فايز سارة
يبدو الائتلاف الوطني السوري في أسوأ أوضاعه اليوم، والأمر في هذا لا يتعلق بالبيئة العامة التي تحيط بالقضية السورية فقط، وإنما بسبب الأوضاع الخاصة المحيطة بالائتلاف، وبداخل الائتلاف أيضا، وجميعها أوضاع تتصف بالسلبية الشديدة.
القضية السورية عموما في أدنى درجات الاهتمام الإقليمي والدولي، وكأن الجميع من حول سوريا، اعتادوا على ما يحدث من أعمال قتل وتدمير وتهجير يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه ضد السوريين، ولم تعد تلك الأعمال تثير عندهم أي ردود فعل، حتى الهجمة الكيماوية الأخيرة التي قام بها النظام في سرمين القريبة من إدلب، مرت دون أي انعكاسات وردات فعل من جانب الدول أو المنظمات على إجرام نظام الأسد المتكرر.
وإن كان ثمة اهتمام بالقضية السورية، فإن هذا الاهتمام لا يتجاوز إلا في النادر جانبا من أحد جوانبها مثل موضوع جماعات التطرف والإرهاب الحاضرة في سوريا مع تركيز شديد على «داعش»، وفي هذا الجانب، يتم توزيع الاهتمام بين سوريا والعراق، لأن التنظيم حاضر في العراق، كما هو حاضر في سوريا، وأهميته في الأول أكثر، إذا نظرنا إليه من العين الأميركية.
وإذا كانت القضية السورية بعيدة في سلم الاهتمام الدولي، فإن المعارضة والائتلاف الوطني الموصوف في المستوى الدولي بأنه «ممثل الشعب السوري»، هما تقريبا خارج الاهتمام الدولي، وأغلب الدول التي ساهمت في تأسيس الائتلاف أواخر عام 2012، تكاد لا تتواصل مع الائتلاف إلا في أضيق المستويات ومن باب معرفة ماذا يجري على الأغلب، وهذا يعني أنها غير مهتمة بوضع الائتلاف ولا بوضع المؤسسات التابعة له سواء الحكومة السورية المؤقتة التي سجلت انهيارا مدويا في الأيام القليلة الماضية، وكذلك وحدة تنسيق الدعم التي تنتظر إطلاق رصاصة الرحمة، أو المجلس العسكري الأعلى وهيئة الأركان، حيث لا يتجاوز وجودهما الحاصل الصفري.
كل الائتلاف ومؤسساته كانت خارج الاهتمام الدولي والإقليمي سواء من جانب الدول أو المنظمات في الأشهر الثمانية الماضية. لا دعما سياسيا ولا عسكريا، ولا دعما إغاثيا ولا ماليا. ما جاء من مساعدات محدودة للحكومة ووحدة تنسيق الدعم، يبدو أرقاما مخجلة إذا ذكرنا من أين جاءت وحجمها، وليس في الأفق أية أرقام، يمكن أن تقدم للائتلاف أو للحكومة ولا لغيرهما.
وسط ذلك السوء من تردي البيئة المحيطة بالقضية السورية وبالائتلاف، لا يبدو الوضع الداخلي للأخير أحسن حالا. ففي الداخل ثمة انقسام عمودي بين تجاذبين؛ أولهما تجاذب هو الأصلب حول نواته الإخوانية، والثاني قوى متنوعة، فشلت في أن تشكل تجاذبا متجانسا، رغم أنها ربحت معركة الانتخابات الأخيرة في قيادة الائتلاف، وهذا يدفع نحو إعادة خلط الأوراق، وهو في إحدى النتائج سيجدد الصراعات داخل الائتلاف، وهذا ما يحصل بالفعل، بحيث لم يعد من الواضح من هي القوة المؤثرة في قرارات وفي إدارة الائتلاف الوطني من الناحيتين السياسية والتنظيمية، إنها مرحلة ضياع بكل معنى الكلمة.
الأسوأ من الضياع السياسي والتنظيمي القائم في الائتلاف، هو ابتعاد الائتلاف عن الموضوعات الأساسية التي ينبغي أن يتابعها ويعالجها وعلى رأسها الصراع مع نظام الأسد وموضوعاته وعلاقاته وأوضاع السوريين اليوم وكيف يمكن أن تصير في المستقبل. وبخلاف ذلك يغرق الائتلاف في موضوعات تفصيلية وهامشية، وما أكثر التفاصيل السورية اليوم، هذا إذا لم نتوقف عند تفاصيل الائتلاف، وعلى سبيل المثال، فإن جدول أعمال الهيئة العامة للائتلاف التي تعقد هذا الأسبوع، يتضمن بندا لتعديل رؤية الحل السياسي التي أقرها الائتلاف في اجتماع الهيئة العامة الأخير، وبعد نقاشات موسعة، استمرت نحو شهر في الهيئة السياسية «الموسعة»، كما ستكون الهيئة العامة مشغولة في اجتماعها المقبل بتشكيل لجان الائتلاف التي كانت على جدول أعمال الائتلاف منذ عدة أشهر.
الائتلاف اليوم سواء من حيث بيئته العامة أو أوضاعه الخاصة، خارج الحياة. لكن ليس من أحد يمكن أن يعلن وفاته. السبب في ذلك بسيط جدًا وفيه نقطتان؛ النقطة الأولى، أن المجتمع الدولي لا يريد الإعلان أن لا أحد يمثل الشعب السوري، وأن على أحد ما أن يقوم بهذه المهمة، إذا أعلن موت الائتلاف. والنقطة الثانية، أن بعض الائتلافيين من جماعات وأشخاص بمواقفهم وبنظراتهم التفصيلية، يراهنون على كسب الائتلاف حتى لو كان جثة هامدة، طالما كان معترفا به «ممثلا للشعب السوري» ولو شكليًّا.
الوضع في الائتلاف، كما هو الوضع السوري بمجمله في أسوأ أوضاعه من حيث التعامل معه. لم يعد أحد ينظر إلى سوريا باعتبارها قضية ثورة شعب من أجل الحرية والمستقبل، بل يتم النظر إلى بعض التفاصيل هنا وهناك: كسبنا حاجزا هنا، وقتلنا جنديا هناك، وقدمنا سلالا غذائية، إلى آخر القائمة من تفاصيل لا معنى لها في إطار قضية كبرى، تتعلق بمصير شعب وبلد ما زالا يعانيان الأمرين منذ أربع سنوات مضت.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر