لا يحتاج أحد لذكاء شديد لمعرفة ان الأمور في الباطن تختلف تماما عن الامور في الظاهر بالمنطقة، وأن تمدد تنظيم داعش اللقيط الذي لا يتبناه أحد في العلن، ويدعي في المقابل الجميع محاربته وخلقه لامبراطورية لا تغيب عنها الشمس تحت شعارات المحاربة تلك التي لا يمكن ان تكون وليدة المصادفة، فالتنظيم والجهلة من منضويه لايصنعون الأسلحة والذخيرة والمركبات والدبابات التي يلمع حديدها وطلاؤها الجديد تحت اشعة الشمس، كما لا يستطيع احد فهم سر تسليم جيشي المالكي والاسد أراضي العراق وسورية الشاسعة وأسلحة جيشيهما الحديثة دون حرب لقوى التنظيم، كما لم يفهم احد كذلك كيف انتقل ذباحو التنظيم ومخرجو ومصورو جرائمه ومعداتهم الضخمة خلال ايام قليلة من بادية الشام، حيث أحرقوا الطيار الاردني معاذ الكساسبة، لشواطئ ليبيا، حيث نحروا وصوروا الاقباط المصريين، فواضح ان ذلك الانتقال لا يمكن أن يتم إلا في طائرات ضخمة تقلع وتهبط من مطارات معروفة وبعلم سلطات الأجواء التي تمر بها تلك الطائرات وإلا أنذرت وأسقطت!
***
لقد أتت المبادرة السعودية – الاماراتية لتظهر ذكاء وقدرة مطبخ القرار العربي، فالمبادرة لم تدعُ لغزو دمشق، بل حددت مهامها ومهام القوات الدولية التي هي جزء منها في القضاء على «داعش»، فما الذي يغضب النظام السوري وحلفاءه من ذلك الامر وهم الذين يدّعون مع كل إشراقة صباح أن كل جرائمهم بحق الشعب السوري وتدميرهم لمدنه وقتلهم لمئات الآلاف من ابنائه وتهجيرهم للملايين تتم تحت راية قميص محاربة داعش؟! ان تلك المبادرة تمحص وتفحص مدى مصداقية محاربة تنظيم داعش، وتكشف ان قوة التنظيم الحقيقية هي أوهن من خيط العنكبوت!
> > >
لقد اشترطت المملكة ومعها الإمارات تحرك قوى المجتمع الدولي البرية والجوية والبحرية، كي تنضما إليها، وأن تكون تلك القوات بقيادة دولية، وهو أمر حدث مثله في يوغسلافيا السابقة التي كانت تحكم من قبل الطاغية سلوبدان ميلوسيفيتش، وكذلك إبان حكم الطاغية صدام حسين وجرائمه ضد شعبه، وقد أعلن المجتمع الدولي حينها أن النظام الجديد لم يعد يسمح للطغاة بإبادة شعوبهم أو شعوب الدول الاخرى، واذا لم يكن ما يحدث في سورية من إرهاب وإرعاب وقتل وتدمير وتهجير للملايين من قبل النظام و«داعش» بالتبادل هي جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية، فماذا تسمى إذن؟!
***
آخر محطة:
(1) المبادرة الذكية الناضحة سينتج عنها عقلا ومنطقا إما العمل الجاد لتحرير دولي تشارك فيه السعودية والإمارات وغيرهما لتحرير مناطق الشمال والشرق والجنوب السوري المحتل من قبل تنظيم داعش ومرتزقته الاجانب، ومن ثم عودة 90% او اكثر من المهجرين السوريين في الاردن ولبنان وتركيا وأوروبا.. الخ إلى ديارهم ضمن حماية دولية وجيوش برية انتظارا للحل السياسي النهائي.
(2) أو تثبت المبادرة أنه لا أحد تحت الشمس رغم كل الادعاءات جاد في محاربة «داعش»، وانه ما أنشئ الا ليبقى ويقوى ويتمدد ليدمر بلدان المنطقة ويتسبب في تفتيتها وتقسيمها.
(3) هل سمع أحد قط بأمر جيد فعله «داعش» لصالح الاسلام او العروبة او الانسانية او لصالح شعوب المنطقة ودولها حتى نتأمل الخير من بقاء «داعش» او نتحسر على اختفائه؟!
*نقلاً عن “الأنباء” الكويتية
لكل إمري من إسمه شيء ، وأنت ما شاء الله محلل بارع