تقرير اعده المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
بعد ساعات من الهجوم الصاروخي الذي شنته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على سوريا، اتخذ خامنئي الولي الفقيه لنظام الملالي يوم السبت 14 ابريل (نيسان) موقفا سريعا وقال «إنني أعلن بصراحة أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، رئيس جمهورية فرنسا ورئيس وزراء بريطانيا مجرمون وقد ارتكبوا جريمة ولن يحقّقوا أي مكسب، كما أنهم تواجدوا خلال الأعوام الماضية في العراق، سوريا وأفغانستان وارتكبوا هذا النوع من الجرائم ولم يحققوا آية مكاسب».
هذا الموقف ضد الهجوم كان سياسا أشد من موقف الأسد الدكتاتور الحاكم في سوريا والسلطات الروسية وكان غير متوقع بهذه الحدة.
وفي يوم الأربعاء 11 ابريل زار علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي في الشؤون الدولية وهو أعلى منصب في رسم الخطوط السياسية للنظام بجانب خامنئي، منطقة الغوطة الشرقية أي بعد أربعة أيام فقط من القصف الكيماوي الذي ضرب دوما حيث أصبح قضية دولية، وقدم شكره للقوات المشاركة في عملية الغوطة الشرقية وأعلن دعمه الكامل للنظام الأسدي.
هذا الشكل من الدعم التام من قبل خامنئي وحضور ولايتي الى الغوطة الشرقية في الوقت الذي أصابع الاتهام متجهة نحو دكتاتور سوريا بالجريمة ضد الانسانية بسبب استخدامه السلاح الكيماوي في هذه العملية الاجرامية، يثير تساؤلا في الذهن ما سبب هذا الدعم التام لدكتاتور سوريا في الظرف الدولي المتأزم؟
وحسب معلومات المقاومة الإيرانية، فان الجيش السوري وقوات الحرس في سوريا لهما قيادة عملياتية مشتركة وأن كل العمليات البرية تتم تحت اشراف وبحضور قادة قوات الحرس الايراني. تخطيط الحصار والعمليات ضد الغوطة الشرقية تم بمشاركة قادة قوات الحرس الايراني بالاضافة الى تمرير الحصار الاجرامي الذي تم بمشاركة مباشرة لقادة الحرس.
وفي الوقت الحالي عميد الحرس سيد جواد غفاري هو قائد قوات الحرس الايراني في سوريا ومحمد رضا فلاح زاده المسمى بابوباقر من مساعديه في سوريا وهما من القادة الكبار للعمليات. سيد جواد غفاري يستقر في معظم الاحيان في مقر حلب لقوات الحرس وفلاح زاده في مقر المبنى الزجاجي بالقرب من مطار دمشق.
كما ان قادة قوات الحرس يشاركون مباشرة في تحديد أهداف الغارات الجوية للجيش السوري أيضا. عقيد الحرس مهدي دهقان يزدلي من قادة قسم الطائرات بدون طيار لقوة الجو الفضاء التابعة لقوات الحرس الذي شارك في تحديد أهداف الغارات الجوية للجيش السوري، قتل في 9 ابريل في الهجوم على قاعدة تدمر.
قوات الحرس ومجموعات الميليشيات التابعة لها تشكل جزءا هاما من القوة البرية العاملة بمحاذاة الجيش السوري وتشارك في كل العمليات البرية مع الجيش الأسدي. وفي يوم الثلاثاء 17 ابريل / نيسان 2018 وفي مقابلة مع «وكالة أنباء الطلبة»، اعترف نائب رئيس لجنة الأمن لمجلس شورى نظام الملالي، كمال دهقاني فيروز آبادي بمشاركة قوات النظام في حصار الغوطة الشرقية. كما اعترف أيضا علي خرّم من المحللين التابعين لقوات الحرس في مقابلته مع صحيفة شرق بتاريخ 15 ابريل 2018 بمشاركة قوات الحرس في مواضع الجيش السوري لمقاومة الصواريخ.
وفي انموذج مماثل بشأن العمليات المشتركة لقوات الحرس الايراني مع الجيش السوري، جاء بعد الهجوم الكيماوي على خان شيخون بتاريخ 4 ابريل 2017 حيث أصدرت لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية تقريرا بشأن دور قوات الحرس جاء في مقدمته : « قوات الحرس الثوري الإيراني التي تتولى العمليات البرية الهجومية في سوريا، قد دخلت محافظة حماة للحؤول دون تقدم سريع للمعارضة فيها، وتكبد نظام الملالي خسائر فادحة في مدة قصيرة وفق ما ورد في الوثائق المعلنة من قبل وسائل الاعلام التابعة للنظام الإيراني. ولهذا السبب يضطر قاسم سليماني أن يزور الجبهة شخصيا لرفع معنويات الحرس ومرتزقته. إنهم وبسبب ضعف القوة البرية للحرس الثوري والجيش الأسدي لقلب المعادلة العسكرية كانوا بحاجة إلى ضربة ثقيلة على قوات المعارضة ولذلك طلبوا من القوة الجوية الإسناد لهم. لذلك قامت القوة الجوية للجيش الأسدي وبالتنسيق مع القوة البرية للحرس الثوري في 4 ابريل 2017 بالقصف بالكيماوي خلف جبهة القوات المعارضة في خان شيخون بغية خلق الرعب والخوف بين عناصر المعارضة، بهدف تغيير المشهد العسكري لصالح القوة البرية للحرس والجيش الأسدي».
اضافة الى السبب العسكري للمشاركة المباشرة لقوات الحرس الايراني في الهجوم على الغوطة الشرقية مما أدى الى مداخلة الولي الفقيه السريعة في اتخاذ موقف بعد الهجوم الصاروخي الثلاثي على سوريا، هناك جانب سياسي أكبر. وقال خامنئي في كلمته: «الجمهورية الاسلامية ومثل السابق تبقى بجانب فصائل المقاومة وبالتأكيد فان أمريكا ستمنى بالفشل في أهدافها في المنطقة». وأوضح خامنئي في كلمته أن الهدف من الهجوم على سوريا هو قطع أذرع نظام الملالي من دول المنطقة.
وفي هذا الصدد، كتب عميد الحرس سعد الله زارعي من المستشارين لقوة القدس في الشؤون السياسية بتاريخ 15 ابريل 2018 في تحليل له عن الوضع نشرته صحيفة «شرق» لاستخبارات قوات الحرس: «ركزت الآن أمريكا وعملائها وحتى دول مثل تركيا جهودها على طرد ايران من المنطقة أو إضعاف موقع ايران ولذلك تزداد الضغوط الأمريكية وعملائها على ايران وأصدقائها في المنطقة بموازاة الانتصارات التي تحققها جبهة المقاومة في المنطقة. الاجراءات المستعجلة التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الماضية بعد تبني قوانين صارمة ضد قوات الحرس، يتم ترجمتها من قبل اسرائيل بالهجوم على قاعة تيفور الجوي، ومن قبل العربية السعودية باتهامها ايران بارسال شحنات صواريخ باليستية الى المقاتلين اليمنيين المسلمين، ومن قبل فرنسا وبريطانيا بتوجيه اتهامات ضد ايران بتهديد الأمن في المنطقة. هذه الاجراءات كلها تستهدف حضور ايران في المنطقة. وفي الواقع ممارسة الضغط على ايران لا تعد اجراء محدودا ضد احدى الدول المؤثرة في المنطقة، وانما يجب اعتبارها اجراءا في تغيير استراتيجي لخارطة الطريق في المنطقة».
وبذلك يتبين أن سبب مداخلة علي خامنئي لدعم التدخل في سوريا في هذه الظروف الدولية المتأزمة، اضافة الى الدعم الخاص لتدخل نظام الملالي في سوريا وعمليات الغوطة الشرقية، والدفاع عن خط تصدير الارهاب واثارة الحروب لنظام الملالي في المنطقة حيث ارتبط ارتباطا مباشرا بكيان النظام وأن أي تراجع من ذلك يساوي التشكيك في السبب الوجودي لقوات الحرس وديكتاتورية ولاية الفقيه. وهذا هو الموضوع الذي يصفه سعد الله زارعي بـ «تغيير استراتيجية خارطة الطريق في المنطقة».