المسيح فصحنا العظيم -2- ثلاثاء البصخة (المسيح بين يومين)

jesus_cross_crucifixionالحياة كلها يومان.يوم هنا و يوم هناك.الكتاب كله يأتى بنا من يوم الأرض إلى يوم السماء.الكتاب عهدين .القديم يعلمنا اليوم الأول و هو الخلاص و الجديد يعلمنا اليوم الثانى و هو الملكوت . المسيح هو معلم اليومين و العهدين و صانعهما. كلنا نعيش بين اليومين. قراءات ليلة ثلاثاء البصخة كذلك منحصرة بين اليومين.يوم الخلاص و يوم الدينونة.في آلام المسيح و صلبه تكون الرسالة واضحة.لنتبع المصلوب لأنه وسيلة خلاصنا الوحيدة.
يوم المسيح
.يوم المسيح هو خلاصنا اليوم الذي صنعه الرب و شفانا بجراحاته بالصليب. لا موت بعد بل إبتهاج. يقيم معنا في يومنا قليلاً ثم نقيم معه في يومه إلى الأبد. مز 12. لو13
في إتضاعه يقضي المسيح اليوم في الهيكل وفى مجده يقضي الليل مع الآب على جبل الزيتون .هنا المثال لنتبعه. لنقضى حياتنا معه في الهيكل فنستحق أن نقضي الأبدية معه فوق الجبل .جبل الله.الهيكل الذي نقضى فيه حياتنا هو جسدنا و هو المسيح أيضاً و الجبل الذى نقضي فيه الأبدية هو الآب و هو المسيح أيضاً..فلنأخذ معنا قلوبنا و محبتنا و إرادتنا و نصعد فإنه يضعنا هناك في تلذذ قدام أبيه الصالح.ننفرد به و ينفرد بنا.ما أجمل جبل الله. مكلل بالزيتون. نعمة الروح القدس العجيبة.الذين لا يقوون على الوقوف يسندهم الروح و يرفعهم ليصعدوا إلى قمة المجد متكلين على وساطة الإبن ليكونوا مع الآب.هذا يوم المسيح يزرع فينا البر و ذلك يومنا في المسيح لنحصد ثمرة الحياة .هذا اليوم هو ما نعرفه أما ذاك اليوم الأخير فهو ما نؤمن به .و ما لا ندركه اليوم نفهمه في يوم المسيح.لذلك في اليوم الحاضر نطلبه ليكون لنا و في اليوم الأتى يطلبنا فنكون له . يعطنا نفسه حياة أبدية فهو الطريق الوحيد الذى به نعبر من الزمن إلى الأبدية.
الباب لو13
من يجد الباب يمكنه أن يدخل فيه مهما بدا ضيقاً فى أوله .بداية الخلاص أن تجد الباب و هو قريب منك.الباب على بابك يقرع.الباب نفسه هو الذى يأتيك و ما عليك سوى أن تدخله.لن تشعر ساعتها إن كان ضيقاً أم لا لأنك و انت في الباب لا تشغلك الضيقات بل تنعشك بهجة الخلاص و تتلذذ لأنك داخل إلى رحب المراحم. كل الضيقات خارج الباب و أما في داخله فتجد وسع المحبة .لأن الباب هو المسيح ملك البر. من لا يدخل الباب يبقى خارجه.من لا يسمع الآن القرعات على باب قلبه لا تسمع فيما بعد قرعاته على باب الرب.لا ينفع أحد لو أكل قدام المسيح لكن ينفع كل أحد لو أكل المسيح نفسه . أخذه لنفسه طعاماً سماوياً .لا ينفع أن تأكل قدام الباب لأن الذين أكلوا قدامه سمعوه منه الحكم يقول إنى لست أعرفكم.لكن ينفع أن تفتح بابك فيدخل فيك الباب السماوى و يفسح كيانك للآب فيأتيك و يجعلك منزلاً للأقانيم. لا ينفع أن تفتخر أن المسيح يعلم في الشوارع فهو لم يأت للشوارع بل لأجلنا.الذين إفتخروا بشوارعهم سمعوا الحكم القاسى إنى لا أعرفكم.فلينتبه كل أحد أن يفتخر بالطريق السماوى لا بالأماكن و لا بالشوارع .لئلا يندم.في المسيح طريق واحد لا توجد شوارع لكنه قادر أن يجعلك مدينة مقدسة.
وليمة الفريسيين لو 13- لو 11
جاء الفريسيون يطلبون أن يخرج المسيح من أورشليم بحجة أن هيرودس يريد أن يقتله .منذ متى يحرص الفريسيون على حياة المسيح؟ إنها كلمات إبليس قائدهم الذي يخشى موت المسيح و يعرف أنه لم يمت نبى خارجاً عن أورشليم. كانت الحرب تتصاعد بين الحمل و بين الثعلب.أذهبوا قولوا للثعلب رئيسكم إننى أخرج الشياطين من كل الأرض .و لن أخرج من أورشليم.
الفريسيون كاذبون مخادعون لأنهم بعد أيام قليلة صلبوه و قتلوه , لذلك قال و هو يقصدهم, كم مرة أردت أن أجمع بنيك و لم تريدى. كانت هجمات إبليس الشرسة تلوح بقوة و أبواق الحرب على المسيح تتصاعد في كل الأرض إلا أن الرب يسوع أراد أن يعط الفريسيين فرصة ليجمعهم كى لا يهلك أحد .أى حب هذا.
دعاه فريسى ليتغدى عنده فإستجاب.دخل و إتكأ.في الموائد يتكأ الفريسي على رأس المائدة .حين تقرأ أن المسيح إتكأ فإعلم أنه أخذ مكان موضع الفريسي و موضع كل خاطئ و جعل الصليب متكئاً ليخلصنا .المسيح لم يغتسل كما الفريسى.فالنقاوة تنبع منه وحده و طهارة الأشياء مأخوذة منه.كان الفريسى يريد شخصاً مغتسلاً ليتغدى معه لكن المسيح جاء ليحمل كل أدناسنا و هو منبع النقاوة.. دمه وحده يغسل الكنيسة.لكن الفريسى لا يهتم بل يتعجب لأنه لم يغتسل.
مسيحنا الحلو مسيح قوى جرئ.ذهب إلى البرية أرض الخصم و هناك غلب إبليس على الجبل. رد بقوة على تهديد هيرودس بالقتل.الآن أيضاً يجلس في بيت الخصم و يوبخه بالويلات.لم توقفه وليمة الفريسى عن إعلان الحق.وبخ الفرسيين و الكتبة و الناموسيين.وبخ كل من فى البيت.كل الذين على المائدة.كانت كلماته نارية. يستحق الويلات كل من يرفض المسيح.كل الويلات للجيل القاتل للمسيح.حتى لو أقام الولائم كلها. و هو لأنه مات عن الكل يحكم عليهم. يأتى يوم المسيح الذي فيه يسترد منهم حق دمه الذي سفكه عنهم دون جدوى.يطلب من ذاك الجيل دمه الذى أراد أن يسترهم و يغسلهم به .وقتهايعرفون معنى العرى و الحرمان و الظلام الأبدى.
دخل المسيح بيت الفريسيين و إتكأ .تكلم قليلاً و وبخ كثيراً. في بيتهم كان يقدم لهم نفسه خلاصاً وحيداً أكيداً لكنهم ما قبلوه.لا كلام عن الخلاص في بيت الفريسيين ما داموا يرفضون المسيح.قبول المسيح يأتى أولاً لأنه ليس بأحد غيره الخلاص.لذلك في بيت الفريسى كانت المائدة كلمات و الكلمات ويلات و الويلات مصير أبدى لرافضي المسيح العظيم.
هل يعلم المسيح يوم الدينونة؟
ساعة الدينونة لا يعلمها أحد و يوم الدينونة مجهول للجميع. العجيب أن إبن الله يقول أنه لا يعرفها فكيف يكون هذا و هو أقنوم المعرفة و هو الديان نفسه الذي سيدين الجميع.و هو إبن الإنسان الذي مجيئه الثانى سيكون في تلك الساعة و ستنظره كل عين. الأرضيون و السمائيون و حتى الشياطين ستنظره فكيف لا يعرف الساعة؟
– لقد إستفاض المسيح في شرح علامات كثيرة عن خراب أورشليم وعلامات أخرى عن يوم الدينونة فكيف و هو يشرح بتفاصيل كثيرة هكذا ليس يعرف الساعة؟ بل يعرفها … لأنه فيما يتكلم لم يكن أحد يسمع و يفهم و يقشعر من كلامه أكثر من إبليس و جنوده.و لأجل الحرب الخفية الدائرة بين المسيح و إبليس و قد إقتربت من نهايتها أراد يسوع أن يخفى لاهوته لئلا يوقف إبليس مؤامرته و يعطل الصليب.لأن إبليس يعرف أن إبن الله هو أقنوم المعرفة و لا يخفى عليه أمر فلابد أنه يعرف بالضرورة موعد الدينونة.لهذا لما سمع إبليس أن الإبن يقول لا أعرف ظن أنه ليس الإبن فأسرع و أكمل تدبيره الشرير لقتل المسيح و هو ما يتفق مع خطة المسيح لخلاصنا.لذلك( لا أعرف ) هذه هى التى بها إنخدع إبليس فإقتاده المسيح إلى الجولة الأخيرة على الصليب حينئذ إكتشف أن المسيح يعرف و أنه الله الظاهر في الجسد.
– دون أن نفصل الناسوت عن اللاهوت نؤمن أن المسيح كإنسان ينام و لكن كإله لا ينعس و لا ينام. كإنسان يأكل و يشرب,يجوع و يعطش لكنه كإله لا يحتاج هذا كله. لذلك قال عن نفسه كإنسان لا يعرف الساعة الأخيرة لكنه كإله يعرفها لأن اللاهوت كلى المعرفة ليس فيه جهل بأى شيء. يعرف تلك الساعة لكنه لا يريد أن يعلنها . لهذا إن سمعت المسيح يقول لا أعرف لا تظن أنه يجهل شيئاً لكن تيقن أنه لا يعلن كل ما يعرفه.
المسيح بإرادته أخذ صورة العبد. و العبد لا يعرف متى يأتى سيده مت 24 : 50. و المسيح حينما قال لا أعرف كان في صورة العبد.يسلك سلوك الخادم لا السيد.فلما سألوه متى تأتى الساعة أجاب كعبد لا أعرفها.لكنه السيد أيضاً الذى يأتى و يعرف الساعة.هنا لا يعثر فكرك فالمسيح لم يجب بالسيد الذى في شخصه بل بالعبد الذى قبله لأجلنا.ما أعظم تواضعك يا سيدنا.
روح الله يعرف
روح الله كأقنوم الكلمة يعلم كل شيء لكنه لا يعلن كل شيء بل يعلن القدر الذى يكفى لخلاص البشرية.لإننا لا نقدر على كل المعرفة ما دمنا في الجسد الترابى.لهذا إشتاق القديسون أن ينطلقوا من الترابى و يلبسوا المسيح السماوى لكي يعرفوه بالكمال كما يعرفهم و تستعلن لهم أسرار محبة الأقانيم. فى السماء سيبقى الإنجيل . نعيشه هناك بأعماق أبدية . سنتلذذ بالحب في اللغة الإلهىة فنتعلم الإلهيات بغير ستار و تزول عوائق اللغات و الترجمات و ننال إنفتاح عقل و قلب غير موصوفين و ينكشف لنا ما كان خافياً. حينها نعرف أننا كنا بالحقيقة لا نعرف. مع أننا عرفنا بعض المعرفة.بهذا المقياس نستطيع أن نقول كالمسيح أننا لا نعرف مع أننا نعرف .
من أجل هذا داوم القديسون على قول – لا أعلم لا أعلم- و هم يعلمون لكن لأنهم ينتظرون المعرفة الكاملة لاسرار ملكوت السموات يحسبون أنفسهم كمن لا يعلمون. فلا تتشكك إذا سمعت المسيح يقول لا أعلم تلك الساعة فهو يعلمها يقيناً كما أنه يقيناً لا يكذًب بل يتكلم بفكره هو و ليس فكرنا نحن.
-يومٌ يأتى بغتةً و يفاجئ الجميع حتى الملائكة و الشياطين. يوم مفاجئ يفوق التصورات و التوقعات حتى للملائكة النورانية فكم يصعب أن يستوعبه عقل الإنسان الترابى.لذلك لم يسنح لنا أن نعرفه فهو يوم الأبدية و كل ما للأبدية نحياه هنا لا بالمعرفة بل بالإيمان.
-هل تظن أنه كان يجب أن نعرف ميعاد اليدنونة مهما كان الأمر؟ هل رأيت كيف أن نهاية كل بشر أتت ذات يوم.و أمر الرب الحنون نوحاً لكي يبنى الفلك و ينذر و يخبر الناس بميعاد الهلاك و بطريقة الهلاك أيضاً فكم من الناس بعد أن عرف بالنهاية كان مهتماً باخلاصه؟ لا أحد في الأرض لا أحد من كل البشرية؟ سوى ثمانية اشخاص.لا أحد إستفاد من علمه بالنهاية.لأن المعرفة لا تخلص لكن يخلصنا أن نؤمن بأن الرب يبرر الفاجر و نتوب الآن دون أن ننشغل بميعاد الدينونة.

نشيد لأورشليم
هوذا النسر فارد جناحيه .كذراعى أم قد أتاك معانقاً هل من عناق؟ عيناه ثاقبتان تبصرك و تصطادك.لا تهربى من عينيه يا أورشليم. أحجارك يا أورشليم تهوى و هم معها يسقطون . لا تحزنى علي الأحجار فإن حجر الزاوية مصلوب قدامك .هوذا يطيح بكل الأحجار لتحل المحبة.لا تهتموا بأحجار المدينة المقدسة بل بالهيكل الجديد .الرؤساء فيك يا أورشليم يتوارون خجلاً من السيد.في غفلة الرعاة تصحو الذئاب. و في إنحرافاتهم يهون هلاك النفوس..من يرتمى في حضن السيد الرب ينجو. دموعه تسيل على الكل. معلم البر يبكى . على قساوة القلوب تسح عيناه. أورشليم حجبت الملك عن الأمم . و بدلاً من أن تكرز للغرباء صارت لهم برقعاً. صوتٌ يأتيك من الشمال.صوتٌ يأتيك من الجنوب. كالماخضة تتوجعين.فكيف لا يحن قلبك على الذين سحقتهم قساوتك. أنظرى خيامك و إكتئبى لأنه لم يعد عيد للسيد أو صلاة..هوذا بيت حسدا أتخمت بالمفلوجين.مياهها صارت راكدة.لم يعد يأت ملاك و لا نبى.أورشليم يسكنها الوجع .كالحية تغير جلدها . فتحت قلبها للصيارفة و عن الرحمة أغلقته. يا أورشليم يا أورشليم يا مدينة الله إستيقظى.إفتحى باب الضأن ليدخل خروف الفصح.يأتى و يصير هيكلك.و يجعل البعيدين أحباء. لا ترفضي السيد حين يلبسك رداءاً النقاوة.لا تنتفضي ضده لأنه يجددك.إهدئى و استجيبى فيفرح بك السيد الرب كعروس.. هوذا قد جاءك لئلا تكونين شماتة للغرباء.يجلس معك كطفلة.يبدأ من جديد.خذى لغته, لغة خلاصك.فالكنوز فيه مخبأة.صوت الأبواق آت يا أورشليم .العتيق يمضى الآن و سكيب الخمر يعلن الأفراح. الجديد يتبع السيد. و من فاته الزمان يأخذ عنه أضعافاً.بشارتك يا أورشليم حاضرة.يظهر لك مجد ثم مجد ثم مجدين.تنحل أسئلة المشتكى.يظهر السيد بطلاً.فوق الجبل يتلألأ. يملأ المدينة سلاماً عوض النزاع.أقنوم الحكمة يبيت في شوارعنا.يمسح كل مقابليه بالنعمة.يجتمع الغرباء عند قدميه.يظهر نور عظيم من بستان الله.هذا نشيدى يا أورشليم فإنشديه.

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.