*يذمون مواطني الناصرة على خيارهم لعلي سلام* هل يعلمون ان علي سلام حصل على 62% ومرشح الجبهة على 38%؟* لماذا لم تبحث الجبهة في الناصرة أسباب تفككها الذي بدا بعد الانتصار المدوي عام 1975 وصولا لنهاية طريقها عام 2014؟*
على أثر مقالي عن “انتخابات السلطات المحلية – الناصرة نموذجا”، دار نقاش واسع، بجزئه الكبير نقاش عقلاني، ولكني استأت جدا من نقاش بعض الأوساط التي كان نقاشها متشنجا ولم يترددوا باستعمال تعابير لا تليق بالحوار العقلاني وبحق كل انسان برأي مختلف، وموقف مختلف، لكنهم اختاروا اتجاه الذم لأنهم لا يملكون حقائق ما يدور في الناصرة منذ استلم علي سلام رئاسة البلدية .. او انهم مغلقون على مواقف وفهم خاطئين. او الأمر الأبسط لم يستوعبوا بعد خسارتهم المدوية امام علي سلام.
اذكرهم بالحقائق التالية، في الانتخابات المعادة لرئاسة البلدية في (11-03 – 2014) حصل علي سلام على نحو 62 بالمئة من اصوات الناخبين، حين بلغت نسبة التأييد لمنافسه رئيس البلدية السابق المهندس رامز جرايسي نحو 38 بالمئة. هذه الفجوة لم تأت بالصدفة، بل نتيجة تراكمات طويلة، قادت الى احداث تغيير جذري بمدينة الناصرة، تذكرني بالانتصار الأول للجبهة عام 1975.
هل يجب ان نذم مواطني الناصرة على خيارهم، أم من الضرورة ان تقوم الجبهة الديمقراطية في الناصرة بمراجعة أسباب هذا التحول، وإعادة فحص نهجهم، وإصلاح اخطائهم التي تراكمت وقادت الى سقوطهم في الناصرة .. وربما أيضا مراجعة شاملة لنشاطهم في إطار السلطات المحلية حيث فقدوا ما يقارب 15 سلطة محلية.
لا اذم الجبهة التي أنجزت منذ تأسست في الناصرة اهم انتصار سياسي للعرب في إسرائيل وانتشرت قطريا بكل بلداتنا العربية وتحولت الى جبهة سياسية للكنيست بدل القائمة الشيوعية سابقا .. لكن تطور الجبهة لم يكن بالاتجاه الصحيح، خاصة في الناصرة، وقعت خلافات مع الحلفاء، الخلاف لم يدار بمنطق عقلاني، بل بطريقة استفزازية دفعت اوساطا جبهوية واسعة جدا الى ترك جبهة الناصرة وإقامة قائمة بديلة (التقدمية) نافست الجبهة وحققت نجاحا لا يمكن الاستهتار به. هذا الأمر قاد الى تلاشي مركبات الجبهة، تفككت رابطة الجامعيين التي كانت تضم ما يقارب 700 – 800 عضو، تفككت رابطة التجار والحرفيين التي كانت تضم ما يقارب 300 عضو، واختفت رابطة الطلاب الجامعيين التي كانت تضم مئات الطلاب .. ماذا تبقى اذن من الجبهة غير الشيوعيين وبعض الأصدقاء؟ هل عولج هذا الوضع بشكل جوهري واتخذت قرارات لإعادة تصويب المسيرة الجبهوية؟ ام استمرت قيادة الجبهة بحملتها التشهيرية ضد حلفاء الأمس وبينهم شيوعيين أيضا؟
ما هي الأسباب التي قادت لهذا التفكك؟
بصراحة الخلاف لم يكن على مبادئ، بل على أساليب عمل وعنجهية قيادات الجبهة، أرادوا حلفاء لا يسمعون لا يرون لا يتكلمون!!
من وقتها بدأ العد التنازلي للتراجع وخسارة السطات المحلية الجبهوية واحدة وراء الأخرى حتى الخسارة الكبيرة لبلدية الناصرة.
لكن لدي سؤال هام للتفكير. من يرفضون اليوم علي سلام، الا يعلمون انه كان خلال 20 عاما نائبا لرئيس بلدية الناصرة الجبهوي وقائما بأعمال الرئيس؟
هل وجوده بإطار الجبهة كان مختلفا عن وجوده اليوم خارجها ومستقلا عنها؟
هل يعرفون الأسباب التي فرضت عليه ان يخوض الانتخابات بقائمة مستقلة؟
انا شخصيا لم اصوت له بل اعطيت صوتي للجبهة ورامز جرايسي رغم انهم يقاطعوني ويشوهون سمعتي كل الوقت، بل وحين حضرت افتتاح معركة الجبهة الانتخابية في بيت الصداقة في الناصرة هوجمت بكلمات نابية من رفاق حزبيين وجبهويين .. تجاهلت ما سمعت من فهمي للمستوى الضحل لبعض عناصر الجبهة والحزب.
المضحك انه جرى انتقاد صديق ورفيق شيوعي قديم لأنه جلس بجانبي ورحب بي، شكى همه لي ولم يخف تشاؤمه من المستقبل مع كادر مضلل. وفعلا كان تشاؤمه صحيحا. قيل له كيف جلست الى جانب نبيل عودة الذي استقال من الجبهة والحزب ولم يوفر نقده لنا؟ رغم ذلك تجاهلت الاهانات ولم اقل شيئا. واصلت دعمي لقائمة الجبهة ومرشحها للرئاسة، لأن ما يشغلني مستقبل مدينتي وليس عناصر تافهة لا عقل لها.
لكن من يسكت على الخطأ وتشويه السمعة يفقد كرامته.
وهنا الحد الفاصل!!
كنت المسوق والمدافع الوحيد إعلاميا عن الجبهة ومرشحها، ورغم ذلك قاطعتني صحيفة الحزب “الاتحاد” التي كل ما قامت به هو نشر الأخبار ونشر الإعلانات عن الاجتماعات فقط. هل كان لديهم كتاب آخرون؟ أين هم؟ يمكن وصف وضعهم الإعلامي بأنه افلاس مدوي !!
لا اذم الرئيس السابق رامز جرايسي بل اعتبره من اهم رؤساء السلطات المحلية في اسرائيل عامة والوسط العربي خاصة، ودوره في تطوير الناصرة سيسجل بتاريخ الناصرة بحروف من ذهب، لكنه في المكان الخاطئ تنظيميا كما تبين، وكان هو أيضا ضحية لعناصر افلست ولا تستحق الثقة… أفشلوه وأفشلوا الجبهة، وسرعوا ابتعادها عن جمهور الناصرة. لكن الأمر لم يقلق المتربعين بقيادتها بظن ان بلدية الناصرة طابوا أبدي لهم. ان عدم تقييم المسار وتصحيح الأخطاء المريعة، وإعادة النبض لقائمة الجبهة جعلها اشبه ب “الميت الماشي”!!
لذا لم يكن مفر من الهزيمة البشعة .. ولا ارى انهم سيستعيدون مكانتهم اطلاقا!!
اذن ابحثوا عن المشكلة ليس بمقالات ومواقف نبيل عودة، مسوق الجبهة والمدافع عنها في كل معاركها تقريبا، بل وتعرضت للتهديد من عناصر منافسة للجبهة وفتحت الشرطة ملفا للتحقيق ونشر عن التهديد بكل الصحف المحلية العربية والعبرية وبصحافة عربية دولية .. الا ب “الاتحاد”.
بألم أقول ان أسلوب الجبهة منذ انتصارها عام 1975 وحتى اليوم، كان نهجا منفرا قاد الى تفكيك القوى التي شكلت الجبهة. الذي حدث ان الجبهة أصبحت الحزب الشيوعي وبعض أصدقائه .. أي ليست جبهة بالمفهوم السياسي والتنظيمي.
لم اكتب عن انتخابات الناصرة ودعمي لعلي سلام بالصدفة. هذه اول حملة انتخابية أقف فيها ضد الجبهة، الجبهة هي من اختارت التخلص مني كما تخلصت سابقا من مئات الأكاديميين والحرفيين والتجار والطلاب الجامعيين. يؤسفني ان الجبهة فقدت مكوناتها الأساسية .. وغرقت بأحلام رطبة وبفكر ستاليني لتقديس شخصيات كانت وراء تفككها.
بفخر أقول إني كنت من نشطاء مؤسسي الجبهة اثناء قيادة المرحوم غسان حبيب للحزب الشيوعي في الناصرة (الذي جرى أيضا التخلص منه بشكل معيب ومهين). كنت اثناء نشاط غسان حبيب لبناء الجبهة سكرتيرا للشبيبة الشيوعية في الناصرة، عملنا يوميا بلا توقف وبدون حساب الساعات لبناء الجبهة، مع نشطاء حزبيين أكاديميين وتجار (أيضا جرى التخلص من أكثريتهم). للأسف تفككت الجبهة أثناء الدورة الأولى .. بوقوع خلافات برأيي تافه جدا وكان يمكن تلاشيها بتفكير منطقي عقلاني لكنه كان غائبا مع الأسف وحل محله التشهير والذم والعنجهية.
رغم اني استقلت من الحزب عام1992 – 1993 بعد الانقلاب على المفكر، الشاعر والإعلامي والشخصية المركزية في قيادة الحزب الشيوعي والجبهة، سالم جبران، الا اني واصلت دعم جبهة الناصرة بالمعارك الانتخابية، وكنت المسوق الوحيد في الحملات الانتخابية في الناصرة، وكرست كل مقالاتي للدفاع عن للجبهة وتسويقها، رغم ذلك فُرضت علي المقاطعة الاعلامية الكاملة من “الاتحاد”، ولم تكف بعض عناصرهم عن مواصلة تشويه سمعتي ..
في المعركة السابقة، التي خسروا فيها لعلي سلام، دعمت الجبهة وكتبت أكثر من 25 مقالا دعما للجبهة ولمرشحها للرئاسة رامز جرايسي.
رغم ذلك استمرت مقاطعتي. كتبت نقدا حادا ضد هذه العقلية المريضة للحزب عامة واعلامه خاصة. تدخل رامز جرايسي وسهيل دياب واديب ابو راحمون لحل الإشكالية وفهم أسباب المقاطعة المستهجنة لجريدة “الاتحاد” الحزبية لمقالاتي. نشر لي على أثر ذلك مقال واحد، وسرعان ما عادت حليمة للمقاطعة، حافظت على صمتي خلال المعركة ثم كتبت نقدا لاذعا بعد نهاية المعركة وهزيمة الجبهة، وجرى تدخل جديد، أسفر حقا عن فتح صفحات جريدة “الاتحاد” امام كتاباتي.
لكن للأسف لم يستمر الأمر الا شهرين عادت المقاطعة بعدها. استفسر صديق ورفيق سابق لي عن سبب المقاطعة من “قائد حزبي كبير”. أجابه بالحرف الواحد ” لأن فرع الناصرة “زب نمر” هدد 10 رفاق بالاستقالة إذا واصلت “الاتحاد” النشر لنبيل عودة”.
هذه رغبتهم. اهلا وسهلا بهم .. لماذا تغضب كوادرهم اذن من موقفي السياسي والبلدي وفضح أساليب عملهم وفسادهم (ولم اقل بعد كل شيء)؟
مع هذه العقليات ارى ان زمنهم السياسي انتهى!!
وبوضح اقول ان علي سلام اثبت انه أهل لقيادة التطوير والخدمات لأهل الناصرة!!
التحريض الاعلامي ضد رئيس البلدية علي سلام المنتخب بأكثرية حاسمة هو تجاوز للمنطق السياسي السليم، إذا كان الظن لدى البعض ان هذا الأسلوب سيقود الى عودة المهزومين فهم واهمون ويعيشون حلما رطبا حان الوقت ان يستيقظوا منه.