المسيح صار جسداً ثم صار عبداً .لم يظهر أبداً كملك سوى اليوم. حتى لما تجلى على جبل طابور لم يره سوى ثلاثة من التلاميذ و أمرهم أن لا يتحدثوا عن تجليه. اليوم فقط يدخل قدام البشرية كملك حتى عندما يُصلب نقول أن الرب قد ملك على الصليب. لهذا ينبغى أن نبتهج و نسبح المسيح الملك.
المسيح يقترب من أورشليم يبدأ تحقيق الخلاص من بيت فاجى.بيت التينة. أول عهدنا بالتينة كان بعد الخطية و العرى.إلى بيت فاجى يجتاز قدام التينة التى بلا ثمر لعلها تنتبه و تستقبله و إلا ستصير في الغد لعنة و عاراً.من قبل اللعنة بدأ الخلاص.ها هو مخلصنا الصالح يسوع في الطريق إلى أورشليم كى يلبس آدم و بنيه لباس الخلاص القميص الذى إرتداه آدم رمزياً حين أحس بالعرى.
أتان و جحش
هاتوا الأتان و الجحش من بيت فاجى , بيت التينة التى لعنت.أخرجوهما فإن الرب محتاج إليهما.إلى الأتان الكبير والجحش الصغير محتاج.إلى اليهود و الأمم محتاج . كان الأتان و الجحش رمزاً لهما.لأنه قبل الفداء ما كان فرق بين الإنسان و البهيمة .بعد أن فقد الإنسان روح الله صار مجرد نسمة كالبهائم.و في الموت أيضاً يتشابهان .كلاهما يموت. كلاهما يختفى في الظلام.كان الإنسان كالبهائم مربوطاً .سلاسل الخطية قيدت الكبيرو الصغير و كان الفساد لجام على فمه يمنعه من الحديث مع السماء.كان إتجاه البشر كالبهائم دائماً إلى أسفل.و كما البهائم لا تستطيع أن تفك نفسها هكذا الإنسان كان يحتاج إلى من يفك القيود جا2 : 18-21
كان للأتان بيت كاليهود و لم يكن الجحش في البيت بل كان مربوطاً خارجاً كالأمم مر11: 4و5 و مع أنهما حلا الأتان لكن الذين شاهدوهما تعجبوا كيف حلا الجحش؟ إذ لم يكن للأمم رجاء في فكرهم.
يبهرنا الكتاب بقوله أن الذين تقدموا (اليهود) والذين تبعوا (الأمم) قالوا خلصنا مر11: 9
الرب محتاج ؟
كلام الروح يعلن السر.الرب محتاج إليهما. أنا أندهش حتى النهاية من عظمة تعبيراتك يا الله. منذ متى تحتاج يا الله؟ ماذا ينقصك؟ نعرف و نعترف أننا الناقصون لكن روحك يقول أنك أنت المحتاج.فهل إعتبرت أنك ناقص بدوننا و أنك بنا تكتمل؟ هل بتجسدك صرت رأساً تحتاج إلينا جسداً.هل تحتاجنا لكى تبرهن حبك.أم تحتاجنا كى تفرح أبيك القدوس الذى بَذَلَكَ حباً بنا.ماذا تحتاج فينا يا الله؟ و أنت تسدد كل إحتياجات الخليقة.كيف صرت محتاجاً بسببنا؟ أهكذا بدأت الحديث كعبد لكى تدخل أورشليم كملك. في الطريق مع تلاميذه حذرهم يسوع إن قابلكم المشتكى و سألكم من قال لكما هذا قولا له هو الرب .هو محتاج إليهما.يريد اليهود و الأمم
فرشوا ثيابهم
في البدء ألبس الله آدم و حواء أقمصة لسبب عريهما و لما ظهر الإبن في الجسد يخطو نحو الصليب بثبات خلعوا ثيابهم لأنه سيستر الجميع بدمه فما الحاجة للأقمصة.خلعوا أقمصتهم و فرشوها ,الثياب لم تعد تستر فليلبسوا المسيح إنسانهم الجديد لأنه يدوس الموت و يكسيهم.. على الأتان فرشوا الثياب و على الجحش فكل اليهود و الأمم قد إنحنوا قدام الملك الراكب الأتان و الجحش.فرشوا ثيابهم في الطريق كأنما يخفون الطريق الأرضي ليظهر الطريق السماوى داخلاً أورشليم كالظافرين.لقد قضى ثلاثة سنين و أكثر يخدم الكل و يرمم كل الثغرات.لم يفوته شيء.لم يفشل و لو مرة فكيف لا يدخل أورشليم منتصراً و كيف لا يفرحون به.لما تركوا أوراق التين عند بيت فاجى و قاربوا المنحدر لم يخجلوا أن يتعروا قدام المسيح إذ خلعوا ثيابهم كمن يولدوا من جديد, فرشوا تحت السيد ثيابهم لأنه وعدهم أن يستبدل اللعنة بثوب البر..
قطعوا أغصان الشجر و فرشوها في الطريق
كان كل البشر هذه الأغصان المقطوعة من الكرمة.كلها أغصان لا تستطيع أن تأتى بثمر من ذاتها.إنفصلت و ماتت و كانت تنتظر مصيرها . يجمعونها و يلقونها فى النار.هذه الأغصان نحن.كنا كموتى نهتف و نلوح للمسيح الداخل أورشليم .وضعنا الأغصان مفروشة تحت الغصن الحى يسوع لعلها تتطعم به و تحيا من جديد.ما دام الكرام قد أتى فإعطه غصنك الميت كى ينفخ فيه نسمة حياة.لم يقطع المسيح غصناً بل البشر قطعوا أنفسهم من المسيح ثم فرشوا أغصانهم ظناً أن هذا هو أفضل إستقبال للملك لكنه كان إستقبال المخلص السماوى.لذلك كان الصليب مفروشاً تحت رجليه فكل أغصان البشر صلباناً.لنهتف للداخل أورشليم قائلين أوصنا إصنع لنا فيك أغصاناً جديدة عوض عن التى إنفصلت عنك و ماتت.يدخل الملك بلحن سماوى يرنم :أنا كالكرمة المُنْبِتة النَّعِمَة، وأزهاري ثمار مجد وغنى .سيراخ24 : 1
عند المنحدر فرح التلاميذ و بكى يسوع
عند المنحدر تبدأ الأحداث تُكتب بالذهب. عند المنحدر بدأ التلاميذ يفرحون إذ رأوا ملكهم الوديع يقترب من الباب الذهبى لأورشليم.هناك دخل ملك السلام أورشليم ليتسلم التاج شوكاً و البرفير القرمزى رداءاً و يحمل الصليب صولجاناً.عند المنحدر يرتضى الإبن أقل الدرجات كى يرفعنا إلي السماويات لهذا يفرحون.عند المنحدر تزداد الخطوات سرعة و يتجمهر الجميع لعلهم يجدون في المملكة الجديدة نصيباً.عند المنحدر فرح التلاميذ و هتفوا لكن عند المنحدر بكى يسوع لو 19: 41. بالأمس بكى لعازر و اليوم بكى أورشليم ثم تتوقف رحلة الدموع لتبدأ رحلة الدم. من عند المنحدر ينوى أن ينزل حتى إلى الجحيم بإرادته و يسبى المسبيين و يخرج بهم منتصراً لذلك يهتفون له عند المنحدر..ها أورشليم تكرر جريمتها و هى غافلة عن مصيرها .يهتفون للملك ثم يتجمهر خدام الكرم ليقتلوا إبن صاحب الكرم فبكى عليهم.لم نر ملكاً يبكى يوم إنتصاره إلا لو كان الملك الوديع يسوع المسيح الحلو.
هوشعنا الملك الآتى بإسم الرب
إرتجت المدينة كلها.صوت الهتاف زلزل أورشليم.هتف الجميع خلصنا هوشعنا لكن في داخل كل واحد خلاص خاص يطلبه لنفسه.
الفريسيون يهتفون خلصنا و هم لا يريدون خلاصه . يعرف السيد أنهم مراؤون يقولون ما لا يقصدون .حتى أن بعضهم يعتقد أن المسيح هو- يهوه الصغير-(ميتاترون) غير مساو للآب.فإن لم يؤمنوا بالمسيح إلهاً واحداً و مساوياً للآب في الجوهر فكيف يطلبون خلاصاً هاتفين أوصنا و هو مكتوب إن لم تؤمنوا به تهلكون.لا ينخدع المسيح بهتافات و لا بصلوات أو حتى صرخات زائفة.
الصدوقيون يهتفون هوشعنا و هم لا يؤمنون بالقيامة فباطل هو هتافهم إذ لم يؤمنوا بالقيامة فكيف يكون خلاص..الهيرودوسيون يهتفون خلصنا ثم يصمتون على إستحياء إذ لا ملك لهم إلا قيصر لذلك هم لا يشتركون في الهتاف حين يكون مبارك الملك الآتى بإسم الرب فما قيمة الهتاف ب هوشعنا ما داموا لا يرتضون المسيح ملكاً؟
طائفة الغيورين أيضاً يهتفون خلصنا و هم يريدون الخلاص من الرومان و جزيتهم فماذا لو إستجاب و خلصهم من الرومان ثم بقى الموت يحصدهم؟
التلاميذ هتفوا خلصنا و لم يقصدوا خلاص الرب.كانوا ينتظرون مملكتهم لا ملكوت الله.و أرادوا أن يتقاسموا الكراسى عن يمينه و يساره و تشاجروا من يكون الأعظم حينها.
البعض كان هناك يهتف خلصنا من الفقر أو خلصنا من السلطة الغاشمة أو خلصنا من مشاكل الحياة كلهم هتفوا لغير ما جاء المسيح لأجله.لأنهم لو طلبوا خلاص الرب سيكون لهم خلاص من كل شيء.
إلا الأطفال المباركين. ليس عندهم إشتياق سوى لشخص الرب نفسه.لا يحملون هماً يرتجون منه الخلاص بل يحملون حباً يقبلون به المخلص.إرتاح قلب الرب لهتاف الأطفال لأنهم من قلب نقى يصرخون.بقلب طاهر يطلبون. لذلك إنتهر الذين إنتهروهم.لأنه بقلب أطفال يسر الرب.كثيرون هم الذين يقولون خلصنا و قليلون منهم يقصدون الخلاص الذي من أجله تجسد الرب.فليفتش كل واحد قلبه لأجل أى خلاص يهتف للرب.
ليت لنا يا الله قلب طفل فنهتف به و نصلى نعيش به فرحك و حبك و أنت تقبلنا بمسرة حين ندعوك قائلين هوشعنا خلصنا مبارك أنت يا سيدنا الملك المسيح ملك المجد الآتى من عند الآب.