حارة الدهان في حي المدينة بحماة ليست كأي حارة لانها اختزنت روح الشرق في الالفة والتعاون رالفقروالمحبة. هي حارة مغلقة على اَهلها تدخلها من حي الحسنين من مدخل لا يتجاوز عرضه المتر كثيرا وكل من يسكن فيها او يدخلها لا يوجد غير هذا المدخل للخروج. في نهاية الحي كان يوجد جب ماء شروب يشرب منه الحي كله ويغتسل وفي الصيف يتناوب الأطفال على التراشق بمياهه فيخففون من شدة الحر مقابل الجب كان يوجد ساحة تنفتح عليها بيوت عديدة وفي مواسم العنب يتم فيها تقطير العرق وتكثر الدبابير ولا احد يعترض لان للرزق أصولا محترمة
توزع رجال الحي الاعمال فأكثرهم يعملون في نحت الحجارة وفي صناعة العرق والنبيذ وبينهم من يعمل صائغا او باىعا في دكان خارج الحي او في مهنة العمارة ويتشابهون في الفقر والسكينة والألفة
وبعد ان يذهب الرجال الى أعمالهم. تخرج النساء من البيوت الى الساحة كل واحدة تحمل لوازم الطعام فهذه تنقي البرغل وتلك تحفر المحشي او تعد الفاصولياء ويتعاون اذا لزم الامر ويتبادلن الأحاديث ومن منهن على وضع حسن يشربون الشاي والقهوة ويبصرون
في هذا الحي ولدت وبعد شهر مرضت الوالدة ونقلت الى طرابلس وتعهدت نساء الحي المرضعات في الرضاعة الى ان عادت الوالدة فصار لي اخوة واخوات منهم من ال دعدع ومن ال عبيدة ونصير وعطالله و طبولي وجمال والخاص والجبيلي وبريور ورشوان والجنيات ومحفوض والكلاس ونخلة وغيرهم وحفظت لهم المودة وفي كل زيارة للحي حتى بعد توسيعه وفتحه كنت أزور من تبقى واشعر انهم عاىلتي ويحبونني .
في هذا الحي تعلمت فضيلة التعايش وصداقة الفقراء وتعلمت المحبة والتضامن وقد يكون الفقر كارثة ولكن له قيم وفيه اخلاق ومن يحبك يحبك بصدق لا يبيعك ولا يغشك وفي الأزمات يقف معك هذا الحي نموذج مكرر في كل احياء حماة لذلك شكل هذا المخزون قومية حموية لا تتاجر بالصداقة وتتسم بالنجدة والاعتدال ومهما تكالبت على حماة المصاىب لا احد يهزم قيمها وهذا هو السوال
٢٢-٤-٢٠١٧