اللاطائفيون تعبير درج هذه الا يام ولكن جذوره بعيدة في الحياة السورية والذين اعتقدوا ان اللاطائفين حالة طارئة يقعون في خطأ الاستنتاج.
في الخمسنيات من القرن الماضي قام طائفيون متعصبون حاقدون باحراق سينما الاوبر العائدة لال الخوري وسرقوا محال بيع الخمر ونشروا في حمص حالة من الهلع استدعت المتنورين من كل الطوائف الى القيام بتظاهرة قادها المربي الاستاذ محي الدين درويش( وللتعريف بالرجل أنه انسان
حر وعالم لا يجارى في اللغة العربية واول من اعرب القرآن مع الشرح في حواشيه والتفسير
في عشرين فصلاً هو الوحيد في العالم).
وقف الدرويش على درج بلدية حمص وقال:
ان كان للدين شأن في تفرقنا فقد برئت ورب البيت من ديني ).
صار محي الدين درويش قائداً للاطائفين الذين يرفضون التقوقع في الطوائف وينشرون من خلالها الحقد والتعصب .. طائفة هولاء الشباب ازدات وتعددت ( وصار الوطن هو طائفتهم) وصار الدين مسالة شخصية بين الفرد وربه والدين ما يدين به الفرد لا ما يدين به الجمع.
اللاطائفيون صاروا اكثرية في المجتمع الحمصي وعكس وجودهم حالة التعايش الرائعة في المدينة التي
كانت نموذجا لم يستطع المتعصبون ان يخترقوا مناعتها الوطنية .
اللاطائفيو ن طائفتهم الوطن ولكل انسان الحق في ان يعتز بدينه ومذهبه وطائفته ولكن الوطن
اولاً والانسان يمكن ان يكون مؤمناً بدون تعصب لان التعصب ليس من شروط الايمان ولا من اركانه .
خرج اللاطائفيون من نفق الدين والطائفة والمذهب الى رحاب وطن يتسع للجميع ولا يلغي احداً ولا يحذف والتعايش يتقدم على كل الولاءات ولذلك وكلما ازدادت الهجمات المختلفة على التعايش وعلى الوطن وعلى الوحدة الوطنية وكلما انتشر وباء التعصب وتحول الى القتل والابادة يزداد اللاطائفيون في العدد ويعلو صوتهم لأنهم يملكون الحقيقة والحل ومع الزمن لا بد سيزدادون .
اما الطائفيون با لأكراه فمسألة منظورة في حياتنا السورية اليوم
وفي التفصيل ما يغني :
التظاهرات الشبابية السلمية كانت تطالب بالحرية وبالغاء الاحكام العرفية المستمرة من اربعين عاماً وبتغيير النظام لا الغاء الدولة ولم تطرح اي عداء طائفي ولا سعت اليه .
النظام الاستبدادي هو اول من حول الصراع الشعبي السياسي الى صراع طائفي متعصب وحاقد
لكي يحكم سيطرته على الجيش حين ذهب الى الحل الامني مستخدماً الرصاص الحي وقتل واعتقل وعذب عشرات الالوف ونشر الخوف الطائفي مدعياً ان التظاهرات تستهدف الطائفة لا النظام وذلك لكي يورط الطائفه ويجعلها تصطف الى جانبه وتحمي اشخاصه .
.
بالمقابل ارتكبت بعض التنسيقيات المعارضة اخطاء ساعدت النظام في مسعاه لتحويل الصراع من السياسة الى الدين والمذهب والطائفة وذلك حين ذهبت الى العسكرة و صارت تقتل على الهوية الطائفية تماما كما كان النظام يفعل وربما الى مسعى منها لأ كراه الاخر الطائفي للا صطفاف معها ودعمها تحت عامل الخوف الذي صارت له مبررات متقابلة .
في حمص مثلا قام مسلحون من المعارضة بتو قيف ميكرو باص آتياً من المستشفى الوطني حاملا عددا من الممرضات وتم فرز العلويات وقتلهن وترك البا قيات ومثل هذا حدث كثيرا من المعارضة والنظام وكان الهدف منه ارغام الناس بالاكراه والخوف لينضموا الى هذه الجهة او تلك مجبرين لا مقتنعين .
حين تصبح الحرب طائفية يتجند فيها الطائفيون من هنا او من هناك بعضهم يدعي الدفاع عن النفس وبعضهم يريد الثأر وبعضهم يريد الابادة للطرف الآخر واكثرهم مكرهين بالخوف ولم يعد للعاقلين والوطنين صوت يعلو على صوت الرصاص فاما انت معنا او ضدنا فتقتل فالمعركة لاتعود مهتمة بالدين والمذهب لان الوحشية تجب ما قبلها وتسود ويتحول المجندون فيها الى ادوات ليس من الضروري ان تناقش او تعترض.
النظام حاول توريط الاقليات كلها في مشروعه الطائفي واستخدم بعض رجال الدين المسيحي
ا لمرتبطين اصلا بالاجهزة امثال البطرك الكاثوليكي اللحام وارسلهم ليجوبوا العالم مدعين ان النظام هو من يحمي المسيحين ويدافع عنهم في حين لم يكن اي مسيحي قد قتل او اختطف من قبل المعارضة التي كانت تقتل العلوين وتترك المسيحين .
كما تم تجنيد بعض رجال الدين من كل الطوائف المسيحية للدعوة للانضمام للنظام والقتال الى جانبه
تحت عامل التخويف من المعارضة ولكن قوى علمانية وقفت ضد هذا التوريط وكشفت اهدافه وارتباط
رجال الدين بالاجهزة فلم ينجح النظام في تجنيد المسيحين وان كان نجح في استقطاب بعض الناس
الى جانبه سياسيا فما كان من النظام الا ان التجأ الى الحزب القومي السوري المرتبط سياسيا بالنظام فتم تجنيد اعداد كثيرة من هذا الحزب للقتال الى جانب النظام ولان اكثرية المنتسبين لهذا الحزب من المسيحين فقد تم تجنيد بعض المسيحين مع النظام من الباب القومي لا من باب الدين او الطائفة
وما حدث مع المسيحين حاول النظام توريط طوائف اسلامية من الاقليات الاسلامية كالدروز والاسماعيلين ولكن نجاحه كان محدوداً كما في الجا نب المسيحي واستمر شكل الصراع كما اراده النظام والمعارضة حربا بين اهل السنة وبين العلوين والاستثناءات قليلة.
السؤال بعد خمس سنوات من الحرب الطائفية الاهلية هل سيستمر الاكراه والتخويف المتبادل
و الذي يرفد الطرفين ويقدم الضحايا على مذبح صراع ادى الى مقتل عشرات الالوف من الطرفين دون اي افق لاي حسم لمصلحة هذا الفريق او ذاك؟
بعد الاستقلال قامت دولة وطنيه غير دينية لم تتصرف خلالها الاغلبية السنية كمسيطر ومحتكر للحكم
يل كان المسلمون حماة للتعددية والاكثر احتراما لكل المكونات ففي ظل هذه الدولة الوطنية
كان فارس الخوري رئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس النواب وحتى وزيرا للاوقاف الاسلامية
وصار شوكت شقير الدرزي رئيسا للاركان وزهر الدين الدرزي رئيسا للاركان والكردي رشدي الكيخيا
رئيسا للبرلمان ومحمد كرد علي رئيسا للمجمع العلمي العربي وصار كل مشايخ الشام من الاكراد من كفتارو المفتي للجمهورية الى الشيخ البوطي الى العشرات من مشايخ دمشق وحلب وصار بدوي الجبل شاعر الاستقلال وزيرا مرات وكذلك وهيب الغانم وحسن جبارة وغيرهم من العلوين.
لايوجد اي مبر ر لتحويل الصراع السياسي الى حرب طائفية اصطنعها متسلطون لبقائهم كاشخاص ولم تكن هناك ضرورة عميقه لها والانفجار الشعبي لم يكن بسبب وجود رئيس علوي بل لان النظام اعتدى على حقوق وحريات السورين كلهم وادار مؤسسات للنهب والفساد .
الحل الامني من النظام وتسليح المعارضة من الخارج كلاهما سببا تحول الاحتجاجات من السياسة الى الطائفية فالنظام تصرف في اعمال القتل والتعذيب على اسس طائفية والمعارضة المسلحة ذهبت الى الاعتقالات والخطف والقتل على اسس طائفية مضادة فاصبحت السياسة وشبابها خارج الساحة وقتلهم الطرفان بالتساوي.
صارت الطائفية بالاكراه المتبادل هي المصدر التي تمد الطرفين بمقاتلين تم غسل ادمغتهم بشعارات كاذبة وباحلام نصر مدمر او مستحيل ودفع البسطاء الدماء من اجل مجموعات مسلحة من هنا وهناك لا تبغي غير بقائها في السلطة على رعايا لم يكن يهمهم غير العيش بكرامة ومع الطرفين فقداها .
اللاطائفيون هم الحل في وطن تعددي في عناصره واديانه وطوائفه ولكي يعيش هذا الوطن بحرية وكرامة لا بد من مغادرة المواقع الطائفية الى الموقع الوطني والبناء عليه على اسس ديمقراطية
تنبع من خلالها السلطة من صناديق الاقتراع لا من فوهات البنادق و لا من الطائفية ولا من اي دين و هذا هو السؤال
25-4-2016