قبل ايام مرت مناسبة يوم المرأة …و رغم تأخري في الكتابة بهذه المناسبة المهمة فاني أتمنى لكل مساء الأرض حياة أكثر هدوءا و ثقة بالنفس ليس لمعاداة الرجل بل للتوصل إلى توازن يحفظ كرامة كل شخص… امرأة كانت أم رجلا… طفلا كان أم كهلا… و حقه في الاختيار و التواصل و الحب و الاحترام و إبداء الرأي و الاحتجاج… و لا نريد أن نعيد مزمار الحقوق الأساسية مثل المأكل و الملبس و الملجأ و حياة اجتماعية واقتصادية و سياسية و حق العمل… الخ.. ما أريد أن أقوله أن كل المجتمعات ينبغي لها إعادة بناء عقدها الاجتماعي بما يضمن تلك الحقوق و القيم الاجتماعية للجميع و على هذا الأساس فان الرسالة هي للرجال كما هي للنساء و اعتقد أن اول من يجب أن يحتفل بيوم المرأة هو الرجل لانه كان الأساس في كثير مما تعرضت و ما تزال تتعرض له اللنساء من تعسف مباشر مثل الضرب و الاغتصاب و فرض علاقات عمل و علاقات اجتماعية و اقتصادية لا تتوافق مع فرضية المساواة أو التوازن كما اسميه… نعم أن يحتفل الرجال ليس فقط كإعلان براءة من العلاقات الاجتماعية التقليدية آلتي تم ممارسة كل ألوان التعسف في ظلها… و إنما أيضاً لإعلان التغيير الجذري في ثقافة أدارة المجتمع باتجاه المساواة أو الموازنة…. ما ما يجري الان فأن الصراع المتفاقم و الذي يبدو و كانه قد ينحدر الى مستوى تصورات خيالية بان كل طرف من الجنسين و بمساعدة خاصة من التطور التكنولوجي يمكنه الاستغناء عن الطرف الآخر … لكن هذا الصراع لن يكون في صالح أي من الجنسين بل سيكون مبنيا من أساسه الأول على المزيد من الحرمان و ترسيخه حتى يصبح هو الإطار العام للحياة حيث يصبح فيها الأفراد .. رجالا و نساء… مجرد أدوات تتحرك وفق آليات فردية مطلقة تنتفي معها كل أشكال الحياة الاجتماعية و طبعا ضمنها الحب و الزواج و الصداقة و العواطف و الأحاسيس و المشاعر… الخ من العلاقات التي طورتها الإنسانية عبر طريقها التطوري الطويل…
و اعتقد انه من الضرورة بمكان أن يأخذ كلا الجنسين هذا التطاول أو التهديد … أو نسميه أي شيء آخر… بجدية و عقلانية مسؤولة و بالتالي العمل بجد على تغيير نمط العلاقات التقليدية باتجاه أكثر توازن و تقبل لاختلاف الآخر و التضامن و الحب و المشاركة الفاعلة و إلغاء التمييز … بشكل عام نتحدث عن ضرورة إنشاء أنماط جديدة من العلاقات بقلوب و عقول منفتحة و ليس وفق منهجيات تسلطية… انتقامية أو صراعية بصورة او باخرى… لانه…نعم رغم احترامي الشديد للفكر الأوروبي و خاصة هنا ما يتعلق بالفكر الدارويني و الماركسي إلا اني اعتقد بأن الصراع ليس هو أساس الحياة… بل أن الأساس هو التفاعل بين مختلف العناصر و قد يأخذ هذا التفاعل شكل الصراع وفق مفاهيمنا إلا أن أساس التفاعل هو إيجابي كي يكون قادرا على إنتاج التطور و الاستمرار… فالبقاء ليس للأقوى كما تقول نظرية داروين و إنما البقاء للأفضل تفاعلا… و في حالة العلاقة بين الرجل و المرأة فليس هناك أقوى لان كليهما يعتمد على الآخر لضمان البقاء و بالتالي فان أي صراع بمستوى البقاء للأقوى الدارويني سيعني مباشرة القضاء على الأسس الطبيعية للحياة … لا أعني هنا فقط التزاوج الطبيعي الذي يواجه تحديا كبير بل و بديلا علميا مؤكدا من علم الاستنساخ … و إنما أعني الحياة كما نعرفها و كما نناضل من اجل تحسين ظروفها… فهل من المنطقي أن نناضل من اجل انتفاء معنى الحياة كما نعرفها و نعيد الإنسان إلى حياة الاميبيا أو البكتريا التي تطورت عنها الحياة التي نعرفها الآن وفق نظرية داروين..؟؟..
اعتقد أن دور المرأة سيكون حاسما في المرحلة المقبلة من التطور الاجتماعي و إذا حدث أن تم اتخاذ قرار تاريخي بفصل حياة الجنسين بشكل نهاءي فمما لاشك فيه أن ذلك القرار سيكون قرارا نساءيا… أما الرجل فانه سيظل يحاول إخضاع المرأة و إذا ما تم اتخاذ ذلك القرار فان الرجل سيستخدم كل إمكانياته القانونية و السياسية بل أكثر من ذلك سيشرع قوانين وضعية و تشريعات دينية تسمح له بشكل كبير و واسع من استخدام العنف الجسدي و الاغتصاب المفضوح ضد المرأة … و هكذا يمكننا أن نتصور حربا يومية في كل الشوارع و الأزقة بين رجال و نساء محورها الأساس هو الجنس و لكن من الممكن أن تتطور الأمور لتشمل كل نواحي الحياة الأخرى… المرأة تحتاج إلى حب الرجل و اهتمامه بها و إذا ما تحول هذا الحب إلى تحدى و عداء فإنها يمكنها جداً أن تتخلى عنه … أما الرجل فانه بحاجة دائمة إلى جسد المرأة بغض النظر عن الحب و العداء و هذا ما يتضح خلال التحليل النفسي لعملية الاغتصاب التي يقوم بها الرجل عادة…
صحيح أن الرجل يستطيع أن يمارس الجنس مع الحيوانات و مع بعض النباتات أو مع رجال آخرين و خاصة الأطفال إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أن جسد المرأة يظل هو الملهم الأول و الأخير للرجل و هذا يعود إلى تركيبته النفسية فهو قد خرج من هذا الجسد و تلقى منه حرارة الحياة الأولى و لذلك يبقى مشدودا اليه في عقله الباطن… و لعل هذه الحقيقة تفسر أيضاً الهام النساء أيضاً باجساد نساء أخريات بل بأجسادهن أنفسهن…. و من هنا ايضا تدخل قضية الممارسة الجنسية النسائية النسائية … و لعل هذا ما يعتمد عليه أصحاب شركات الإعلان حيث يشكل جسد المرأة المحور الأساس لعرض المنتجات حتى تلك الموجهة للنساء بشكل خاص و طبعا أيضاً كل المنتجات الموجهة للرجل و كذلك المختلطة و حتى بعض المواد الغذائية …
الموضوع طويل جداً و سأحاول أن أتابعها بمقالات اخرى… و لذلك سأتوقف هنا… لكن ما أريد قوله أن الحياة تستدعي وجود الرجل و المرأة معا و أن الصراع لن يخدم أيا منهما حتى و أن ظهر أن احدهما منتصر في لحظة تاريخية معينة لأمر بسيط جداً و هو أن المنتصر و الخسران لابد أن يحضرا لحظة التتويج…. و إلا فلا انتصار…أكرم هواس (مفكر حر)؟