بمناسبة اليوم الوطني لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة (الهولوكوست) نتوقف في محطات إنسانية مثيرة للإلهام خاطر فيها مسلمون من شمال افريقيا و أوروبا بحياتهم من أجل إنقاذ جيرانهم اليهود من البطش النازي خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي
المغرد / اوهاد مرلين
“الصالحون بين الأمم” هو المصطلح الذي يطلق على سكان أوروبا وشمال إفريقيا من غير اليهود الذين ساعدوا في إنقاذ اليهود من براثن انازية إبان الهولوكوست دون مقابل، معرضين انفسهم للخطر. وتعتبر دولة إسرائيل هؤلاء “الصالحين” أبطالا حقيقيين وتكرمهم للأبد كما وتمنحهم أوسمة خاصة وتزرع أشجارا إكراما لهم في بستان خاص في أورشليم يسمى ب”بستان الصالحين”. ويتبوأ عشرات المسلمين مكانة مرموقة بين هؤلاء الصالحين ممن خاطروا بحياتهم من أجل إنقاذ جيرانهم اليهود في اسمى تعبير انساني.
خالد عبد الوهاب هو اول عربي مسلم من تونس يتم تكريمه من قبل مؤسسة ياد فاشيم لتخليد الكارثة والبطولة بلقب الصالحين بين الأمم إذ أنه انقذ عائلتين يهودييتين احداهما عندما نجح في ابلاغ امرأة يهودية بمخطط لاختطافها في الفترة الذي خضعت تونس تحت الحكم النازي كما قام بإيواء 25 من أفراد عائلة “بوخريس” في تونس، و الطبيب المصري محمد حلمي الذي عاش في ألمانيا في فترة الحكم النازي وأخفى في بيته في برلين 5 يهود من القوات النازية. ولا ننسى الشيخ طيب العقبي من الجزائر و علي سكعات من شمال افريقيا. ويمثل هؤلاء الأبطال قدوة للتعايش والمحبة بين الجيران من الديانات المختلفة، رغم كل الصعاب.
ألبانيا – الدولة الصغيرة التي ابت الإنصياع
تقع ألبانيا، وهي دولة صغيرة جدا، في جنوب البلقان الأوروبي. وخلال الحرب العالمية الثانية بلغ عدد سكانها نحو 800 ألف نسمة، بضمنها جالية يهودية صغيرة لا يزيد عددها عن 200 نسمة. غير ان هذا العدد ارتفع بعد وصول هتلر الى سدة الحكم في ألمانيا عام 1933 ونزوح حوالي 1000 يهودي إلى ألبانيا من مختلف دول أوروبا.
ومع احتلال ألمانيا لألبانيا عام 1943، رفض سكان الدولة رفضا مطلقا إطاعة أوامر النازيين بتسليم قوائم بأسماء السكان اليهود، بل وساعدت السلطات المحلية في توفير وثائق مزيفة للنازحين اليهود مما مكنهم من الاختلاط بالسكان الألبانيين. كما ومنحت هذه السلطات حق اللجوء السياسي لليهود.
ونجحت ألبانيا، الدولة الصغيرة ذات الأغلبية المسلمة، بإنقاذ معظم اليهود الذين سكنوا فيها من سكان ونازحين، وكانت من بين الدول الوحيدة التي شهدت ارتفاعا بعدد السكان اليهود بعد الحرب العالمية الثانية، خلافا لمعظم دول أوروبا.
صلاح الدين أولكومن: الدبلوماسية لأجل الأبرياء
شغل الدبلوماسي التركي صلاح الدين أولكومن منصب القنصل التركي العام في جزيرة رودس اليونانية، خلال فترة الاحتلال النازي لليونان بداية الأربعينيات. وفي العام 1944 بدأ الألمان بعملية تهجير سكان الجزيرة اليهود إلى معسكرات الإبادة في بولندا وألمانيا. واستخدم أولكومان نفوذه بصفته دبلوماسي تركي لإنقاذ عشرات اليهود الأتراك وغير الأتراك، مقنعا النازيين بأن القانون التركي يعتبر أزواج حاملي الجنسية التركية أتراكا أيضا، بالرغم من انعدام مثل هذا القانون على ارض الواقع. ووضع هذا الدبلوماسي قوائم باسماء اليهود الأتراك وعائلاتهم الموجودة في رودس وأنقذ بهذه الطريقة عشرات اليهود، منهم أسرى كانوا في القطارات الألمانية في طريقهم إلى معسكرات الإبادة.
واعترف معهد “ياد فاشيم” لتخليد ذكرى الهولوكوست بأولكومان كأحد الصالحين بين الأمم عام 1990 كما ومنحته دولة إسرائيل ميدالية خاصة إكراما لمساعيه لإنقاذ الأبرياء من جرائم النازيين بمحض إرادته الحرة. وفي العام 2001 قال أولكومان، وهو شخصية متواضعة جدا، في مقابلة صحفية معه:” إن كل ما فعلته كان وفاء بالتزامي تجاه الانسانية”.
في العام 1941 قصفت الطائرات الألمانية يوغوسلافيا ودمرت بيت العائلة اليهودية البوسنية “حالفيليو”. وساعد صديقيْ عائلة حافيليو، مصطفى وامرأته زينبة من عائلة هارداغا المسلمة، جيرانهما اليهود حيث أعطياهم الملجأ واستقبلاهم في بيتهما. وبعد احتلال الألمان ليوغوسلافيا نجحت عالئة حافيليو الهروب إلى منطقة “موستار” التي كانت تحت سيطرة الإيطاليين، لكن أب العالئة، يوسف حافيليو قد اعتقل من قبل الكروات. وخلال الفترة التي قضاها في السجن هرّبت زينبة هارداغا المأكولات للأسرى بالرغم من الخطر الكبير.
ونجح يوسف الهروب من السجن حيث استضافته عائلة هارداغا من جديد، حتى تعافيه وانضمامه إلى عائلته في موستار. وبعد انتهاء الحرب رجعت عائلة حافيليو إلى سراييفو وتلقت المساعادات من عائلة هارداغا كي يعيدوا بناء حياتهم، وهجرت عائلة حافيليو إلى إسرائيل عام 1984.
لكن القصة لا تنتهي هنا! ففي التسعينيات اندلعت حرب أهلية قاسية في يوغوسلافيا، لذا توجه معهد ياد فاشيم إلى السلطات البوسنية كي تسمح عائلة هارداغا الوصول لإسرائيل لغاية نهاية الحرب، وفي إسرائيل استقبلتهم عائلة حافيليو واستضافتهم مثلما استضافوهم في فترة الهولوكوست في البوسنة!
تمثل هذه الحكايات الرائعة نموذجا من الحكايات الاستثنائية التي نذكرها في مثل هذه الأيام المؤلمة، بصفتها مصدرا حيا لإعادة الثقة بالانسانية. ويكن الشعب الإسرائيلي واليهودي في كل مكان الشكر والتقدير لجميع الأصدقاء من جميع الديانات الذين خاطروا بحياتهم ونشروا الضوء في مواجهة الظلام القاسي في فترة النازية.
١: تبقى الانسانية دين جميع الصالحين الى يوم الدين ؟
٢: ما يجهله الكثيرون أن الكثير مَن الأتراك والأوربيين المسلمين أصلهم من يهودالاشكناز أسلموا رغم أنفهم للنجاة بأرواحهم من بطش الغزاة المسلمين في بدايات الغزو الاسلامي لمنطقة بحر قزوين والاسود ؟
٣: واخيراً …؟
ما لا يعلمه الكثيرون أيضاً أن جد مؤسس دولة السلاجقة الحقيقي سلجوق بن دقاق كان يهودياً أسلم وعمل هو واولاده الأربعة في خدمة خلفاء المسلمين حتى تقو وأسسوا دولة السلاجقة ، فالعرق يحن ، إقرأو مقال (الترك من الوثنية الى اليهودية والى الاسلام العثماني) سلام ؟