إسحق مارديني: موقع الناقد
نزولًا عندَ رغبة بنك أبو ظبي الإماراتيّ الوطنيّ وافق نادي ريـال مدريد الإسبانيّ على نزعِ الصّليب من شعارِه في المنطقة العربيّة الإسلاميّة، الشّعار الذي اشتهرَ به منذ سنة 1920. وجاءَ هذا الطّلب لأنَّ الشّعار الجديد بدون الصّليب سيظهر على بطاقات الائتمان التي سيصدرها البنك الإماراتيّ بعد أن أبرمَ البنك اتّفاقية شراكة مع النّادي الإسبانيّ يصبح بموجبها الرّاعي الرّسميّ له في الإمارات والشّرق الأوسط.
فأمّا أسباب هذا الطّلب فأهمّها الحفاظ على شعبيّة النّادي في المنطقة العربيّة المسلمة، واحترامًا للمشاعر الدّينيّة الإسلاميّة. بما يعني أنَّ رمز الصّليب هو اعتداء على مشاعر المسلمين وانتهاك صارخ لحقوقهم العاطفيّة الدّينيّة. وهذا يعني بشكلٍ آخر أنَّ مجمل الاضطهادات والتّضييقات التي عاناها المسيحيّون في الدّول الإسلاميّة إنّما كانت لأنّهم يحملون رموزًا تنتهك مشاعر المسلمين وتؤذي عواطفهم الدّينيّة.
بغضّ النّظر عن موافقة نادي كريال مدريد يسعى إلى الرّبح المادّي دون الاهتمام بأيّ من مبادئه الدّينيّة أو الثّقافيّة في مواجهة عرضٍ مادّيٍّ مغرٍ كعرض بنك أبو ظبي، فإنَّ مثل هذا الطّلب لكفيلٌ بأن يختزل ثقافة الإسلام وعقيدته في أرضه وفي كلِّ أرضٍ قد يبلغها ألا وهي إقصاء أيّة عقيدة غير عقيدته، وإلغاء أيّة ثقافة غير ثقافته. عنصريّة بما لا يكفي هذه الكلمة أن تعبّر عن عنصريّة الإسلام البغيضة.
لو قلبنا الآية رأسًا على عقب، وقامت إحدى المؤسّسات العالميّة، أيًّا كانت عقيدتها الدّينيّة، بطلب نزع رمزٍ دينيٍّ إسلاميّ عن شعارٍ أو ما شابه بحجّة أنَّ هذا الرّمز الإسلاميّ يُسيء إلى مشاعر أتباع هذه العقيدة الدّينيّة فماذا يُمكن أن نتوقّع أن تكونَ ردّة فعل المسلمين على طلبٍ كهذا؟! هياجٌ وبربريّة وحرقٌ وقتلٌ واغتصاب لأنَّ هذه المؤسّسة وأتباعها يعانون من العنصريّة والإسلاموفوبيّا، وأنّها تضطهدُ المسلمين وتنتهك أقلّ حقوقهم الإنسانيّة في التّعبير عن رموزهم الدّينيّة بحريّة تامّة. هل فكّر المسلمُ بهذا يومًا؟! هل تأمّل قليلًا في آية المسيح: “عامل النّاس كما تحبّ أن يعاملوك”؟! هل يُمكن الإسلام أو المسلمين أن يضعوا أنفسهم على قدم المساواة مع الآخرين أيّا كانت مبادئهم أو عقائدهم؟! بالطّبع لا، وبالتّأكيد كلّا! لا يُمكنهم ولن يمكنهم ذلك طالما هم مأسورون بنصّ إلههم القرآنيّ المقدّس، وأحاديث رسولهم وسنّته، وفقه أئمّتهم وفتاويهم، والافتخار بتاريخهم الدّموي الذي ما زال حتّى اليوم يسفك الدّماء، كلَّ أنواع الدّماء، في كلِّ مكانٍ من العالم… لن يُمكنهم ذلك ما داموا موثَقين بقوانين البداوة وشرائع الغزو وعقائد العنصريّة التي تمنع عنهم أن يروا حقيقة العدالة في الإنسانيّة، وحقيقة المساواة التي يطلبونها في غير بلاد الإسلام وينكرونها في بلاد المسلمين!
حتّى متى سيبقى العالم أخرسَ عن هذه العنصريّة السّرطانيّة التي تفشّت في بلادنا الشّرقيّة فنسخت حضارتها وأعادتها إلى زمن البداوة الأوّل، وهي تتفشّى بسرعة لا مثيل لها في أوروبّا وآسيا وكل بلدان العالم. صمتُ العالم عن هذا السّرطان المستعصي يعني أنّه يحفرُ قبرَه بيديه، ويحفرُ قبرَ الأجيال القادمة. وكلُّ إنسانٍ يصمت عن جريمة وجود الإسلام في العالم فإنّه بصمته يحفرُ القبرَ لأبنائه ولأحفادِه ويصنع جحيمهم بيديه.
*المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر