ميغين بيرث
على الرغم من العنف المتصاعد والظروف الأمنية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، نعمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا في خطوط المواجهة الأمامية لمساعدة الملايين من الشعب السوري الذين يحتاجون إلى المساعدات.
ولو أتيحت لنا ظروف أفضل ففي وسعنا أن نبذل مجهودا أكبر للحد من معاناة المدنيين، لكن الصعوبات تزداد أمامنا كل يوم من أجل الدخول إلى مناطق النزاع لمساعدة السوريين، فضلا عن حمايتهم من خطر المواجهات المسلحة.
وما زال ثلاثة من العاملين باللجنة، الذين جرى اختطافهم في الثالث عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قيد الاحتجاز بواسطة مجموعة مسلحة، وهذا ما أجبرنا على الحد من تحركاتنا في بعض المناطق. وقد باءت جميع محاولاتنا ومطالبنا للسلطات السورية لدخول معضمية الشام والمدن الأخرى الواقعة حول العاصمة دمشق التي ترزح تحت نير الحصار بالفشل، ولم نتلقَّ ردا من السلطات بشأن توصيل المساعدات إلى تلك المناطق. الأدهى من ذلك أن شركاءنا المتطوعين من الهلال الأحمر السوري يتعرضون للهجوم أثناء محاولاتهم توصيل المواد والغذائية والأغطية ومواد المساعدات الأخرى أو حتى أثناء القيام بإجلاء الجرحى والمصابين، وكانت حادثة إطلاق النار على سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري في مدينة درعا الواقعة في جنوب البلاد أحدث مثال على ذلك. وقد فقد أحد أعضاء الهلال الأحمر السوري رجليه في هجوم آخر.
وأكثر ما يدعو للإحباط بالنسبة للعاملين في حقل تقديم المساعدات الإنسانية، هو أن يكون المرء على علم بأن هناك الكثير من الناس في حاجة إلى مساعدة، لكنه لا يستطيع أن يقدم المزيد من تلك المساعدات، ليس لأنه يفتقد الإرادة أو المقدرة على فعل ذلك، بل لأنه يمنع من أداء مهمته بطريقة آمنة.
أما الوقت الوحيد الذي يمكننا العمل فيه، فهو عندما يقبل الطرفان (القوات الحكومية والمعارضة المسلحة) بأن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا بأداء دورها في توصيل المساعدات الإنسانية، أما إذا رفضا منحنا فرصة المرور الآمن، فلا نستطيع أن نصل إلى أولئك الذين تعوزهم المساعدات بشدة. ويجب على الحكومة السورية والأطراف الأخرى في الصراع، السماح لنا بدخول الكثير من المناطق التي تقع تحت التأثير المباشر للقتال. ويجب عليهم أيضا اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان سلامة العاملين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، والأشخاص الذين يساعدونهم، بالإضافة إلى احترام حقنا في إيصال المساعدات أولا للحالات الأشد عوزا.
ولا شك أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا تواجه تحديات أخرى غير تلك المتعلقة بسلامة العاملين أو صعوبة الدخول إلى مناطق النزاع، فقد أصبح اليأس والعبثية هما القاعدتين المسيطرتين على الصراع، لدرجة أنه يجري اتهام اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا بشكل منتظم بتنفيذ أجندة خارجية. لكن أبرز تلك الاتهامات هو أننا نفشل في مساعدة المدنيين في مناطق محددة، بالإضافة إلى التواطؤ مع السلطات السورية أو مع فصائل المعارضة. وهذه المزاعم ليست بالشيء الجديد على منظمة غير سياسية أمضت مائة وخمسين عاما من العمل الإنساني في مناطق الصراع المختلفة، لكن تبقى تلك المزاعم لا أساس لها ومزعجة، كما أنها تهدد سلامة أطقم الإغاثة وتشكل عقبة كأداء في قدرتنا على إيصال المساعدات للمناطق السورية التي تشهد أعنف المواجهات.
وعلى الرغم من هذه الانتكاسات، لا يزال متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري وموظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يقومون بعملهم الإغاثي في المناطق السورية التي غالبا ما تكون محظورة على الوكالات الإنسانية الأخرى، بيد أنه في ظل هذا العدد الكبير من السوريين الذين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة وتزايد الاحتياجات الإنسانية بشكل يومي، نكرر دعوتنا للسماح، على وجه السرعة، بالوصول إلى كل من هم في حاجة ماسة إلى المساعدات. ويجب السماح للعاملين في المجال الإنساني لتخفيف معاناة السوريين العاديين، الذي يتحملون العبء الأكبر في هذا الصراع.
* رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا
*خدمة «واشنطن بوست»
منقول عن الشرق الاوسط