اميل خوري النهار اللبنانية
قد يكون “حزب الله” الحزب الوحيد الذي لا يعير اهتماماً لأي قانون انتخاب ولا حتى لتقسيم الدوائر سواء اعتُمدت قاعدة الشعبية أو قاعدة الأكثرية لأنه واثق من الفوز بالمقاعد النيابية في دوائر نفوذه أياً يكن القانون، لكنه يهتم بقانون يؤمن الفوز للعدد المطلوب من مرشحي حليفه “التيار الوطني الحر” ليظل قادراً على توفير التغطية المسيحية لتصرفات الحزب، والذهاب في ذلك الى حد جعل “التيار الوطني الحر” يسمي المرشحين المسيحيين في الدوائر التي لأصوات “حزب الله” تأثير مرجح فيها مثل جبيل وبعبدا وجزين وبعلبك – الهرمل.
الواقع أن الناخب الكبير بالنسبة الى “حزب الله” هو سلاحه، فاذا فاز مع حلفائه في 8 آذار بأكثرية المقاعد النيابية كان لهذه الأكثرية الحكم وحدها اذا تعذر الاتفاق مع قوى 14 آذار كأقلية على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعرض عليها من قبيل رفع العتب فحسب، لأن شروط تشكيلها ستكون مرفوضة من 14 آذار، فكما تحكم الحكومة الحالية ذات اللون الواحد بأكثرية نيابية تظل محتفظة بها ما دام نواب النائب جنبلاط مكونا لها، فان أكثرية جديدة تفوز بها قوى 8 آذار في الانتخابات المقبلة سوف تضمن لها الثقة داخل مجلس النواب وتحميها من الشارع بقوة السلاح اذا ظل الحزب يحتفظ به ولا يتخلى عنه لأي سبب من الأسباب. وعند ذلك ستجد قوى 14 آذار نفسها كأقلية عاجزة عن اسقاط الحكومة داخل مجلس النواب ولا خارج المجلس لأن سلاح الحزب هو الأقوى.
أما إذا فازت قوى 14 آذار بالأكثرية النيابية في الانتخابات المقبلة، فإن قوى 8 آذار سوف تكون جاهزة لتكرر معها سياسة التعطيل والتهديد بالفراغ في انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات رئاسة المجلس وفي تسمية رئيس الحكومة والوزراء بحيث يعود بعد انتخابات 2013 المشهد السياسي نفسه الذي تشهده البلاد منذ العام 2005، إذ لم تستطع اكثرية 14 آذار التي فازت في انتخابات 2005 و2009 الحكم وحدها ولا مع اقلية 8 آذار الا بشروط هذه الاقلية المتسلحة بقوة البندقية في مواجهة الديموقراطية، وبالطائفية التي تحتكر قرار الشيعة فيها ما دام حزب الله على تحالف مع حركة “أمل”.
هكذا يصبح مفعول أي قانون للانتخاب من دون اي معنى سواء فازت على اساسه قوى 8 آذار او 14 آذار بالاكثرية، لان الكلمة الفصل تبقى لسلاح “حزب الله” وللقرار الشيعي المصادر او المحتكر لتحالف الحزب مع حركة “أمل”. لذلك لا شيء يغير هذا الوضع ويجعل نتائج الانتخابات حاسمة بين الموالاة والمعارضة وتحديداً ليس قانون الانتخاب ما يغير وحده، بل اعتراف كل القوى السياسية الاساسية في البلاد بنتائج الانتخابات فلا يظل السلاح خارج الدولة بفرض المساواة بين الرابح والخاسر فيها كما هو حاصل حتى اليوم. فلا الاكثرية تستطيع ان تحكم كما يقضي النظام الديموقراطي. عندما تكون هذه الاكثرية لقوى 14 آذار، في حين تستطيع 8 آذار عندما تكون اقلية التحكم في الاكثرية بقة السلاح، وعندما تصبح اكثرية تحكم وحدها كما فعلت الآن، ولا يعود تطبيق الديموقراطية العددية مشروطاً بإلغاء الطائفية.
هذه هي صورة الوضع في لبنان منذ انتخابات 2005. وقد تستمر بعد انتخابات 2013 ما دام السلاح خارج الدولة ولا حلّ له وما دامت الازمة السورية لم تحسم ليصير في الامكان تغيير هذا الوضع الشاذ والضائع بين الديموقراطية العددية والديموقراطية التوافقية.
لذلك، يبقى السؤال المهم والمطروح من دون جواب حتى الآن هل تجري انتخابات 2013 بعد ان تكون الازمة السورية قد انتهت لتكون للبنان صورة معينة، ام انها ستجري في ظل استمرار الازمة السورية فستكون له صورة اخرى؟ هذه هي الحقيقة فمصير الازمة السورية هو الذي يقرر مصير انتخابات 2013 والسلاح خارج الدولة هو الذي يتحكم في نتائجها وليس اي قانون انتخابات.