أتت المقابلة التلفزيونية للنائب سليمان فرنجيه مع الزميل مرسال غانم على قناة “ال بي سي” ليل الخميس الفائت لتؤكد ان “المبادرة الرئاسية” التي انطلقت بعد لقاء باريس الذي جمعه مع الرئيس سعد الحريري لم تبلغ كما قيل مرحلة الموت السريري، ولا تعطلت، انما هي مستمرة مع انها واجهت عوائق كبيرة ظاهرها محلي، وقد يكون جوهرها اقليميا عائدا الى التوتر الكبير في الاقليم، فضلا عن تقاطع ملفات ساخنة في ما بينها، من اليمن حيث بدء الحديث عن مفاوضات في جنيف فضلا عن وقف للنار، الى سوريا حيث عقد مؤتمر الرياض لتوحيد الوفد المعارض الى المفاوضات المزمعة قريبا، واجتماعات نيويورك بين اميركا وروسيا المخصص للاعداد لطاولة مفاوضات لاطلاق مسار سياسي لحل الازمة السورية، مرورا بتصاعد التوتر بين السعودية وايران، وتكثيف الاميركيين اجراءاتهم العقابية لتجفيف مصادر تمويل “حزب الله”.
صحيح ان موقف الجنرال ميشال عون، المرشح الرسمي لفريق ٨ آذار بزعامة “حزب الله” لا يزال على اقتناعه بأن حظوظه في الوصول الى سدة الرئاسة في لبنان لا تزال قوية (ينقل عنه قوله “مؤمن” بأن أحدا لن يصل الى الرئاسة غيره) استنادا الى قراءة أقنعه بها محيطون به، مفادها ان المنطقة مقبلة على تطورات كبيرة تفسح في المجال امام وصوله مرشحا لمحور يعكس انتصاره الاقليمي على ملف الرئاسة في لبنان، وليس مرشحا وفاقيا يعكس تسوية بين طرفين متكافئين. فعون ما عاد يرى نفسه في صورة المرشح الوفاقي، بعدما انتزع فرنجيه منه هذه الصفة، كنتيجة طبيعية لحصوله على تأييد المكون السني الاكبر في البلد، فضلا عن المكون الدرزي، وأحد طرفي الثنائية الشيعية، فيما يبقى تأييد الطرف الاقوى في الثنائية، أي “حزب الله”، معتصما بـ”صمت ” ايجابي، بعدما واصل تأييد عون جهارا، تاركا فرنجيه في خلفية الصورة يعمل بجدية لتذليل العقبات كمرشح. فقد قال الاخير بصراحة ووضوح انه “مرشح اكثر من اي وقت مضى “! مما يعني ان هوامش عون ستتآكل سريعا اذا ما تبين ان القراءة التي أقنعه بها بعض “الجهابذة” كانت محض خيال ومجرد “فانتازيا” سياسية ليس إلا.
سيبقى سليمان فرنجيه المرشح الاساسي والاكثر حظاً في الوصول الى الرئاسة، وامامه حيز من الوقت لترتيب اوراقه ريثما يقتنع عون بأن قطار الرئاسة انطلق، فيما بقي هو على الرصيف. والمرشح فرنجيه مطالب بتحرك جدي نحو اقرانه المسيحيين، الكتائب، والاهم نحو “القوات اللبنانية ” لفتح جولة مشاورات في العمق، فقد يكتشف مساحات مشتركة اكثر مما يعتقد. كما انه مطالب بعدما تحدث بإيجاز عن بعض افكاره للرئاسة، بأن يشكل فريقا جديا للتحضير للملفات الكبيرة التي تتطلب اكثر من افكار اولية .
تبقى مسألة نشدد عليها: على سليمان فرنجيه ان ينتبه الى امنه الشخصي، فمذ أصبح المرشح الاول للرئاسة صار الرجل الاكثر عرضة للخطر في لبنان !