Adham Amer
أثناء عملي في دولة الإمارات، تعرفت على مهندس سوداني، وبحكم عملنا في نفس المكان، أصبحنا أصدقاء، كان يرتاح لي بشكل كبير، ويطلعني على بعض أسراره الشخصية ويطلب المشورة أحياناً، وللأمانة فهو انسان طيب جداً، وهذا ليس بغريب على الشعب السوداني الذي أعتبره من أفضل الشعوب العربية.
لم يستغرق الأمر طويلاً حتى بدأ يتعامل معي بحذر وينظر لي بريبة، فأدركت بأن أحدهم قد وشى بي وأخبره بأنني ( درزي مرتد وكافر، ولست على خُلق )، فتجاهلته أنا أيضاً رأفة به، لأن أي محاولة جديدة للتواصل معه، سيترجمها عقله كمقامرة ستؤدي إلى خسارة فادحة ونقص ملحوظ برصيده المفترض من الغلمان و الحوريات.
بعدها بأيام، وبينما كنت في مكتبي، قرع صاحبنا الباب فأذنت له بالدخول، دخل وسلم عليي بحياء وحذر، … طلبت منه الجلوس، فانكمش على الكرسي المقابل لي … نظرت في عينه، وسألته: ما الذي حصل؟ لماذا تقاطعني ؟؟ … فبدا حائراً ومرتبكاً، ثم تمالك نفسه وقال : والله ياخي ماعرف شنو اقولك ! … قلت له : لا تقلق احكي ما عندك، فقال : والله أنا عرفتك وأنت نعم الأخ والصديق، وأنا موش زعلان منك، أنا زعلان عليك وما أريدك تروح جهنم… !
قالها بوجع حقيقي، لكني لم أتمالك نفسي، وانفجرت ضاحكاً في وجهه.
تجاهل ضحكي واستطرد قائلاً : يعلم الله أني أبذل جهدي لهدايتك لأني أعرف أنك انسان طيب وصالح، لكن هذا ما يكفي ولازم تستهدي بالله وتعلن إسلامك، ولو تحب تروح معاي المسجد أكون من السعداء.
لم يستفزني كلامه كما هو مفترض، لأنني أعرف طيبته وعفويته، هو يحاول أن ينقذني حسب معتقده، ولهذا كنت ( ناعماً ) معه على غير عادتي في مواجهة أمور مماثلة، وقلت له تماشياً مع تفكيره : الهداية من الله يا أخي … فقال : ونعم بالله، ثم استأذن ومضى، وكانت تلك آخر زياراته لي.
أتذكره دائماً بكل الود والمحبة، وأشفق عليه، تماماً كما يشفق عليي ! .