الملك

في مساء يوم الأربعاء وصل شخص مهلل الملابس ، عبس يحوم حول ابتسامة حيرة ، وتقاطيع وجهه رقيقة ومحيرة .aa4

بعد ان طرق الباب وعنده استقبله حارس البيت بكلمة أهلا ماذا تريد …؟.

قال الرجل : هل العم حمدان موجود …؟.

فقال الحارس : ومن انت …؟.

فقال الرجل : انا الزمن …!.

فرد عليه صاحب البيت العم حمدان : مرحباً فلم يزورنا الزمن منذ حين …!. وحل هذا الرجل ضيفا ، وسكن في حجرة في الزاوية منها حمام خاص بها ، وزود بالملابس والأغطية ، وكل ما يحتاجه وارسل له العشاء ، وقالوا له غداً سيكون الإفطار مع العم حمدان ، وشكرهم …

وفي الصباح التقى العم حمدان ، وتناولوا الفطور ، مرحباً بالضيف ، فقال العم حمدان للضيف … الضيافة ثلاثة أيام ، وبعدها اما الرحيل او تكون من اهل البيت ، والسؤال سيكون بعد الثلاثة أيام ، فشكر الرجل العم حمدان ، وقال له اني لا اريد ان أكون ثقيلا ، ولكن اني سمعت عنك كل الخير ، وأريد مساعدتك …!. فرحب العم حمدان ، وقال قل ولك طلبك …

قال الرجل : هل تعرفت على وجهي وهل عرفت ملامحي ، هل تعرف من انا …؟.

فرد العم حمدان : ومن لم يعرفك …!.

فتعجب الرجل وقال : من انا …؟.

فقال العم حمدان : عند سلامي ومصافحتك كانت يدك ناعمة ، ورغم كبر السن ، وجهك ضحوك ، وعندما تناولنا الفطور ، ورغم اني تعمدت ان اؤوخرك لساعات ..!.. ولم تأكل بنهم ، فأنت ابن نعيم ، وساكنا للقصور ، ولهذا أعطيتك افضل الغرف للمنام لدي للضيوف ، وأرجو ان تسمح لي فهي لا تليق بمقامك …!.

فضحك الرجل وقال : ولكن لم تقل لي من انا …!.

فرد العم حمدان : انت ضيفي وعلي الانتظار ثلاثة ايام حسب تقاليدنا وعاداتنا …

فرد الرجل : ولكن انا بحاجة للمساعدة ….

فقال العم حمدان : وماهي …؟.

فرد الرجل : لاتخبر احد عن وجودي عندك …

فقال العم حمدان : سمعا وطاعة ياملك ، وعم الصمت ..!. وخرج العم حمدان من عنده مع تحية اليوم خارج من بيت الضيافة .

ومرت الأيام الثلاثة ، وفي المساء أقام العم حمدان أضيفه عشاء خاص فقط لاثنين …

فقال الضيف : وكيف عرفت من انا …؟.

فقال العم حمدان : بعد سقوط مملكتك يبحث عنك الجميع ، ونحن في مرمى مملكتك ، وأقرب طريق تصل منه هو ان تأتي لنا …! فأخبرني ماذا حدث وما حاجتك …؟.

فقال الملك : حاجتي المال لكي استرد مملكتي ، فحاشيتي خارج حدود المملكة ، ونحن نستعد للهجوم على تلك المجاميع الغريبة التي هجمت علينا واحتلت بلدنا ، وأنا عندما شعرت بخطورة الموقف طلبت من السكان الخروج والهرب للجبال حيث نملك بيوت المصيف .

وأمام جحافل الغزو أخرجت الجيش الاحتياطي للخارج ، وهم الآن في انتظاري ، وسمعت عن كرمك ، ولهذا أتيتك …!.

فقال العم حمدان : مرحباً بك ، ولكن انا لا املك هذا المال لأجهزة به جيشا …

فقال الملك : سوف أمنحك لقب حامل الصولجان ، وكبير الوزراء ، والقادة …!.

فقال العم حمدان : اسمح لي يا سيدي الجليل ، وابعدني عن السلطة ، فأن قلبي خلق للحب والتمر ، وسماع صياح الديك ، وترقب وقت الأذان للصلاة ، ولكن هنالك من يملك المال ، ولكنهم مرابين ، وأنا لا أتعامل معهم ، ولك مني قبل ظهور القمر سوف يكون لدي خبراً…!.

وبعد ايام عاد العم حمدان فقال للملك : أنهم يطلبون منك الكثير ، وأنا قلت لهم انك تاجر سقطت في حفرة الزمن …؟.

فقال الملك : لدي الكثير من الذهب في مكان أمين ، ولا تخاف …

فقال العم حمدان : ولكن لدي شرطا واحداً …!.

فقال له الملك : قل يا صديقي …!.

فقال له العم حمدان : بعد تحرر بلدك تتنازل عن الملكية ، وتعود للحياة العامة …؟.

هنا بكى الملك وقال : لقد حلمت بهذا ، وإنني متنازلة عن الملكية …!.

فقال العم حمدان : إذن فسوف اجلب لك المال .

ومرت الأيام وعاد المك لأهله ، وارسل الملك للعم حمدان ودعاه لزيارته للملكة …؟.

وقام العم حمدان مع بعض النفر بزيارت الملك ، وقد استقبلوا استقبالا كبيرا … وفي الصباح وقبل تناول الفطور …

قال العم حمدان : متحدثا مع الملك ، عليك يمين ، وعليك الإيفاء بعهدك …!.

فقال الملك : لقد دفعت للمرابين أموالهم ، واكثر …

فقال العم حمدان : عليك عهدا …!.

فقال الملك : ماهو …؟.

قال العم حمدان : عهد الرب …!.

فقال الملك : وماهو ذاك …؟.

قال العم حمدان : التنازل عن الملك .

فقال الملك : هل نسيت انا الملك …!.

فقال العم حمدان : لا لم أنسى ، ولكني توسمت الخير…

فقال له الملك : لك الأمان والسلطان والصولجان … فأختار بينهم …؟.

فقال العم حمدان : لي الأمان ، ولك الصولجان .

فقال الملك : انا إنسان خلقت لكي أكون ملك …!.

فقال العم حمدان : انا سلطان خلقت لكي أكون إنسان ….؟.

أدعو لكم الله (( تعالى عزوجل )) فأنا لست سوى إنسان ، والإنسان هو أرقى مرحلة ودرجة في خلق الجن والإنس ورب المعمدان .

اودعناكم ياضيف الزمان .

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.