السلوك السياسي المنحرف للطبقة السياسية, تسبب بمحن كبيرة للوطن والشعب, بظهور قضية الإلحاد التي ستكون نتائجها وخيمة مستقبلا, وقد تهدد بناء مئات السنين, فالقضية اكبر من مسالة أزمات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية, فهي تضرب في عمق أيمان المجتمع, فما أنتجه الفعل السياسي للجماعة الحاكمة يحدث شرخ عميق داخل بنيان المجتمع, ويؤثر بعمق داخل التكوين الشخصي للإنسان, وهو يزحف رويدا رويدا, الى أن يحدث انقلاب قيمي وفكري خطير, يصبح معه قضية الأيمان في خطر, والغريب أن لا نجد اهتمام عند النخب ولا الساسة لقضية تهديد أيمان المجتمع, مما يدفعنا للخوف من مستقبل غامض ينتظرنا.
وما نحذر منه هو أن يسقط المجتمع في حفرة الإلحاد, الناتجة عن سوء الأوضاع, وليس عن اعتقاد بفكر الإلحاد.
● علة الاتجاه للإلحاد
يأتي هنا الإلحاد بمثابة إعلان غضب على الله والعياذ بالله, هؤلاء ينظرون الى بؤس مجتمعهم نتيجة التمسك بالدين, بالاضافة لانحطاط الساسة, الذين يدعون أنهم ممثلين للدين, فأفعالهم مخزية يتم دمجها بالدين, كحالة توأمة بين الدين والسلطة المتدينة, وترى أن أمثال هؤلاء في حالة مقارنة دائمة بين حال مجتمعهم المتدين وحكومتهم المتدينة, وحال المجتمعات الغربية القريبة من الإلحاد وحكوماتهم الملحدة, بل يرون احد أسباب تطور الغرب هو الإلحاد, ويرونها المثال الأفضل للحياة المتكاملة, فهناك يتجسد العدل والتسامح والاحترام والخدمة للإنسانية, أما في مجتمعنا المتدين ودولتنا الإسلامية فيتجسد الظلم والقهر والتجاوز وعملية دائمة لسحق الإنسان, فيكون هذا سببا للاتجاه نحو الإلحاد.
لكن من ينظر لهذا الكلام الصادر من أناس بؤساء في المجتمع, لا يشيرون لدول أوربا الشرقية أو الوسطى, التي نظمها أقصت الدين من حياتها, كدول أوربا الغربية, لكنها تعاني نفس معاناتنا فقر وقهر وظلم وحكومات متسلطة, فهذه الفئة من الناس تشير فقط لدول غرب أوربا, والتي بنت مجدها على دماء الدول الفقيرة, فالجهل هنا وعدم الإحاطة بالفكرة, يجعل البعض يسير في طريق الإلحاد.
● خلل في الفهم عبر فكرتين:
الفكرة الأولى: أن الغرب يروج لفكرة خطيرة وتنتشر عبر الأعلام, وتتلقفها الألسن, لتتحول الى شبه يقين, حيث يعمد الغرب على نعت الدين بأقبح الصفات مثل مقولة ( الدين أفيون الشعوب), أو التذكير بان العدل تحقق في دولهم فقط, والرفاهية الإنسانية تحققت في حكم الملحدين, فتصبح للفكرة انعكاس سلبي على واقعنا, حيث يربط كل ما يجري لنا بالدين, فضياع الحقوق سببها الدين, والفساد سبب الدين, وفوضى الدولة سببها الدين, ومن يريد فردوس الحياة, عليه أن يقصي الدين, كما أقصاه الغرب من حياتهم.
الفكرة الثانية: وهي نتاج الجهل, حيث يعمد الناقمين على الوضع, بعملية ربط بين الدين والمدعين لحالة التدين, فما يفعله الساسة من رذائل,من قبيل الصوصية والشذوذ والنفاق وعمليات هدر لأموال البلد والتشريعات الظالمة, كل هذا يتم لصقه بالدين, مع أن الدين بريء من أفعال هؤلاء, وهنالك تشجيع لهكذا أفكار من قبل طابور خامس يهمه الطعن بالدين, وتشكيك الأمة في عقيدتها ودينها, فانظر لحجم الجريمة التي ارتكبها الساسة بحق الوطن والشعب والدين.
وعبر هذين المحورين تم تزييف الحقيقة, حيث أصبح الدين متهما, بعد أن تم الاستدلال على زيف الأديان بسلوكيات اجتماعية, في افسد تنظير يحصل, ليقترب المجتمع من منزلق الإلحاد الاجتماعي.
● ضرورة التعجيل بالحل
الأهم ألان أن يحصل اهتمام بالقضية قبل أن تتوسع وتصبح حالة عامة, وبعد الاهتمام يتم وضع خطط عملية لحل القضية, ويكون الحل عبر:
أولا: أن تشرع الحكومة بإصلاحات حقيقية تنفع المواطن مثل الاهتمام بالخدمات, وعملية تنظيم للسوق, والبحث عن حلول سريعة لحل مشكلة السكن, والاتجاه بقوة نحو تقليص البطالة, بالاضافة للتشجيع على الزواج.
ثانيا: أن تشن القنوات الإعلامية العراقية حملة ضد الأفكار التي تتهم الدين, وتوضح الفارق بين الدين وبعض الساسة المتلبسين بثوب الدين.
ثالثا: الإفصاح عن حقيقة الفردوس الغربي, من أن ليس كل الدول التي ابتعدت عن الدين غنية ومرفهة, وان النهضة الغربية قامت على حساب دماء أسيا وأفريقيا, فليس الغرب ملائكة.
رابعا: العدل والاحترام يمكن أن يتحقق عندما يطبق قانون العقوبات, وهذا بيد الجماعة الحاكمة, أن أرادت الخير للعراقيين.