عمليات الموصل…. هل هي تحرير ارض “محتلة”… و اعادة توحيد العراق…. واعادة التوازن الى الشرق الأوسط ام شرعنة التقسيم و ترسيخ النخبوية في النظام السياسي الامريكي… و هيمنتها العالمية و لو عن طريق اعادة ادماج روسيا في النظام العالمي…؟؟؟؟….
هذه الأسئلة و غيرها الكثير ممكن ان تطرح ازاء عمليات تحرير الموصل و علاقاتها بشكل مباشر بعمليات حلب و المظاهرة العسكرية الروسية في سوريا و على تخوم الكثير من الدول الأوروبية … و في وقت تواجه فيها النخبوية و النظام المؤسسي في الولايات المتحدة تحديا وجوديا بظهور ترامب المتمرد اليميني و تصاعد تمرد يساري تم لجمه مؤقتاً لصالح هيلاري كلينتون…. الشخصية القرقوزية التي لم تقدم شيئا سوى النفخ في بقايا النيران التي تشعلها النخبة الامريكية على مدى العقود الماضية..
من السذاجة تصور ان مشاكل العراق ستنتهي بتحرير الموصل كما تخطط له الحكومة العراقية و يتمناه الكثيرون… لان جذور التصدع الحاصل في المجمتع العراقي و في بنيته الثقافية اكبر بكثير مما تستطيع ان تعيد أواصره اعادة ربط الموصل بجغرافية هشة متآكلة بفعل تصارع الرؤى و المصالح تحت تسميات و تأويلات اجتماعية سياسية حفرت كثيراً في الجسد العراقي لتحوله الى امببيا متحركة ما تلبث تخرج رؤساً للنار في كل مناسبة …
لكن … هل الإبقاء على الوضع الذي خلقه ظهور داعش و امتداداتها الجغرافية و السياسية يمكن ان يشكل مخرجاً من استحقاقات تاريخية و اخلاقية..؟؟ لا شك ان داعش أصبحت نواة ليس فقط لبناء “خلافة” الدم و الأشلاء … و إنما ايضا بؤرة جاذبة و فضاء تبريررياً لكل القوى الدولية و الإقليمية لتجرب حظها و امكانياتها في خلق أسس إمبراطوريات جديدة…
هذه الحقيقة ” المرة” تضع الحكومة و القوى العراقية المختلفة امام “توهان” سياسي تختلط فيها المشاعر الوطنية و التشظي الطائفي مع إمكانيات دورها في ماكينة السياسة الدولية و خارطة التغييرات المتسارعة في الشرق الأوسط …
و لعل من اهم مؤشرات هذا “التوهان” هو التوقيت لبدء العمليات العسكرية وسط توسع الصراع المحلي و الإقليمي حول مشاركة هذه المجموعة المسلحة او تلك… و وسط تهديد تركي مباشر بالتدخل و عدم معرفة كيف يمكن التخلص من المجموعات المسلحة …. او حتى نكون اكثر دقة… كيفية التعامل مع القوى السياسية الجديدة التي ستظهر بعد ان يغيير الداعشيون استراتيجية حضورهم و شكلها و عنوانها و اعلامها و ايديولوجيتها و ارتباطاتها الإقليمية و الدولية و طبيعة الأدوار التي يمكن ان تلعبها داخل “الإطار العراقي” او خارجه..؟؟..!!.،
قبل ايام…. و في المناظرة الثانية في السباق الرئاسة الامريكية قال ترامب …. ان العمل يجري على تحرير الموصل و دفع الداعشيين الى الرقة…. الاعلام العربي يكرر هذا الكلام دون الإشارة الى المصدر و توحي بأنها مجرد تكهنات… و السؤال هو هل يمكن للعراق ان يتعايش مع دولة داعش على حدوده الغربية…. و هل هناك ضمانات أمريكية ان دولة داعش في غرب سوريا ستلتزم بالقوانين الدولية و أعراف الجيرة و الاحترام المتبادل..؟؟..
ام ان هناك تصور ميتافيسي (ميتافيزيقيا سياسية) بان الدواعش سيتبخرون او يتسامون (التسامي هو التحول من الجماد الى البخار بدون المرور بحالة السائلة)…؟؟…
او اذا تحول الداعشيون الى السائل ( اي انهار من الدماء) فان هذه الأنهار لن تكون بديلاً عن ماء الفرات الذي ينبع من تركيا مروراً بسوريا الى العراق… في ظل فرضية العلاقة بين الحكومة التركية و داعش … و التناغم الجديد بين تركيا و روسيا..؟؟..
هل لدى العراقيين اية فكرة عن عدم تكرار “نموذج حلب” الذي يعجز اعظم الشعراء عن إيجاد وصف له…في الموصل..؟؟.. ام ان التوأمة التاريخية بين المدينتين تشرعن تقاسم مصير واحد… رغم قتامة هذا المصير ..؟؟.. حبي للجميع..