كلنا شركاء
قال ابن هلال الاسد ( ما المشكلة اذا تخلصنا من 12 مليون سني )؟
وفي حديث مع مؤيد متحمس لمعركة الساحل قال ردا ( ما المشكلة اذا تخلصنا من مليون علوي ) .
هذا الكلام الطائفي من هنا وهناك هو وقود للحرب الطائفية التي يتبادل فيها النظام والمتطرفون المتشددون الفوائد وهي التي تمدهما بالانصار المتحمسين للدفاع عن دينهم وطوائفهم ( بالقناعة او بالاكراه والتخويف) وبالتالي يكون صحيحا ان الثورة الشعبية السلمية التي قادها الشباب المتعلم الوطني والتي كانت تطالب بالاصلاحات على قاعدة (تغيير النظام لا اسقاط الدولة ) قد انتهت ولم تعد هذه الشعارات من مستلزمات المسلحين. وحتى الشباب الذين انخرطوا في عسكرة الثورة اخرجوا منها او قتلوا لان شعارات الانتفاضة الشعبية صارت من الماضي وحلت محلها شعارات تناسب الطابع العسكري وخاصة ما جاء به الغرباء.
هذا الجنون الطائفي يعبر عن حالة مرضية مزمنة في المجتمع تفاقمت مع الممارسسات الديكتاتورية وحكم العسكر وأدت الى انفجار اخذ معه العقل
وانتهى الامر الى قيادات لاترى ما هو ابعد عن التعصب والعنف والرغبة المتبادلة في الغاء الآخر ولو بدم بارد .
هذا الطاعون الطائفي الذي ضرب البلد تغذيه قوى خارجية على الجانبين لايهمها سوى مصالحها ولا تريد نهاية لهذا الجنون المسلح وتعيد التوازن الى معادلاته العسكرية ما اختلت .
1- الرئيس بوتين الروسي وجد في الازمة السورية مناسبة لاتفوت للتحرش بنظام القطب الواحد الذي تبوأت فيه الولايات المتحدة قيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وما يهدف اليه من التدخل هو الانتقال الى نظام دولي تعددي ولهذا السبب تشايع الصين مواقفه وتستعمل الفيتو معه ضد اي قرار دولي مع العلم ان الصين الاشتراكية متناقضة مع الراسمالية الروسية الجديدة كما ان لبوتين في موقفه فوائد داخلية اظهرته ممثلا لروسيا القوية التي تتحدى اميركا والعالم فبدا لبعض الروس انه القيصر بطرس الاكبر وبالاضافة الى ذلك حصل الروس على قاعدة عسكرية لهم في طرطوس ودخل اسطولهم المتوسط من هذه القاعدة كما حصلوا على عقود بالتراضي في استثمار الغاز في الساحل السوري وفي التنقيب عليه بالشراكة مع مافيا النظام ..
2- الاميركيون لايريدون انهاء سريعا للازمة فقد تجمع في سورية جيش من الغرباء من القاعدة وغيرها وما دام النظام والمعارضة الوطنية المسلحة تقاتل هؤلاء فان استمرار الحرب السورية يحقق قدرا كبيرا من استراتيجية اميركا للقضاء على الارهاب العالمي وفرصة ذهبية حضور هذا الحشد الارهابي الى سورية وبدلا من ملاحقتهم في بلاد عديدة فان ابادتهم في منطقة محددة مسألة افضل عسكريا ..
الاميركيون با لتهديد بالحرب حصلوا على غنيمة هائلة هي تسليم السلاح الكيماوي
فحازوا بذلك على اعجاب اسرائيل التي تخلصت من سلاح استراتيجي كان معدا لمنعها من اجتياح سورية.
وبالموجز تريد الولايات المتحدة حلا يمثل الاعتدال الاسلامي ولا تنظر بارتياح الى شعارات بعض المعارضة وتعمل على تقويم ذلك وتحتاج لوقت ولو ادى الى مزيد من الدم السوري على الجانبين .
3- تركيا وان بدت طرفا مهما في الازمة الا انها في النهاية جزء من حلف الاطلسي ولايمكن ان تخرج عن مخططاته في سورية وما تقدمه هو تسهيلات لا اكثر ومساعدات انسانية وان كانت توالي الاخوان المسلمين عبر حزب العدالة التركي
وما ترغب به فعلا هو ان تظهر نفسها جديرة بثقة الغرب الاوروبي والاميركي لمساعدتها على الانضمام للاتحاد الاوروبي .
4- الخليج العربي ما يريده من التدخل في الازمة السورية هو فك ارتباط سورية بايران في حلف عسكري وكان الخليج راضيا عن تعاون نظام حافظ الاسد مع ايران خلال الحرب الايرانية -العراقية لانه ليس تحالفا ولكن الرئيس الاسد الابن تحول مع ايران من التعاون الى تحالف سياسي وعسكري جعل سورية
قاعدة مهمة لامتداد الثورة الايرانية ولحماية الدولة الفارسية التي اقامها الايرانيون في جنوب لبنان والتي ارسلت جنودها من حزب الله لدعم النظام بأمر وتمويل ايراني .
ومن ناحية اخرى صارت سورية ورقة بيد ايران تساوم بها الغرب في الصراع حول نشاطها النووي وتهدد بقدرتها على خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة فيما لو هددها الغرب بالحرب
5- الفرنسيون يريدون وقف تدخل سورية في لبنان وتجريد حزب الله من السلاح واستقرار تعايشه الوطني ..
6- اسرائيل وان بدت غير مهتمة بالتدخل العسكري في سورية الا ان كل ما يجري من حرب بين السورين يفيدها ويدمر بلدا معاديا لها وقف على المدى الطويل ضد الصلح والاعتراف ومع تسليم السلاح الكيماوي و تدمير الجيش السوري واستهلاك معداته وقدراته في حرب داخلية فان المصلحة الاسرائيلية هي مع استمرار هذا الجنون وما ترغب به في اي تسوية سياسية هو ان يكون البديل جاهزا لتحقيق نفس الاستقرار الذي حققه النظام على حدودها ومنخرطا في مشروع السلام معها .
من هذا يتبين ان الحل الامني الذي ذهب اليه النظام قامعا الحراك السلمي والذي تسبب في ذهاب بعض المعارضة الى استعمال السلاح قاد ذلك البلد الى الدمار والحرب الاهلية بالاكراه المتبادل كما سمح للتدخل الاجنبي ان يحقق هذا الكم الهائل من المكاسب على حساب الدم السوري.
المنافقون والمنتفعون من ا لحالة العرفية لم يحسنوا النصح بل زاودوا ودفعوا النظام الى شن حرب عسكرية على الشعب بداعي ان هذه الطريقة نجحت في حماة عام 1982 متناسين ان المشكلة في حماة كانت مع فصيل مسلح من الاخوان في حين ان الحراك الشعبي شامل ولايمثل الاخوان الا اضعف الحضور فيه ولم يكن مسلحا لمواجهته بالعنف والقتل الوحشي والذي دفع البعض من المعارضين الى التماس السلاح دفاعا عن النفس فصار الصراع السياسي مسلحا ومن هذا الباب دخل الخارج ليشايع ويحقق مصالحه من خلال استمرار تدمير البلد وقتل ابناء الشعب من هذا الجانب او ذاك هذا مع العلم ان الرئيس حافظ الاسد كان متحالفا مع مصر والسعودية ولم تكن هناك وسائل اتصال كما هو الان وهذا يختلف عن الحالة الان حيث النظام متحالف مع ايران ضد المحيط العربي .
هذا التصرف الارعن في ادارة الازمة كان السبب في ذهاب الخلاف السياسي الى حالة الجنون الطائفي وعلى عكس ما يدعي البعض ان النظام يحمي العلوين فانه
في الواقع يعرضهم الى الخطر في المستقبل لانه في كل الادبيات السياسية
لا مصلحة لاي اقلية حاكمة او محكومة في عداء اغلبية دائمة من اجل مناصب او انظمة مؤقتة .
الحل ليس القضاء على 12 مليون مسلم سني ولا القضاء على مليون علوي بل التخلص من اقلية مجنونة تفرض منطقها على شعب متحضر يرفض الطائفية والعنف ويحلم بهامش بسيط من حرية الرأي .
فهل بامكان العاقلين من هنا وهناك ان يدفعوا الامور نحو حل داخلي يغادر معه المجانين الساحة عبر برنامج شباب التظاهرات والطبقة الوسطى (اعادة العمل بدستور 1950 وقانوني الاحزاب والانتخابات والعفو العام السياسي وحكومة وطنية بالتوافق وانتخابات حرة ) ام ترانا على طريق القتل والالغاء ولن تحصد سورية خيرا هذا هو السؤال