مفهوم العنف ،هو تعسفا في استعمال القوة، وبهذا المعنى فهو يحيل إلى الفعل أو التصرف ( ضد القانون ) أو ( الإخلال بالاحترام الواجب للفرد ) وقد حدد الإغريق العنف باعتباره إفراطا في القوة . فالعنف هو تعسف في القوة وتدنيس للطبيعة وخرق للقوانين المقدسة. وقد ارتبط العنف في العصر الحديث بشكلين بارزين هما الحرب والعدوانية، فالفعل من حيث هو ،فعل مدمر، يتم توجيهه ضد الآخر قصد إخضاعه.
ويعتبر (ماكس فيبر ) أن أساس سلطة الدولة هو ممارسة العنف، لأن الدولة وحدها لها الحق والمشروعية في استعمال العنف المادي من أجل السيطرة على الأفراد، أو بتعبير تروتسكي ( إن كل دولة هي جهاز مؤسس على العنف ).
إن غياب العنف يعني زوال الدولة، ويعني كذلك حسب فيبر حالة ( الفوضى )، إن العنف لا يعتبر الأداة الوحيدة في يد الدولة، بل هو الأداة الخصوصية لدى الدولة، وإن العنف الجسدي، هو دوما الوسيلة العادية للسلطة لدى الجماعات السياسية المختلفة، بل إن الدولة الحديثة لها الحق في احتكار العنف المادي المشروع، ولقد اتخذ العنف المشروع تاريخيا لعدة مظاهر: عنف أساسه السلطة التقليدية ويمارسه رئيس القبيلة أوالإقطاعي، وعنف يقوم على السلطة الكارزمية التي يمارسها شخص يحمل خصائص مميزة تجعل منه بطلا وزعيما أو قائدا، وعنف يرتكز على السلطة الشرعية المبنية على أساس امتثال للقوانين، وتمارسها الدولة بطريقة عقلانية.
اما تعريف العنف المنزلي أو الأسري يختلف من صيغة لأخرى ، ومؤتمر اسطنبول الدولي حول المرأة في 24 من نوفمبر 2014 ، عرّف العنف الأسري ، على انه[ جميع اشكال العنف الجسدي والنفسي والجنسي والأقتصادي ، الذي يمارس داخل الأسرة الواحدة او العائلة الأوسع نطاقاً ، او بين الأزواج أو الشركاء السابقين والحاليين ، سواء كان أو لم يكن مقيما مع الضحية المجنى عليها او المجنى عليه] .
ومن اشكاله المتنوعة “العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب والأعتداء الجنسي على أطفال الأسرة من الإناث والذكور، المهور، العنف ذات الصلة بالاغتصاب الزوجي ، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف من غير الازواج ، والعنف المرتبط بالاستغلال “.
تعرّف (كومر اسوامي) العنف المنزلي على انه “العنف الذي يحدث داخل الاطار الخاص للأسرة، وعموما بين أفراد تربطهم صلة قرابة من خلال الرابطة العائلية، وصلة الدم أو القانون(حالات التبني والحضانة ) … أو الجريمة المحددة بين الجنسين، التي يرتكبها الرجال ضد النساء”. كما هو عليه من اشكال السيطرة والقمع.
عنف الدولة في الدستور الايراني
يتم فرض القيود المفروضة في ايران على النساء في القوانين التي تحظر النساء من الترشيح للرئاسة،والقيادة ،والقضاء وبعض المناصب التعليمية والتربوية، فضلا عن قوانين الميراث والحضانة. والتي تجذرت في مبدأ ولي الفقيه، ويسيطر الدستور الإيراني على النساء في نواحي الدولة والمنزل. ومفهوم وصاية الذكور على الاناث هي واحدة من الركائز الأساسية الإسلاميةالأصولية في إيران.
المرأة الإيرانية ليست حرة في اختياراتها ومسيطر عليها بمختلف جوانب حياتها . والدستور الإيراني يعتبر دليلا على ان هذه الدولة راعية للعنف ضد المرأة.
المادة 18 ( جواز السفر)، يطلب من النساء المتزوجات إذن الازواج من أجل التقدم بطلب الحصول على جواز السفر.
المادة 21 من الدستور الايراني تشير الى ان: “يجب على الحكومة ضمان حقوق المرأة في جميع المجالات، بما يتفق مع المعايير الإسلامية … “وهذا يفسح المجال لرجال الدين تفسير القوانين المتعلقة بالمرأة.
وتنص المادة 83 من قانون العقوبات، واطلق عليه,, قانون الحدود,,، أن عقوبة الزنا هي الجلد، مائة جلدة للذكور غير المتزوجين ، والانثى آثمة(اي عقوبة الرجم حتى الموت ) .
المادة 102 من الدستور الإيراني تشير إلى ان: “المرأة التي تظهر في مكان عام وأمام الملأ دون غطاء الرأس (الحجاب الاسلامي المقرر) سيتم أدانتها ، وبعقوبة الجلد تصل إلى 74 جلدة.
وتنص المادة 209 من الدستور الإيراني: أن حياة المرأة تبلغ بمقدار نصف فقط من مقدار حياة الرجل .
وعقوبة الرجل الذي يدان بالقتل العمد لامرأة ، يتوجب عليه دفع” ديه ” الى أسرة الضحية . ” ديه ” وهي مبلغ من المال يدفع الى أسرة الضحية كتعويض عن جريمة القتل العمد او في حالة حدوث اضرار نتيجة العنف الجسدي .
المادة 105 من الدستور: (العلاقة بين الزوج والزوجة) ، يكون الزوج هو المسؤول الأول في العائلة ، ويحظر على الزوجة الخروج من منزلها الا بإذن زوجها حتى ولو لحضور جنازة والدها على سبيل المثال..!!
المادة 1117 من الدستور: الزوج له الحق في منع زوجته من العمل بمجال الاعمال الفنية والتكنولوجية وبما يؤثر على الحياة الأسرية والعائلية وعل شخصيتها حسب تقدير الزوج..
المادة 1133 من الدستور: الزوج له الحق بان يطلق زوجته متى ماشاء ، وبدون اي تبليغ او تنبيه للزوجة ..
المادة 102 من الدستور : يُرجم الرجل المتزوج المرتكب لجريمة الزنا ، على ان يغمر جسمه في حفرة الى حد الخصر ، وتُرجم المرأة المتزوجة المرتكبة لجريمة الزنا علن ان يغمر جسمها في الحفرة الى حد العنق ..
المادة 114 من الدستور:(هذه المادة تدعوا الى تفريق طريقة الرجم بين المرأة والرجل، فالرجل يغمر في الحفرة الى حد الخصر ، واذا تمكن الهرب من حفرته ، يعفى من العقوبة، وتعتبر عقوبته بحكم النافذة ..
اما المرأة والمغمورة في الحفرة الى حد العنق ، يستحيل هروبها من مصيرها ، وفي حال وتمكنت من ذلك ، يتم القاء القبض عليها ولا تعفى من العقوبة ابدا ، بل تشدد عقوبتها لتصل الى الاعدام رميا بالرصاص ) ..
في عام 2004، أظهرت دراسة أجريت على 12 ألف امرأة إيرانية، وتبين أن 66.3% تعرضن للعنف، وعانت 10% بسبب العنف الشديد، و28.5% تعرضن لعنف جسدي، بالإضافة إلى أنه تم رش النساء غير المحجبات بـ«الأسيد الحارق» من قبل مجموعات لا يعرف أحد انتمائها.
العنف المنزلي من عنف الدولة في ايران
ان محاكم الأحوال الشخصية الايرانية لا توفر أي حماية للنساء من أزواجهن المسيئين. وعلى سبيل المثال حصلت حادثة مأساوية لامرأة تعرضت لعنف قاسي من زوجها في 2012، قالت هذه المرأة:
“تزوجت وعمري 12 سنة، أنجبت طفلي الأول و عمري 13سنة. كان زوجي عاطل عن العمل، ونحن كنا بخصام وعراك وكان يضربني ويهينني بشكل دائم وفي كل وقت. ولم اكن افكر بطلب الطلاق من زوجي لأنني كنت خائفة من ان افقد حضانة اطفالي.
وفي ليلة .. دخل غرفتي حاملاً بيده دلواً لااعرف ما بداخله.. وقام برشه على وجهي و جسمي .. اذ شعرت للحظة بان وجهي وجسمي يحترقان .. هرعت مسرعة الى الحمام ، لاطفيء الحريق الذي أشعل وجهي وجسدي وانا أصرخ .. واذا بالحنفية لايوجد فيها ماء لانه قام بغلق مصدر الماء قبل ان يقوم بفعلته .. استنجدت به لانقاذي .. صرخ بي، وقال : أريدك ان تموتي واخلص من وجهك القذر..!!
تم نقلي إلى المستشفى . وتطلب الأمر اجراء عملية جراحية سريعة لأزالة اثار حروق( الأسيد الحارق) ، ولكنني لاملك المال اللازم ، وكان علي ان استلف المال والاذن من زوجي لاجراء العملية الجراحية لوجهي فقط عل الأقل .والدتي باعت كل مصوغاتها والاشياء الثمينة . وأشترط زوجي ، بانه سيمنحني الاذن مقابل التنازل عن حضانة الأولاد ، وعدم طلب رؤيتهم اوزيارتهم لمدى الحياة !
وبضغوط من المستشفى على محكمة الشؤون الأسرية، سمحت لي باجراء العملية الجراحية دون الخضوع لمطالب زوجي …
(آبرى نجار) امرأة إيرانية عمرها 44 عاماً تعرّضت للعنف المنهجي على يدي زوجها خلال زواجهما، وأجبرها على ممارسة البغاء لمدة 12 عاماً حتى يتمكن من الإنفاق على إدمانه للهيروين. وقام (حبيب)، وهو أحد زبائن آبرى ان يتعاطف معها في محنتها، بقتل زوجها.
وحُكم عليه بالإعدام على ارتكاب جريمة القتل هذه. غير أن حبيب، بعد أن تحمل 100 جلدة على الزنا والسجن لمدة ثمانية أعوام، أفرج عنه بعد دفعه تعويضاً(الدّية) عن جريمة القتل لورثة الضحية. أما آبرى نفسها فقد اتهمتها محكمة تبريز العليا بالتواطؤ والمشاركة في جريمة قتل زوجها، وأيضاً بجريمة الزنا التي حكم عليها بعقوبة الرجم عتى الموت .
أمضت آبرى عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات على المشاركة في الجريمة. وتم تنفيذ عقوبة الرجم حتى الموت على جريمة الزنا في نيسان من عام 2007 .وآبرى نجار هي إحدى 8 نساء بين 9 حالات نفذّت عليهن عقوبة الرجم حتى الموت .
المادة 83 من قانون العقوبات الإيراني. والزنا (أي الاتصال الجنسي بين الأشخاص المتزوجين وبين أي شخص خلاف الزوج أو الزوجة) هي الجريمة الوحيدة في إيران التي يمكن أن يعاقب عليها بعقوبة الرجم، ولكن جميع أشكال الاتصال الجنسي خارج نطاق الزواج تعدّ غير قانونية ويمكن أن يترتب عليها الجلد، أو الشنق في حالة العودة لارتكاب الجريمة للمرة الرابعة.
في ديسمبر/كانون الأول 2002 ، أعلن آية الله شهرودي، رئيس الجهاز القضائي الإيراني، وقف العمل مؤقتاً بعقوبة الرجم في إيران. غير أن عقوبات الرجم ما زالت سارية لعدم إدخال أي تعديل لحظرها في قانون العقوبات الإيراني. وبعد أن تعرضت ممارسة الرجم في إيران لانتقادات في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 ، جاهر متحدث باسم السلطة القضائية، (اسماعيل آريميراد)، بإنكار أن الرجم يطبق، قائلا إنه حتى لو أصدرت محاكم البداءة أحكاما من هذا القبيل، فإنها تخفف فيما بعد ولا تطبق
على الإطلاق.
غير أنه من المعلوم أن عقوبة الرجم على الزنا نفذت في مايو/أيار 2006 في رجل وامرأة، هما (عباس هـ. ومحبوبة م).. ويمكن أيضا أن يستعاض عن عقوبة الرجم بالشنق، ومن المعروف أن امرأتين كان قد حكم عليهما في الأصل بالرجم حتى الموت للزنا تم شنقهما في 2006.
الأرهاب.. وعنف السجون والمعتقلات وتنفيذ الأحكام
انتشرت مؤخرا ظاهرة في شوارع طهران وأصفهان، هي استهداف نساء يرتدين ملابس مغايرة للباس الإسلامي، برش الأسيد الحارق على وجوههن، الأمر الذي أثار غضب الإيرانيين، بينما خرجت مظاهرات في عدة مدن إيرانية طالبت الحكومة الإيرانية بالكشف عن مرتكبي هذه الجريمة المنظمة، وتقديمهم إلى العدالة.
وقال الشاعر الإيراني المشهور في ايران ( يغما جلرويي)، في قصيدة نشرت حول رش وجوه النساء بالحمض الحارق الذي اشتهر في إيران مؤخرا باسم “أسيد باشي” بعنوان “اخرجوا من هذه الأرض” في إشارة إلى العرب وثقافة العرب، التي اعتبرها ثقافة عدائية ضد النساء، ولا تحترم النساء عكس الثقافة الفارسية بحسب اعتقاده.
ومن أبيات قصيدة الشاعر الإيراني التي هاجم من خلالها العرب، التي قال فيها:( نحن لم ندفن بناتنا وهن أحياء كما فعل العرب، أنتم العرب من كنتم تغنون بالسيوف وتنظرون لنسائكم كالجواري والخدم، ولم يتعد مكان المرأة لديكم إلا في الفراش والمطبخ ) .
في كثير من الاحيان يتم تعذيب النساء في السجون وتصويرهن عاريات، حيث كشفت الرسامة والناشطة الإيرانية (آتينا فرقداني)، المفرج عنها قبل فترة من سجن «إيفين» بطهران، عن حالات التعذيب والإساءة وتصوير النساء في الحمامات من خلال كاميرات سرية في القاطع الثاني الخاص بالنساء والذي تشرف عليه استخبارات الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أكدته الناشطة (مهين صارمي) التي فرت من طهران إلى باريس، بقولها: «ظروف النساء السجينات أكثر خطورة من الرجال السجناء، لأن الملالي والحرس يمارسون أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي على النساء».
تقول( آسية أميني)، من الناشطات الحقوقيات المدافعات عن حقوق المرأة في إيران، في مقابلة مع (دويتشه فيله): [ ساء وضع المرأة الإيرانية في عهد أحمدي نجاد، الكثير من الناشطات يقبعن في السجون والباقي يعيشن تحت رحمة الخوف كونهن يخضعن لمراقبة دائمة.. حياتنا برمتها كانت تحت المراقبة، واعتقال أقاربنا، وقل نشاطنا رغم كل المحاولات التي قمنا يها. ولم يعد بإمكاننا إجراء اتصالاتنا سواء بالهاتف أو بالبريد الإلكتروني، كل شيء كان خاضعا للرقابة].
في شهر يوليو/ تموز2007، جذبت إيران اهتمام العالم بسبب سياساتها الحكومية المسيئة، التي لم تكن متعلقة كما هو الأمر في كثير من الأحيان بالتطوير المحتمل لبرنامج الأسلحة النووية، ولكن بسبب ما أصبح يمثل مشكلة عالمية: طبيعة العنف السائد ضد المرأة.
ولقد أثارت قضية (سكينة محمدي أشتياني) مشاعر الغضب في المجتمع الدولي. لقد أدينت تلك المرأة البالغة من العمر 43 عاما وهي أم لولدين في عام 2006 بارتكاب الزنا وحكم عليها بالجلد 99 جلدة. ولكن بسبب ثغرة في النظام القضائي الإيراني أعيد النظر في قضيتها ، وأصبحت تواجه احتمالية الموت رجما بسبب خيانتها المزعومة. وبينما تغطي وسائل الإعلام قضيتها بصورة شاملة، وتم التقدم بالتماسات لوقف القرار الإيراني بإعدامها،ولكن في النهاية نفذ بها الحكم بالرجم .
أفادت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، بعد زيارتها إلى إيران في عام 2005 ، بأن من بين 397 امرأة رهن الاعتقال آنذاك في سجن إيفين في طهران حيث توجد 200 امرأة محكوم عليهن بالإعدام لجرائم أخلاقية أو جنسية مثل الزنا، ونسبت ذلك إلى “أشكال التحيز القائم على نوع الجنس في بنية الاتجاهات والمؤسسات في هذا البلد.”
ومن نتائج عدم قيام الحكومة الإيرانية باحترام وتنفيذ المساواة بين الجنسين أن المرأة يوجه إليها الاتهام بارتكاب الجرائم الجنسية بشكل غير تناسبي.
وفي حالات الزنا، يسمح قانون العقوبات للقاضي بإصدار أحكام بناء على تفسيراته الذاتية لما يشكل السلوك الأنثوي المناسب.
وقد اعترف آية الله شهرودي نفسه ، بخطر إصدار أحكام بالإعدام حين لا يجري تقييم الإثبات بناء على معايير موضوعية وأدلة ملموسة، بل على ما يوصف بـ “معرفة” القاضي بالقضية. غير أنه لم يجر أي تغيير على قانون العقوبات للتصدي لهذاالانتهاك.
ومقاضاة المرأة بهذا الشكل المبالغ فيه على جريمة الزنا يمثل واحداً من أشكال التمييز الكثيرة ضد المرأة في إيران. وقد أدانت الأمم المتحدة ممارسة الرجم باعتبارها شكلا مطوّلا من أشكال التعذيب. ويتناقض الرجم مع المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه إيران، وينص على الحق في عدم التعرض للتعذيب او للمعاملة أو العقوبة القاسية ..
ويلعب القانون المدني وقانون الجزاءات في إيران بما يشملان من قوانين تمييزية تجاه المرأة دوراً حاسماً في إطالة أمد العنف المرتكب ضد النساء. فعلى سبيل المثال، يمكن تزويج البنات قانوناً من سن 13 عاماً. ولا يمكن للمرأة الحصول على الطلاق إلا بصعوبة شديدة، كما أن الرادع المتمثل في احتمال فقدان حضانة أي أطفال فوق سن السابعة للأب أو الجد للأب كبيراً مايضطر النساء إلى البقاء حتى في الزيجات المتسمة بالإيذاء.
ومما يعوق إثبات الادعاءات بارتكاب العنف ضد المرأة أيضا إعاقة شديدة لقوانين الأدلة التمييزية. فشهادة المرأة لا تساوي إلا نصف شهادة الرجل في جميع القضايا المدنية والجنائية ويجب تأييد شهادة المرأة بشهادة رجل لإثبات حدوث الاغتصاب بموجب قانون الحدود. وهذا يجعل المقاضاة على الاغتصاب أمراً بالغ الصعوبة، ونتيجة لذلك فإن النساء اللواتي لا يتمكنّ من إثبات تعرضهن للاغتصاب معرضات لخطر أن توجّه إليهن أنفسهن تهمة توجيه اتهام كاذب أو تهمة الزنا.
علاوة على ذلك، تُعتبر الفتيات فوق سن الثامنة وتسعة أشهر بموجب القانون الإيراني بالغات، ومن ثم فهن معرضات لعقوبات من قبيل الجلد والرجم والشنق على ارتكاب الفحشاء أو الزنا. وعلى النقيض من ذلك، يمكن للرجل أن يتزوج عدداً يصل إلى أربع نساء في وقت واحد، ويمكنه أن يتمتع بـ “زيجات مؤقتة” (وهي آلية معترف بها جنسياً واجتماعياً لكي يحصل الرجال على الجنس خارج نطاق الزواج الدائم) ويمكنه الحصول على الطلاق متى أراد. كما يحدد القانون أيضا أن الزوج هو “رأس الأسرة،” مما يضفي عليه ميزات خاصة بموجب قانون الأسرة الإيراني لا يسمح بها للمرأة.
المادة14 من دستور إيران، التي تنص صراحة على أن ( من واجب الحكومة أن تضمن الحقوق بكافة أنواعها لجميع المواطنين، نساء ورجالا،” وأن توفر”الحماية القانونية للجميع، فضلا عن المساواة للجميع أمام القانون.” ) وجميع هذه الأحكام موجودة بالرغم من المادة 3 تضمن الحقوق بكافة أنواعها لجميع المواطنين، نساء ورجالا،” وأن توفر”الحماية القانونية للجميع، فضلا عن المساواة للجميع أمام القانون.”
وتنص المادة 19 من الدستور على أن (جميع سكان إيران، بغضّ النظر عن الفئة العرقية أو القبيلة التي ينتمون إليها، يتمتعون بالمساواة في الحقوق، وأن اللون والعنصر واللغة وما شابه ذلك لا يضفي أي ميزة). وتقرر المادة 20 من الدستور( أن الرجال والنساء “يتمتعون على قدم المساواة بحماية القانون كما يتمتعون بحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية والثقافية، بما يتفق مع المعايير الإسلامية).
الموقف الدولي من انتهاكات ايران لحقوق المرأة
نددت منظمة العفو الدولية فى التقرير الذى نشرته في 11آذار/مارس 2015، بالمخاطر المنعكسة على الحقوق الجنسية والإنجابية للنساء فى إيران إذا تمت الموافقة على قانونين (رقم 315، و446) يحولان دور المرأة إلى “ماكينة إنجاب”. وترى المنظمة أن القانونين يهدمان برامج تنظيم الأسرة الممولة من قبل المنظمة، والمشاد بها دولياً. ويساعدان على التمييز ضد المرأة فى الحصول على عمل أو مكافحة العنف ضد المرأة. بمعنى اخر أن تلك الإجراءات تقدم وسائل للحد من وسائل منع الحمل وإقصاء أي وسيلة تشجع على هذا التوجه.
أشارت (حسيبة الحاج صحراوى)، نائب مدير منظمة العفو الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن “القانون المقترح يشجع على عودة الممارسات التمييزية ضد النساء والفتيات فى إيران لعقود مضت”، وفى رأيها أن “السلطات تعزز ثقافة خطيرة، حيث تجرد المرأة من حقوقها الأساسية وتعاملهن كماكينات لصناعة الأطفال، بدلاً من كونها إنسان يتمتع بحقوقه الأساسية ولها حرية اتتخاذ القرار حول جسدها وحياتها”.
وتحذر منظمة العفو الدولية من عواقب سياسات الدولة تجاه برنامج تحديد النسل حيث يرغب مرشد الثورة الامام خامنئي بمضاعفة عدد السكان. وأوضح في عدة خطابات أن هدفه زيادة عدد السكان إلى 150 مليون نسمة بحلول عام 2050.
فقد قالت منظمة العفو الدولية [أمنستي]، في تقريرها الأخير، إن معاناة المرأة الإيرانية من التمييز الواسع النطاق والمنهحي في القانون والواقع الفعلي استمرت، وظلت قوانين الأحوال الشخصية التي تمنح المرأة وضع التبعية للرجل في مسائل مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث سارية المفعول.
ويحظر مشروع القانون رقم 446 التعقيم الطوعي كوسيلة لمنع الحمل بالنسبة لكل من المرأة والرجل. وأما مشروع القانون 315 فيكافئ القضاة المعنيين بقضايا الأسرةَ، بعلاوات، إذا توصلوا في القضايا إلى “الصلح بدلاً من اللجوء إلى الطلاق. وهذا من شأنه أن يجعل من الصعب على المرأة أن تحصل على الطلاق، والخلاص من علاقة مؤذية لها.
وأوضح التقرير أن أحد مشروعي القانونين يهدف “إلى حظر العمليات الجراحية التي تهدف إلى منع الحمل بشكل دائم، وذلك من خلال فرض إجراءات تأديبية على العاملين في مجال الصحة الذين يجرون مثل هذه العمليات”.
وأضاف التقرير أن مشروع القانون الآخر “يسعى إلى الحد من معدلات الطلاق وإزاحة البت في الخلافات العائلية من صلاحيات السلطات القضائية، وبالتالي إعطاء الأولوية للحفاظ على كيان الأسرة، على التصدي للعنف الأسري”، وفقاً لما ذكرته صحيفة “غارديان” البريطانية.
وجاء في التقرير أن أياً من القانونين لم يقرا بحلول نهاية هذا العام، ولم يحرز قانون مقترح لحماية المرأة ضد العنف أي تقدم، بينما لم تتخذ السلطات أي خطوات للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات، بما في ذلك الزواج المبكر والقسري والاغتصاب الزوجي والعنف المنزلي.
يشار إلى أن إيران كانت بدأت برنامجاً لتنظيم الأسرة على مدى أكثر من عقدين، وتضمن البرنامج توزيع عبوات الوقاية الذكرية وتوفير أقراص منع الحمل، بالإضافة إلى التربية الصحة الجنسية وتنظيم النسل، غير أن القوانين الجديدة تضع نهاية للبرنامج الذي عرف باسم “ولدان فقط”.
وجاء التراجع عن هذا البرنامج مع الهجوم الذي شنه المرشد الأعلى الإيراني الامام علي خامنئي على برامج تنظيم الأسرة، والحد من النسل باعتبارهما تقليد غربي.
وقالت حسيبة حاجي صحراوي، نائب مدير أمنسيتي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن السلطات الإيرانية “تروج لثقافة خطيرة تجرد المرأة من حقوقها الأساسية وتصورها على أنها آلات إنجاب بدلاً من كونها مخلوقاً بشرياً له حقوق أساسية، تتعلق بحرية الاختيار فيما يتعلق بحسدها وحياتها”.
وأشارت صحراوي إلى أن الدولة تتدخل في حياة الناس الشخصية، وذلك بسعيها إلى ترسيخ صورة القوة العسكرية والجيوسياسية من خلال زيادة معدل الولادات، وذلك على حساب حقوق المرأة الأساسية.
وكان خامنئي قال سابقاً إن إيران تواجه مشكلة شيخوخة السكان، إذا استمر الأزواج على سياسة عدم إنجاب المزيد من الأطفال، فيما يقول منتقدون إنه قلق غير مبرر، خصوصاً أن 70 بالمائة من عدد سكان البلاد، البالغ 77 مليوناً، هم دون الخامسة والثلاثين.
وتختتم حسيبة : “السلطات الإيرانية تعد القانون لمنع تقدم المرأة فى الدولة، بالإضافة للسيطرة على ملابسهن، ما يدرسن وأين يعملن”. وتضيف: “الآن يتحكمون فى حياتهن الخاصة ويحاولون السيطرة على أجسادهن ويخبروهن بعدد الأطفال الواجب إنجابه”. وطالبت رئيسة المنظمة بتجاهل مشروعي القانونين وتحويلهما لتمويل خدمات تنظيم الأسرة النوعية ..
حقائق بالأرقام
منذ عام 1979 تأسيس الجمهورية الأسلامية في ايران، أعدم عشرات الآلاف من النساء لاسباب سياسية ، او لاعتراضهن على سياسة النظام الأسلامي ، ومن بينهن العشرات من الحوامل ، وكان اسوأ انواع التعذيب التي تتعرض لها المعتقلات اللائي يعارضن النظام ، لتشمل الاعتداءات الجنسية المتكررة ، وبتر اعضاء من الجسم ، او فقأ العيون ، وغيرها من الممارسات اللاانسانية …
ـــ وفي 12 يناير/كانون الثاني 2002 ، وفي سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات، القي القبض على 2000 من النساء وبتهمة مجردالمشاركة بتلك المظاهرات .
ــــ في ايران فتيات تتراوح اعمارهن مابين 10 سنوات الى 17 سنة ،وهن أول ضحايا الاستعباد الجنسي . ففي طهران لوحدها توجد 4000 مومس يجبن شوارع العاصمة وأحياؤها، يتعرضن للعنف الجسدي والجنسي ، وتشير التقارير الصادرة من منظمات وجمعيات الدفاع عن المرأة الى ان 90% من الفتيات الهاربات من عوائلهن ولظروف واسباب متباينة ، يجبرن على ممارسة الدعارة او بتجارة الجنس والمخدرات او يتم بيعهن في سوق النساء لدول الخليج تحت وطأة الظروف الاقتصادية السيئة في ايران.
ـــ في ايران 700,000 طفل ، تتراوح اعمارهم مابين 10ـــ 14 سنة يعملون في سوق العمل المخالف لقانون ، وتدل التقارير الصادرة عن ( منظمة ايران للادارة والتخطيط) تشير الى ان 51% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر .
ــــ نائب وزير الصحة الايراني ( علي أكبر سياري) صرّح بأن 20% من الشعب الايراني يتعرضون للجوع يوميا ، وان 67% من الفتيات محرومات من التعليم للفئة العمرية بين 11 ــ 16 سنة ، و11% من النساء العاملات يشغلن وظائف حكومية، وأن 26%من النساء يعانين من مشاكل صحية نفسية وعقلية ..
ــــ في المناطق الغربية والجنوبية من البلاد، تكثر ظاهرة انتحار النساء و بمعدل لايقل عن 6 نساء لكل 100,000 امرأة ، وعن المناطق الغربية من ايران، أفاد معاون مدير عام الشؤون الاجتماعية (حيران نجفي ) حول ظاهرة انتحار النساء ، ان 70% من حالات الانتحار تحصل في محافظة عيلام .
وان 90% من هؤلاء النساء أعمارهن تتراوح بين 17 و 35 سنة وان العدد الحقيقي يتجاوز هذا الرقم بكثير لما يتم التصريح به .
منظمة الصحة العالمية وضعت ايران بالترتيب الثالث من بين الدول التي تحصل فيها حالات الانتحار …[ يتبع ]
المصادر
ـــــــــــــــ
غولناز اسفندياري ـــ ثقافة العنف ضد المرأة في ايران ــ سان فرانسسكو ــ2011 .
م.م أيوب ـــ الاسلام عقيدة أم تأريخ؟ ـــ اوكسفورد ــ 2004 .
ك .علي ـــ الاعتداء الجنسي وجرائم الشرف في ايران ــ جامعة برانديس ــ ماساتشوستس ـــ بوسطن ــ 2003 .
دونا هوفزــ النساء الايرانيات ضحايا العنف ــ تجمع مناهضة المتاجرة بالنساء ـــ 1999 .
آزاد مراديان ـــ تعنيف المرأة المتزوجة وغير المتزوجة في المجتمع الايراني ـــ كاليفورنيا ــ 2009 .
أنس عفيفي ـــ العنف المنزلي للنساء في ايران ـــ 2012 .
تقرير صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ـــ يوليو/تموز 2009
كومارا سوامي ـــ حقوق الانسان والحريات ــالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة ـــ اكتوبر 2011 .
فريدة فرحي ـــ الثقافة الدينية ـــ المجلة الدولية للسباسة وثقافة المجتمع ـــ 2001.
باميلا تايلورـــ العنف المنزلي في الاسلام ـــ واشنطن بوست ــ 26 أكتوبر 2011.
تقارير منظمة العفو الدولية، للسنوات ـــ 2009 ــ 2010ــ 2011 ــ 2012 ــ 2013 ــ 2014 ــ 2015.
تقارير منظمة الصحة العالمية ، للسنوات ــ 2005 ــ 2011 ــ 2013 ــ 2014 ــ 2015.
تقرير المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في 16 سبتمبر 2011 .
مجموعة تقارير صادرة عن : منظمة العمل الدولية ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف ) ، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة .