أين الوارثون لخير أمّة أخرجت للنّاس؟!.
المتصارعون يمثّلون مشاريعهم السياسية، ولا يمثّلون طوائفهم ومذاهبهم
من تصريح للعلاّمة السيد علي الأمين اليوم حول أحداث المنطقة:
….إن إسقاط العناوين الدينية والمذهبية على الصراعات الجارية في المنطقة يزيد من الإحتقانات الطائفية والعداوات بين أبناء الأمّة الواحدة ويهدد وحدتها وعيشها المشترك.
ونحن نرى أن جذور الصراع هي سياسية وإدخال المذاهب فيها هو للإستقواء بالعصب المذهبي والديني لجمع المزيد من الأنصار والأتباع .
ويعود السبب الرئيسي في ظهور الطائفية العنيفة في مجتمعاتنا إلى الصراع على السلطة والنفوذ بين معظم الأحزاب الدينية و الجماعات السياسية ذات الإرتباطات الخارجية، وقد زاد من حدّته غياب العلاقات الطبيعية بين الدول العربية والإسلامية في المنطقة خصوصاً بعد اندلاع الأحداث السورية واستمرارها بدون حلول فانتقلت اليوم إلى العراق لوجود المناخ لها بسبب سياسة الحكومة العراقية.
وقد عاش السنة و الشيعة مع كل الطوائف والقوميات إخوانا في مجتمعاتهم وأوطانهم قروناً عديدة وعلى ذلك يبقون بمشيئة الله، وقد كانوا يختلفون في قضايا تاريخية ودينية تبعاً لاختلاف الإجتهادات التي لم تمنعهم من إقامة الروابط العائلية،ولم يؤثر ذلك على حياتهم المشتركة وعملهم سويّة في بناء أوطانهم، لأنه لم يكن هناك صراع على السلطة و الحكم.
ويقف المرء متعجّباً أمام هذا التحشيد الطائفي على الرغم من أن منطقتنا في تعددّها الطائفي وتنوّعها الديني والقومي تعدّ فقيرة من حيث التعددّ والتّنوّع بالقياس إلى أمم كثيرة ودول عديدة في العالم،ففي اميركا وحدها يقال بأن فيها ما يقارب أربعماية جماعة دينية وطائفة، وفي الهند يقال بأن فيها ما يتجاوز الألف من الطوائف والقوميات تتعايش معاً، فما بالهم لا يتصارعون، ولا يقتل بعضهم بعضاً، ولا يطلبون التقسيم والإنفصال ولا يختارون الإحتراب والإقتتال ؟!. فما بالنا نحن المسلمين اليوم، ونحن نزعم بأننا الورثة لخير أمّة أخرجت للناس!
إن المتابع لوقائع التاريخ والحاضر يعلم أن نهج التطرّف لا يمثل الإسلام في قيمه ومبادئه ودعوته إلى مكارم الأخلاق، ويرى أن ما تقوم به بعض الجماعات من قتل وقتال ليس ثورة للسنّة على الشيعة كما يقولون، وليس ثورة للشيعة على السنّة، إن المتقاتلين لا يمثلون مذاهبهم وطوائفهم، وإنما يمثلون أحزابهم وأنصارهم ومشاريعهم السياسية،وهم جزء يسير بالقياس إلى الأمّة الواحدة التي تجمعهم بكل طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم، ولكن كما قلنا: إنها احتقانات طائفية ولدتها الصراعات القائمة في المنطقة على النفوذ والسياسة من دول وأحزاب تطغى أصواتها على مذاهبها وطوائفها لأنها هي الموجودة وحدها في الواجهة في ظلّ تغييب متعمّد لأصوات الإعتدال من كل الطوائف والمذاهب، وليس من الصحيح اختزال الشعوب والمذاهب بدول وأحزاب وجماعات، فإن حزب الإخوان المسلمين في مصر هو من أكبر الأحزاب الدينية في مصر والعالم الإسلامي ولكنه لم يكن ممثّلاً لكل الشعب المصري،ولم يكن أيضاً ممثّلا لرؤية المذهب السنّي في العالم الإسلامي، وهكذا هي الحال في الأحزاب الشيعية.
٢٠١٤/٦/٢٥/