كل ما بان لنا حتى الآن مقتضب، ومذيل بكلمة «من حيث المبدأ»، ومع هذا هو تطور مثير ولأول مرة في معادلة الصراع في سوريا. فقد اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على أن يقدم سلاح الجو التركي الحماية لقوات المعارضة السورية في داخل سوريا. لم يقدّم وزير الخارجية التركي بعد توضيحا كافيا حول الاتفاق مع الأميركيين، لكن يبدو أن حكومة أنقرة أخذت على عاتقها مسؤولية دعم المعارضة السورية التي دُربت على أراضيها، وسيتم إرسالها لتعبر الحدود لتحرير مناطقها التي استولى عليها تنظيم داعش، وسيقوم سلاح الجو التركي بتقديم الغطاء وربما دعمها في القتال.
وقد يفهمها البعض بأن الهدف ليس نظام بشار الأسد، ولا المناطق التي تحت سيطرته، وهذا صحيح حتى الآن، وستصيب البعض بالخيبة على اعتبار أن صورة المعارضة في ذهن الكثيرين تختصر في القتال ضد نظام دمشق. إنما لو وضعنا التطور الجديد في إطار الواقع السوري كما هو اليوم يبقى مهما لصالح المعارضة. من دون هذه الخطوة سيأكل الأشرار المعارضة السورية، مثل «داعش» وحزب الله. فسوريا الآن تَحْت ثلاث قوى رئيسية تتصارع فيما بينها، النظام والمعارضة والجماعات الإرهابية، وأي فريق يأكل أحد الفريقين المنافسين ستكون له الغلبة.
أما لماذا تريد تركيا، وبدعم غربي، استهداف «داعش» وليس النظام السوري، فلأنه الفريق الأقوى والأسرع انتشارا، والذي يسيطر على أكبر مساحات سوريا، والأخطر الذي لا يعترف بقوانين دولية ولا حدود ويمكن أن يجتاز الحدود التركية مستقبلا ويهدد أمنها. وبالطبع هو الفريق الذي صار الجميع يتفق على محاربته، نظام الأسد والمعارضة والأتراك والعرب والغربيين. وهؤلاء يختلفون تقريبا على كل شيء ويتفقون على مقاتلة الجماعة الإرهابية.
على الأرض التركية جيش للمعارضة السورية يقدر بخمسة عشر ألفا تم تدريبه حديثًا، ولا ندري عن كفاءته في القتال، وكيف سيواجه أخطر مقاتلي العالم الذين برهنوا أنهم الأقدر على الانتصار نتيجة عقيدتهم المتطرفة، القتال من أجل الموت.
استعداد تركيا لمنح قوات المعارضة التأييد العسكري، والغطاء الجوي داخل الأجواء السورية يضعنا أمام تطورين مهمين، الأول أن المعارضة السورية أخيرًا قد تتمكن من تأسيس مناطق تحت سيطرتها وإدارتها، تحرسها تركيا. والثاني سيحظر على طيران الأسد، لأول مرة، قصف هذه المناطق المحررة التي طالما استهدفتها طائرات الأسد بالبراميل المتفجرة. وهذا التغيير ينسجم مع ما ظهر الأيام القليلة الماضية، حيث تحدثت مصادر عن قيام طائرات النظام بقصف مواقع لـ«داعش» في تدمر بالتعاون مع الأميركيين، وربما المعني هنا هو التعاون الاستخباراتي.
مشهد غريب، اشتراك الأعداء في حرب ومهام قتالية متشابهة وضد عدو واحد، لكنه قد يمهد لاحقا، إما لمشروع سياسي، والأرجح دمج المعارضة المعتدلة في النظام السوري ناقصا الرئيس الأسد، وإما تقسيم البلاد وفوق الواقع الجديد الذي تقف فوقه قوات كل فريق. لكن هذين الأمرين مرهونان بنتائج الحرب على «داعش» الذي لن يكون سهلا هزيمته، بدليل فشل قوات النظامين في سوريا والعراق طيلة عامين دمويين! كما أنه مرهون بحجم التدخل التركي الذي وسعت أهدافه ومعانيه وسيكون حاسما في وقت لاحق، وقد عبر وزير الخارجية التركية عن شكواه بأنه لا معنى أن يذهب مقاتلو المعارضة السورية دون حماية جوية، لأن هذا يعني أنهم سيقتلون من الجو ببراميل الأسد وعلى الأرض ببنادق «داعش»، وهذا صحيح، فـ«داعش» والنظام اتفقا لعامين على استهداف قوات الجيش الحر وبقية القوى المعتدلة.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر