عندما يتأسس حزب على أساس ديني يحصل تخادم متبادل بين السياسة والدين، والخاسر الأول الدين، لأنه سيكون الراية والدعاية والواجهة، غير أن الفضحية تبدو سافرةً زمن السُّلطة، الحزب في وادٍ والدين في وادٍ آخر، وكانت ألمانيا سباقة يوم أُعلنت «عقيدة النازي الدينية» عقيدةً للدولة.
كتب جواد علي (ت1987)، صاحب «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، مقالاً في مجلة «الرسالة» المصرية (11/1939)، تحت عنوان «عقيدة النازي الدينية»، حال تخرجه من جامعة هامبورج الألمانية، أوضح فيه كيف أن «النازية» رفعت المسيحية رايةً ضد أحزاب المعارضة، بذريعة أنها تُشجع الإلحاد، بينما منهاج «الحزب الوطني الاشتراكي» (حزب هتلر) نص على حماية المسيحية.
كان من إجراءات تدين النازية، فرض «ضريبة الكنيسة»، على «كل ألماني وألمانية حضر صلاة الكنيسة أم لم يحضر»، وطرد أي موظف يجاهر بفكرة الإلحاد، وفرض عقوبة على كل مَن يربي أولاده خلاف المسيحية، وإجبار الأولاد على حضور درس الدين. لم تكتفِ النازية بذلك بل دعت إلى مسيحية «حقيقية» أُخرى، واعتبار الموجودة مِن «مبتكرات اليهود»، ورويداً رويداً أُعلن صراحةً عن «تنقيح الديانة المسيحية حسب العقيدة النازية» (العدد: 334).
بعدها بدأ التبشير بالمسيحية الألمانية، وبما يتوافق مع العنصرية النازية، بتكييف المجتمع للعنصرية والزعامة الهتلرية، والتدخل بالأحوال الشخصية، لجعلها حسب العقيدة السياسية، وبما أن النازية كبرت على حدودها الوطنية (ألمانيا)، وتاق هتلر إلى السيطرة على العالم بعقيدته الدينية، وضعت المسيحية تحت ظرف خطير، لاصطدامها مع أُصول النازية.
ما حصل أن تحول دعم المسيحية، تحت عقيدة سياسية، إلى عنف ضد القساوسة والرهبان الذين اختلفوا مع إخضاع الدين للعقيدة النازية. جاءت المعارضة من رجال الدين، الكاثوليك والبروتستانت، فطُورد هؤلاء وسجنوا، كأسقف دالم ببرلين البروتستاني، وكاردينال الراين الكاثوليكي. وللإمعان في تسييس المسيحية، ظهرت جماعة تدعو إلى «الإيمان الألماني»، أي الديانة الجرمانية القديمة. فلكم التصور كيف بدأت النازية تُدافع عن المسيحية لتخلق جماعة ترفض المسيحية كلية!.
ليست «عقيدة النازي الدينية» بعيدة عن عقيدة الإسلام السياسي، ووصوله إلى السلطة، ليخلق فجوة خطيرة بين المسلمين ودينهم. وكما لا يخفى، فقد أسفرت ممارسة السلطات الدينية عن نفور من الدين، حتى أخذت نسبة الإلحاد بالتصاعد، بل باتت نسبة العودة إلى الديانات القديمة ملحوظة، فهناك إيرانيون من فرس وكُرد أخذوا يرون في ديانتهم القديمة (الزرادشتية) ملاذاً، وكذلك الحال بمن عاش تحت هيمنة المرشد الإخواني ووحشية خلافة «داعش».
فما علاقة الدين المحروس بالجيش الثوري بالإسلام، الذي لا يقر بوجود واسطة بين الله وعبيده؟ وكيف تحول الأمر إلى اضطهاد رجال الدين أنفسهم؟ وكم من آيات الله سجنوا وأُعدموا، وكان الولي الفقيه يصلي خلفهم، قبل حيازته السلطة واعتبار «ولاية الفقيه» عقيدةً البلاد والعباد؟ هذا ما حصل مع رجال الدين تحت العقيدة النازية، حيث سجنوا وأعدموا لأنهم تحركوا أو فكروا خلافاً للمسيحية المبتكرة!.
كذلك لم يكن المفتي علي جمعة معارضاً للإسلام، كي تجري محاولة اغتياله، وإنما لأنه اعترض بقوة على الإسلام السياسي، وعلى العنف الديني المزكى بالقسم الإخواني الأول، وكأن الذي يدخل كهف «الإخوان» يجدد إسلامه! يقول قسمهم السياسي، الذي كان يتم على بساط في غرفة مظلمة، مع وجود المصحف والمسدس: «أقسم بالله أن أكون حارساً لمبادئ الإخوان، مجاهداً في سبيل الله، على السمع والطاعة بالمعروف، وأن أُجاهد في ذلك نفسي ما استطعت» (بيومي، الإخوان المسلمون في السياسة المصرية 1928-1948). أما الجهاز السري الإخواني ودوائره المتخصصة، فمعروف للملأ، وأراه في حال استلام السلطة سيظهر بعنوان «الحرس الثوري».
كان الدين عامل استقرار للفرد المسلم، تحول إلى كواتم صوت ومدافع وصواريخ، وفساد وأكاذيب على التاريخ، وطائفية وكراهية تتغذى بثقافة الكهف، كهف يشبه الغرفة المظلمة التي يؤدى فيها القسم، حتى ساووا في القيمة بين كتاب الله والمسدس، مثلما ساوى الآخرون بين الحسين وقائد مليشيا، بإنزال تلك الكرامة إلى مهرجان سياسي، العنف والكراهية خطابه. فما هو وجه الاختلاف بين عقيدة النازي الدينية وتدينهم السياسي؟! تجدهم بلا خجل يفتخرون بجمهورياتهم الإسلامية.
قال صالح الجعفري (ت 1979)، الموصوف: «بخفة الروح واليقظة الفكرية والجرأة» (الخاقاني، شُعراء الغري)، ما يُعبر به عن التمرد لانتزاع الدين مِن توحشهم وفسادهم باسمه (النجف 1926): «وقيدٌ طالما قُيِّدتُ فيه/وأهْون بالرِّجال مقيَّدينا/نبذتُ به ورائي لا أُبالي/وإن غَضبَ الكرامُ الأقربونا/حناناً يا أماثُلنا حناناً/حناناً أيُّها المتزمتونا/تبعناكم على خطأٍ سنيناً/ فأسفرت الحقيقةُ فاتبعونا» (الغبان، المعارك الأدبية).
ألم تسفر حقيقة الإسلام السياسي عن كونه لا يختلف في شيء عن عقيدة النازية الدينية، سوى اختلاف الدين؟.
*نقلاً عن “الاتحاد” الإماراتية
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١:الحقيقة المرة التي نتغافلها هى أن كل ما في الاسلام غرف إعدام وألغام ، ولكن الفرق بين الماضي والماضي أن الاول كان يجري بستر ولكن مايجري اليوم علنا ومن ولي الامر ؟
٢: كفانا وضع الرؤوس في الرمال فالاسلام منذ نشاته بالسيف كان وليس بحسن الخلق والقيم والسلام ، ولم لايصدق ليقرأ التاريخ بعقل الباحث المنصف وسيرى كم هول القتل والغزوات والاجرام ؟
٣: وأخيراً …؟
تبقى مصيبة الكثيرين من الساسة والمعميين أن في العالم كلهم سذج وحمقى ومغفلين ، وهذه نعمة هى من رب العالمين ، سلام ؟