مدونة د. خالد منتصر
أرسل لى د.قطب عباس، أستاذ «سكر الأطفال» بطب أسيوط، هذه الرسالة المأساوية المخجلة التى تعرى سماسرة الطب ودجالى الصحة ممن انعدم لديهم الضمير وماتت الإنسانية، يقول فى رسالته: وصل انعدام الضمير إلى النصب على أسر مبتلاة فى أطفالها بمرض السكر تحت شعار براق اسمه العلاج بالخلايا الجذعية، ويتم ابتزاز الأسر بمرضهم والضغط عليهم واستجلابهم ثم استحلابهم وهم حالمون بالشفاء التام والتخلص من الحقن والمتابعة، مع أنه يتم إفهامهم مراراً من قبل أطبائهم ذوى الضمير -وما أكثرهم- أن أبناءهم يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية بشرط الالتزام بجرعات الأنسولين وبرنامج التغذية مع المتابعة الدورية. جاء أحدهم لى يستشيرنى فى علاج ابنه المريض بالسكر بالخلايا الجذعية متحدثاً عن الأستاذ الدكتور الذى يملأ الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى بحديثه عن هذا النوع من العلاج وأن فيه الشفاء التام، ومعدداً كلام الأستاذ الدكتور الذى يحفظه عن ظهر قلب…. أجبته بشكل قاطع أنه حتى الآن هذا النوع من العلاج ليس متوافراً فى مصر، وبالنسبة للدول المتقدمة لا يزال تحت البحث ولم يتم اعتماده حتى الآن من هيئة الغذاء والدواء العالمية، تركنى منصرفاً وكان واضحاً أنه قد عزم عزمه وأن النصائح لن تجدى نفعاً. عاد بعد أشهر ليحكى عن مأساته وعن النصباية التى تعرض لها فى عيادة الأستاذ الدكتور. لماذا أقول «نصباية»؛ لأن الآليات والطرق التى يتم استخدامها لخداع المرضى هى ذاتها التى تشكل الركن المادى لجريمة النصب، يدخل المريض العيادة الفخمة فى الحى الراقى ليجد شخصاً يرتدى زياً خليجياً يقيس السكر لابنه كل عشر دقائق، مكرراً «الحمد والشكر لله»، ثم للأستاذ الدكتور، على نعمة شفاء ابنه وأن قياس السكر فى معدلاته الطبيعية، ولا أحد يسأل نفسه إذا كان الطفل قد تم شفاؤه فلماذا أتى به إلى العيادة، شاشة التليفزيون فى العيادة تعرض لقاءات الأستاذ الدكتور التليفزيونية التى يؤكد فيها على تمام الشفاء باستخدام الخلايا الجذعية، والسكرتير يحدثك عن أن الأستاذ الدكتور سيتأخر لأن لديه لقاءً تليفزيونياً، وأنت تزداد قناعة فى كل ثانية أن لحظة الشفاء التام قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى. يصل الأستاذ الدكتور بعد طول انتظار، وفوراً يحدد موعد العملية، طالباً مبالغ خيالية لا مفر من دفعها ويتم عمل العملية فى اليوم المحدد ويخرج الطفل من غرفة العمليات ومعه الأستاذ الدكتور مبشراً ومهللاً ومؤكداً الشفاء التام، وأول ما يفعله الأب والأم هو إلقاء الأنسولين ومنح الابن جرعة تحفيزية من كل ما لذ وطاب من الطعام لتعويضه عن سنوات الحرمان. أيام تمر ومعدل السكر فى ازدياد مما اضطر الأب إلى الرجوع إلى جرعات الأنسولين السابقة حتى لا يصاب ابنه بغيبوبة السكر ويعود الأب للأستاذ الدكتور ليخبره بما يجرى، فيجيب بهدوء تام لا يملكه إلا معتوه أو شخص معدوم الضمير (إن مرض ابنك من النوع الذى لا يستجيب للعلاج بالخلايا الجذعية وسوف أحاول البحث له عن علاج جديد)، ثم يدخل السكرتير ليخرجك لأن هناك مواعيد فى الانتظار. نصيحتى لكل أب أو أم لديهم طفل مصاب بالسكر ألا ينخدعوا بتلك الأوهام، فالعلاج الجاد حين يظهر ويكون معتمداً ومجرباً وفعالاً ستجدونه فى كل مكان فى العالم، ولا تغرنكم الأسماء والألقاب، فالنصاب يظل نصاباً أياً كان اسمه ولقبه.