الأعلى . حبل فوق هاوية .
خطير هو العبور الى الضفةِ الاخرى .
خطير مسلك الطريق .
خطير النظر الى الوراء .
خطير هو الإرتعاش , والتوقف خطير !
ماهو عظيم في الإنسان إنّما كونهِ جِسراً لا هدفاً .
مايمكن أن يكون جدير بالحُبّ في الإنسان , هو كونهِ مَعبَراً وصيرورة إندثار .
اُحّب أؤلئكَ الذين لا يتطلعون للنجوم بحثاً عن مُبرّر للهلاك وللتضحيّة بأنفسهم , بل يُنفقون أنفسهم لصالح الارض كي تصير الأرض مُلكاً للإنسان الأعلى في يومٍ ما .
{ أظنّ نيتشه يسعى بجميع البشرية لتصل الى مرحلة الإنسان الأعلى , ربّما هي دولة الحريّة والرفاهيّة والعدالة والمساواة , التي تفوق حتى أحلام وآمال الكبار كماركس }
ويضيف نيتشه على لسان زرادشت
اُحّب ذلك الذي لا يرغب في كثير من الفضائل , إذ في فضيلة واحدة أكثر فضيلة ممّا في إثنتين . لأنّ تلك هي العقدة التي ينشَدّ إليها القدّر !
اُحبّ ذلك الذي يُسرِف في تبذير روحهِ , الذي لا يُريد شُكراً ولا يقضي ديناً , إذ هو يَهبُ دوماً ولا يُريد الحفاظ على نفسهِ .
اُحب ذلك الذي يخجل عندما تكون رمية الزهر لصالحهِ و الذي يسأل نفسهُ / إذاً هل أنا غشّاش ؟ ذلك أنّهُ يُريد المضيّ الى حتفهِ .
أحبّ ذلك الذي يلقي بوعود ذهبيّة تستبق أفعالهِ , ويفي بأكثر ممّا يعِدْ , ذلك أنّهُ يريد هلاكهِ .
اُحبّ ذلك الذي تكون روحهِ عميقة حتى وهو جريح .
أحبّ ذلك الذي تطفح روحهِ إمتلاءً بحيث ينسى نفسه , بينما الاشياء كلّها في داخلهِ , وهكذا تكون الاشياء كلّها حتفهِ .
اُحّب ذلك الذي يكون عقلاً حراً وقلباً حراً , هكذا يكون رأسه أحشاءً لقلبهِ
{ ثمّ ينتقد نيتشه بعض الغوغاء الذين لايفقهون كلامه ِ } يقول : ربّما لستُ الفم المُناسب لهذهِ الآذان !
***********
عن منابر الفضيلة / ينقل نيتشه عن لسان حكيم النوم , مايلي :
ليس عملاً سهلاً هو النوم , على المرءِ أن يُهيّ نفسهُ لهُ بالصحو طوال النهار .
عشر مرّات في اليوم عليكَ أن تتجاوز نفسكَ , فذلك يمنح تعباً جيداً , هو زهرة الخشخاش المُهدّئة للروح !
عشر مرّات عليكَ أن تتصالح مع نفسكَ , ذلك أنّ المُغالبة مرارة .
والذي لم يتصالح مع نفسهِ نوماً قلقاً ينام !
عشر حقائق عليكَ ان تجد في نهاركَ , وإلاّ فأنّكَ ستبحث عن الحقيقة في ليلكَ أيضاً , وتظّل نفسكَ على الطوى !
عشر مرّات عليكَ أن تضحك في يومكَ وتكون فرِحاً , وإلاّ أزعجتكَ معدتكَ ليلاً , بيتُ الداءِ واُمّ الأحزان .
{ ربّما الرقم عشرة ذو صلة بالوصايا العشرة }
قليلون هم الذين يعرفون هذا , لكن على المرء أن يكون حاملاً لكلّ الفضائل كي يهنأ في نومهِ .
سلاماً مع الله و جاركَ ذلك ما يبتغيهِ النوم الجيّد .
وسلام حتى مع جارِكَ الشيطان , وإلاّ ظلّ يقّض مضجعكَ طوال الليل !
إحترام السلطة وطاعتها بما في ذلك ماكانَ سلطة معوّجة , ذلك ما يتطلبهُ النوم الجيّد .
لكن ما ذنبي أنا إذا كانت السلطة تُحبّذ السير على قدم عرجاء ؟
{ أظنّ نيتشه يقصد إطاعة القانون عموماً وليس السلطة خصوصاً }
أخيراً يقول نيتشه بخصوص النوم
إنّ علاقات محدودة أحبُّ إليّ من رفقةِ السوء , لكن على أن تأتي وتمضي في الوقت المُناسب , ذلك ما يتلائم ونوماً جيداً !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
23 أبريل 2012