( ان كان ماء البئر مالحا ، فبقاؤه من هدمه سواء . / كاتب المقال )
النص :
في فكرالمعتقد الأسلامي ، يبقى المصدر أساسا وأنعكاسا لصورة الحاضر ، وأن كل ما تشكل من منظمات أرهابية في العقود الأخيرة ، هو نتاج لذاك المصدر الأظلم ، وأن ما حدث من تطورات في المنظمات الأرهابية ، كان ليس غريبا على القارئ الجيد للموروث الأسلامي / من نصوص وأحاديث وسنن ، لأنه كان رد فعل لهذه النصوص ، والمنطق يقول ، أن قراءة الماضي يجب أن يبحث وفق ظروفه الزمكانية ، وأن يترك هذا الماضي في حقبته الماضوية دون أي تأثير أو مساس لواقع الحاضر ، ولكن في نهج المعتقد الأسلامي ، وفي خطابه المتطرف المتزمت ، من قبل شيوخ الوهابية خاصة ، فأن قراءة الماضي يشكل أهم تصورات الحاضر ، وهذا منعطف أكثر من خطير على السلم المجتمعي ، فقراءة النص التالي ، مثلا : (( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين 191 فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم ( 192 ) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ( 193 ) / سورة البقرة )) ، نرى أن القارئ للنص ، لا يذهب الى سبب النزول ، أو الى التفاسير التي جاأت بهذا النص ، ومنها مثلا ، تفسير الحسين بن مسعود البغوي (*1) ، ولكن ما يشده هو الفعل الذي نصت عليها الأية وهو ” القتل ” ، ونفس الحال في قراءة الحديث التالي (( عن أبي هريرة ، عن النبي قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله )) ، فأن القارئ يؤمن وفق النص بأن أسلمة العالم أجمعين ، واجب ديني مقدس ، والمسلم الملتزم مكلف به ، دون ما قاله المفسرين ، ومنهم ما ورد عن الأمام أبن باز (*2) .. أذن نحن أمام معضلة شقيها ” بعضا من النصوص القرأنية والأحاديث والسنن ” ، و ” الفهم الألي الذي يتلقفه الأرهابيون المنضوين تحت منظمات جهادية مختلفة ” ، منها الأخوان المسلمون ، القاعدة ، طالبان ، بوكو حرام ، شباب الصومال ، النصرة وداعش وما ولد من أرحام كل ما سبق !! .
القراءة :
1. النصوص أعلاه وغيرها الكثير ، تهدد الأمن والسلم العالمي ، وتعمل على تفعيل الحروب ونشر الفتن وبث الكراهية ، وذلك لما لها من تاثير على العقل البشري ، فهي نصوص لها مفعول سلبي على الفكر والاخلاق ، لذا أرى أن هكذا نصوص يجب أن تجمد أو أن تحجم من أجل تفعيل التعايش والأخاء وتمتين المواطنة .
2 . كما أن هذه النصوص هي مصدر تأخر وتخلف مجتمعي ، فهي نصوص تعمل على خلق دفعة ورائية الى عصر البداوة والعصبية القبلية ، لأنها نصوص من عصر أخر ، نصوص لها ظروفها الزمانية والمكانية الخاصة بها ، والتي تغاير تماما ما يعيشه الفرد في القرن 21 .
3 . السؤال الذي يتبادر للذهن ، ما هي غاية الشيوخ ورجال الدين والدعاة المتطرفين المكفرين / المريضي العقل ، من تفعيل هكذا نصوص ، وما هو رد فعلهم من كل ما يحدث من قتل وخراب و عنف وتفجير نتيجة تفعيل هذه النصوص ، والتي غيرت مفهوم الحياة لدى الكثيرين .
4. (( أني أرى أن تلكم النصوص ، وما يدور بفلكها البنيوي العديد ، هي المصدر المغذي لثورة القتل والعنف والتوحش لدى المنظمات الأسلامية الجهادية ، وهي التي أولدت ما يسمى بثقافة القتل لديهم ، وأن كل ما نشأ أو ما تشكل أو ما تكون أو ما أوجد من تكتلات هو ك ” حكومة ظل ” لهذه النصوص ، لأن الجهاديون يقتلون بفعل هذه النصوص ، وذلك لما تمثل هذه النصوص من قوة وفرض وألزام في التطبيق على العامة من المسلمين أكثر من القوانين الوضعية ، أن النصوص أعلاه هي التي تمنح الشرعية الدينية ، بما لها من ألزام ، للمنظمات الأرهابية الجهادية ، في ممارسة القتل المتوحش ، والتي مثلتها مجازيا ب ” حكومة الظل ” في تنفيذ مضمونها العنفوي ، وليس من أمل في القضاء أو تصفية هذه المنظمات دون أبطال النصوص المحركة أو المفعلة لها !)) .
5. (( أن ” حكومة الظل ” / المنظمات الأرهابية الأسلامية ، تجاهد وتحارب وتقتل ، ب ” الأنابة ” عن نصوص كتبت قبل 14 قرنا ، وليس من مجاهد أو أنتحاري يملك ” جوابا شافيا أنسانيا ” لم يقوم بقتل المخالف له دينيا ، أو المخالف له مذهبيا أو طائفيا ، ولا يملك حتى المنظرين لهذه المنظمات من أدلة توجب على هذا القتل !! .. أرى أن المنظرين الأسلاميين ، المتطرفين منهم ، يتحملون الذنب الأعظم في هذا الصدد ، ويقف في مقدمتهم شيوخ الوهابية ، وختاما أقول ” أن وقف الأرهاب يتطلب أولا وقف ينابيعه ” !! )) .
—————————————————————————————
(*1) قوله تعالى ) : واقتلوهم حيث ثقفتموهم ( قيل نسخت الآية الأولى بهذه الآية وأصل الثقافة الحذق والبصر بالأمور ، ومعناه واقتلوهم حيث بصرتم مقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم ( وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) وذلك أنهم أخرجوا المسلمين من مكة فقال أخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم/ ص 214) ، والفتنة أشد من القتل ) يعني شركهم بالله عز وجل أشد وأعظم من قتلكم إياهم في الحرم والإحرام ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم” قرأ حمزة والكسائي ” ( ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم ) بغير ألف فيهن من القتل على معنى ولا تقتلوا بعضهم تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم وقرأ الباقون بالألف من القتال وكان هذا في ابتداء الإسلام كان لا يحل بدايتهم بالقتال في البلد الحرام ثم صار منسوخا بقوله تعالى ، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) هذا قول قتادة وقال مقاتل بن حيان قوله ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي حيث أدركتموهم في الحل والحرم صارت هذه الآية منسوخة بقوله تعالى ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام ، ثم نسختها آية السيف في ( براءة ) فهي ناسخة منسوخة وقال مجاهد وجماعة هذه الآية محكمة ولا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم.. / نقل من موقع المكتبة الأسلامية .
(*2) هذا الحديث صحيح ، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر قال : سمعنا الرسول يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى… ، الحديث ، وهذا على ظاهره ، فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بهما قبل ذلك ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلماً حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام ، يعني إلا بما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك ، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا ؛ إن كان بكراً فبالجلد والتغريب ، وإن كان ثيباً فبالرجم الذي ينهي حياته ، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة فيطالب بحقوق الإسلام ، وهو معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام ، أو بشيء يوجب الحد عليه ، وهكذا قوله في الحديث الآخر عن أبي هريرة عن النبي قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله .. / نقل من موقع الأمام بن باز .