الناصـــرة أولا *هل رأب التصدعات في المجتمع العربي صحيحة سياسيا للكنيست، ومرفوضة لبلدية الناصرة؟*

صورة قديمة للقدس - بين 1800 الى 1900 م

صورة قديمة للقدس – بين 1800 الى 1900 م

الناصـــرة أولا…
*هل رأب التصدعات في المجتمع العربي صحيحة سياسيا للكنيست، ومرفوضة لبلدية الناصرة؟*
نبيل عودة
تواجه الجماهير العربية في اسرائيل تحديات ليست سهلة، مع وجود حكومات يمينية تتنكر لوجود العرب في وطنها ولحقوقها المشروعة كما برز ذلك بمواقف ليبرمان من مشروع التبادل السكاني: “ام الفحم الى فلسطين واريئيل الى اسرائيل”، وتهجم بعنصرية على رئيس القائمة المشتركة بتهم الخيانة والكذب. الوزير بينيت ايضا لا يعترف بشعب فلسطيني وحقوقه الأولية بالتحرر من الاحتلال، أعقبتها تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو ليزيد النار اشتعالا بصرخاته المرعوبة عن “تدفق العرب الى صناديق الاقتراع” وان “دولة فلسطينية لن تقوم ما دام رئيسا للحكومة”، لتزيد أزمة العلاقات ليس بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، بل بين اسرائيل ومواطنيها العرب. ووجه اهانة أبشع بتمثيلية اعتذاره لمجموعة من الإمعات لا هم في العير ولا في النفير بكل ما يخص الجماهير العربية.. مضاعفا اهانته عشرات المرات باعتباره ان تجميع شراذم لا تمثل حتى نفسها والاعتذار امامهم برقصة تلفزيونية اعقبها عناق وقبل سيقبلها العرب لأنهم “قليلو عقل”، النتيجة كانت تعميق شعور المواطنين العرب بالتشاؤم المرتفع اصلا لدرجة الغليان.
اطرح هذا الواقع مستهجنا ان القوة السياسية المركزية في مجتمعنا العربي لا تبدي أي مسئولية اجتماعية في رأب التصدعات في نسيجنا الاجتماعي- البلدي!!
قد يقول قائل ان اقامة القائمة المشتركة ما كانت تتيسر بدون العقلانية السياسية التي ابدتها الجبهة الديمقراطية.
اوافق مبدئيا ان الجبهة كانت المفتاح للوصول الى قائمة مشتركة. في الفلسفة العقلانية والبصيرة مرادفان لنفس المعني. والعقلانية تفسر ايضا بأنها التصرفات التي تخدم أهداف الانسان. هل يمكن ان نقول ان أهداف فئة ما، قائمة حزبية مثلا، هي ضمن العقلانية؟ إطلاقا لا حسب الماركسية التي تطرح مفهوم الجماعة وليس الفرد… أي ان الفائدة اذا لم تكن جماعية فهي انتهازية فردية. المنطق يعني ايضا ان كل المعلومات التي مصدرها الأحاسيس وليس العقل هي غير قائمة وقد تلحق الضرر. فهل صارت سياسات الجبهة، او غيرها من التنظيمات، مبنية على الأحاسيس؟
العقلانية تحسم الموقف برؤية اساسية ترى بالمنطق الفعلي وليس مجال الاحاسيس انه العامل النافذ – المقرر. هذا تعلمناه من الفلسفة الماركسية أيضا. فهل تخلى الماركسيون عن ماركس وفلسفته؟
للتذكير فقط : المنطق الماركسي اشتهر باسم “المنطق الجدلي” وهو منطق تفكير علمي، يعتمد على قوانين الدياليكتيك (الجدل) الثلاثة في تفسير الظواهر وهي- قانون تحول الكم الى كيف والعكس/قانون وحدة وصراع الأضداد /قانون نفي النفي ..
اتوجه لرفاقي السابقين ان يعودوا للعقلانية والمنطق الجدلي الذي ميز على سبيل المثال وصولهم الى تشكيل القائمة المشتركة، رغم ان لي انتقادات عينية لأن المنطق لم يكن كاملا في حسابات التشكيل… لكني ساتجاهلها من رؤية ان القائمة المشتركة هي بداية طريق لراب الصدع السياسي بشكل خاص في المجتمع العربي كله بدون استثناء، الى جانب خلق جبهة عربية واحدة في مواجهة اليمين الاسرائيلي .
اشير لكم الى مفهوم ماركسي جوهري بأن فلسفة العقلانية التي برع فيها ماركس تعني قدرة الانسان في حياته اليومية وممارسته المعرفية على اجراء محاكمات واعية بعيدا قدر الإمكان عن تسلط المشاعر والعواطف او أي اعتبار شخصي آخر مع او ضد.
اين هي عقلانيتكم يا اخواني الماركسيين من انتخابات بلدية الناصرة؟
هل رأب التصدعات في المجتمع العربي ، صحيحة سياسيا حين يكون الأمر مقاعد الكنيست، ومرفوضة حين تصل الى ابواب السلطات المحلية عامة والناصرة خاصة؟
دعمتكم بكل قوتي في الناصرة، تجاهلت انكم تواصلون مقاطعتي منذ ثلاث معارك انتخابية. في المعركة الأخيرة هاجمت جميع منافسيكم بمقالات وقصص انتخابية وساتيرا (سخرية) انتخابية. من 22 مادة لم تنشر صحيفتكم “الإتحاد” الموقرة الا مادة واحدة بعد تدخل كل زعماء الجبهة في الناصرة، حتى تلك المادة الوحيدة هي اهم من كل ما نشرته صحيفتكم في الدفاع عن الجبهة وتسويقها في الإنتخابات الأخيرة لبلدية الناصرة.
لكن الفوز لم يكن لكم، بل لإنسان نشا في صفوفكم وحاولتم التخلص منه بطريقة لا تليق بالعلاقة بين بني البشر.. وأعرف ان أخطاءكم واسلوب ادارتكم للعمل البلدي كانت وراء فشلكم.. لا اتهمكم بالقصور..اطلاقا، بل بالقدرة على التخطيط، لكن بانقطاع مستهجن عن الجمهور.. وفشل مدو في تحضير بدائل لكم تواصل العمل البلدي.
لم اتردد بتهنئة الرئيس الفائز من منطلق فهمي ان الناصرة لنا جميعا ، وليست للجالس على كرسي رئاسة البلدية. هذا ما توقعته منكم رغم ان دعايتكم الانتخابية كانت قطعا لكل الجسور.. وهو ما حذرت منه منذ اليوم الأول.
العقلانية كانت البضاعة التي تخلصتم منها.
لكن العقلانية اكبر منا جميعا.
لا يمكن قبول الاستهتار بقرار الناخب النصراوي. المشاريع لن تتوقف لأن الجالس على كرسي الرئاسة تغير..المؤسف ان تعميق الخلاف هو نهجكم الآن بدل التفكير الواقعي واتخاذ القرار الجريء، تمشيا مع قرار الناخب النصراوي برؤية ان الناصرة فوقنا جميعا، الناصرة لنا جميعا، الناصرة هي بيتنا الذي يجب ان يجمعنا.
الأهم ان تكون المنافسة من اجل ناصرة متآخية تشد الخطى نحو مستقبل متطور.
nabiloudeh@gmail.com

About نبيل عودة

نبذة عن سيرة الكاتب نبيل عودة نبيل عودة - ولدت في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947. درست سنتين هندسة ميكانيكيات ، ثم انتقلت لدرسة الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . أكتب وأنشر القصص منذ عام1962. عانيت من حرماني من الحصول على عمل وظيفي في التعليم مثلا، في فترة سيطرة الحكم العسكري الاسرائيلي على المجتمع العربي في اسرائيل. اضطررت للعمل في مهنة الحدادة ( الصناعات المعدنية الثقيلة) 35 سنة ، منها 30 سنة كمدير عمل ومديرا للإنتاج...وواصلت الكتابة الأدبية والفكرية، ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تركت عملي اثر إصابة عمل مطلع العام 2000 ..حيث عملت نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الاهالي "مع الشاعر، المفكر والاعلامي البارز سالم جبران (من شعراء المقاومة). وكانت تجربة صحفية مثيرة وثرية بكل المقاييس ، بالنسبة لي كانت جامعتي الاعلامية الهامة التي اثرتني فكريا وثقافيا واعلاميا واثرت لغتي الصحفية وقدراتي التعبيرية واللغوية . شاركت سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين اول 2010 استلمت رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية، أحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست". منشوراتي : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية) كتاب الكتروني في الانترنت ومئات كثيرة من الأعمال القصصية والمقالات والنقد التي لم تجمع بكتب بعد ، لأسباب تتعلق اساسا بغياب دار للنشر، تأخذ على عاتقها الطباعة والتوزيع.
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.