المسلم شخص ورث الإسلام من أبوية ومن المدرسة ومن المجتمع حوله كما ورث المسيحي والبوذي واليهودي وغيرهم أديانهم.
تقول كارن أرمسترونج بعد أن تركت الرهبنة:
My ideas about God were formed in childhood and did not keep abreast of my growing knowledge in other disciplines. I had revised simplistic childhood views of Father Christmas–;– I had come to a more mature understanding of the complexities of the human predicament than had been possible in the kindergarten. Yet my early, confused ideas about God had not been modified´-or-developed. People without my peculiar religious background may also find that their notion of God was formed in infancy. Since those days, we have put away childish things and have discarded the God of our first years (A History of God, p 3)
باختصار تقول: “فكرتي عن الله تكونت في طفولتي ولكنها لم تواكب علمي المتراكم في المجالات الأخرى. وأنا قد راجعت فكرتي الطفولية عن بابا نويل، ووصلت إلى فهم ناضج لمعضلة الإنسان المعقدة، وهذا لم يكن متاحاً لي في روضة الأطفال. ولكن أفكاري الأولية المضطربة عن الله لم تتطور أو تتعدّل. والناس الأخرين الذين لم يمروا بتجاربي الدينية الغريبة قد يجدون كذلك أن أفكارهم عن الله تكونت في فترة الطفولة. ومنذ تلك الأيام فقد تخلصنا من أشياء الطفولة كلها وتخلصنا من إله تلك الأيام.”
ولكن للأسف نجد أن أغلب المسلمين لم يتخلصوا من المفاهيم الطفولية عن الله، بل لم يفكروا في ذلك لأن الأدلجة التي تعرضوا لها وهم أطفال تفوق كل أنواع الأدلجة في الديانات والمذاهب الأخرى. وبما أن غالبيتهم ما زالوا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، فمن المستحيل أن نتوقع أنهم سوف يغيرون أفكارهم الطفولية عن الله.
كل مسلم يعتقد جازماً أن القرآن هو كلام الله الحرفي. وبالطبع هم لا يقدّرون أن الله، إن كان موجوداً، شيء هلامي لا جسم له وبالتالي لا يمكنه أن يتكلم. ونظرة متفحصة للقرآن تكشف لنا أن من كتبه كان شخصاً محدود العلم والثقافة الجغرافية والمفاهيم العلمية. فإذا أخذنا مثلاً هذه الآية: (وأرسلنا الرياح لواقحاً فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين) (الحجر 22)، نجد أخطاء علمية وتكنولوجية لا يمكن أن تكون قد صدرت من إله عالم بما سوف يحدث وبما هو قائم وقتها. فلماذا اختار الرياح بالذات للتلقيح وهي ليست أهم أسباب التلقيح؟ هذا بالطبع راجع إلى أن كاتب القرآن كان يرى الريح ويحسها ولكنه ما كان يعلم شيئاً عن كيفية تلقيح النبات
تلقيح النباتات يتم بأربعة طرق مختلفة:
1- التلقيح بواسطة الحشرات والطيور
2- التلقيح بواسطة الرياح
3- التلقيح الذاتي
4- التلقيح اليدوي
التلقيح بواسطة الحشرات والطيور: يُسمى هذا النوع من التلقيح
Entomophilous
وتقوم به الحشرات مثل النحل والدبور والفراشات وحتى النمل. وهذا النوع هو الأكثر انتشاراً في الطبيعة. كل الأزهار والأشجار ذات الزهو الملونة أو الرائحة تلقحها الحشرات. وهذا هو سبب تلوين الأزهار كي تجذب الحشرات. وهناك 26000 نوع من النباتات المزهرة التي تلقحها الحشرات. وحتى الغابات المطرية الاستوائية
Rain Forest
التي تغطي آلاف الأميال المربعة من الأرض في حوض الأمازون في أمريكا الجنوبية، تعتمد على الحشرات في تلقيحها. والأزهار والأشجار ذات الزهور الملونة توجد بكثرة في أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا. ولكن لأن منطقة مكة والمدينة لم تكن تعرف الأزهار إلا النوع الذي يظهر في فصل الخريف في النباتات الصغيرة
wild flowers
والتي ربما تأكلها الجمال والماعز قبل أن تُزهر، لم يخطر على بال محمد أن هناك بلاداً أخرى بها أزهار على مدى العام وأن الحشرات هي التي تلقحها. وتلقيح الحشرات هو أكثر طريقة اقتصادية بالنسبة للنباتات إذ لا يحتاج النبات الذكر أن ينتج كمية كبيرة من اللقاح وبالتالي لا يصرف طاقة هائلة في انتاج هذا اللقاح. والغريب أن القرآن لم يذكر من الحشرات إلا النحل والنمل والعنكبوت التي أخطأ في وصف بيوتها، ولم يذكر أي شيء عن مهمة النحل الكبرى وهي تلقيح النباتات، فقال (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون) (النحل 68). ومع أن بعض النحل يعيش في الجبال والأشجار إلا أن الغالبية العظمى من النحل تعيش في خلايا النحل التي يصنعها ويُشرف عليها الإنسان في مزارع خاصة بالنحل. ولا نعلم إذا كان إله القرآن قد أوحى للنحل أن يعيش في تلك الخلايا أم أن النحل تمرد عليه كما تمرد إبليس. أما النوع الذي يبني بيوته في ما يعرشون فهو الدبور
Bumble bee
والزنبور
Wasp
وليس النحل المعروف والذي يصنع العسل. القرآن لم يذكر الفراشات الجميلة إلا عندما قال (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) (القارعة 4)، ولم يذكر المهمة التي تقوم بها من تلقيح الزهور الجميلة. وأهل الإعجاز العلمي في القرآن يقولون إن الكتاب لم يفرط في شيء اعتماداً على الآية التي تقول (وما فرطنا في الكتاب من شيء) فجعلوا القرآن كتاب علمٍ مغلوط
التلقيح بواسطة الرياح: هذا النوع من التلقيح هو أقل الأنواع فعاليةً وأكثرها هدراً لطاقة النبات إذ أن الشجرة الذكر تحتاج إلى أن تنتج كمية مهولة من اللقاح كي تضمن أن جزءاً يسيراً منها يجد طريقه إلى أنثى ذلك النوع من الأشجار، والتي ربما تبعد عن الذكر عشرت أو مئات الأمتار. الغالبية العظمى من هذا اللقاح تضيع في الهواء أو يدخل إلى رئة الإنسان فيسبب له حساسية تنفسية تتسبب له في ضيق التنفس وورم أحداق العيون مع احمرار العيون وازدياد الأكولة بالعين. وهذه المعاناة الإنسانية ترجع إلى أن إله القرآن أرسل الرياح لواقحاً، فبدل أن تلقح الزهور أصبحت تلقح رئة الإنسان وأنفه. لكي تُلقح الريح الأشجار، يجب أن تكون الشجرة طويلة جداً وأزهارها كبيرة حتى تصطاد اللقاح الذي يحمله الهواء. وهذا النوع من الأشجار يوجد غالباً في أوربا. والشيء الذي لم يفطن له كاتب القرآن هو أن الرياح كلما اشتدت قوتها كلما قل تلقيحها للأشجار. وفي بعض الحالات عندما تبدأ الرياح خفيفة وتحمل بعض اللقاح إلى بعض الأشجار، تشتد قوة الرياح بعد لحظات فتحمل اللقاح من زهور الأشجار التي كانت قد أسقطتها عليها وبالتالي ينتفي فعل التلقيح. الحشائش والذرة الشامي والذرة العادي والقمح تعتمد في تلقيحها على الرياح. وبما أن عرب مكة والمدينة لم يكونوا يزرعون الذرة الشامي ولا الذرة العادي وكانوا يحتقرون امتهان الزراعة، لا نعلم لماذا ركّز إله القرآن على التلقيح بدل رعي الجمال التي نسي أن يذكرها في الآية التي قال فيها (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون) (النحل 8). وإجمالاً فإن الأشجار التي تلقحها الرياح أقل بكثير من الأشجار والزهور التي تلقحها الحشرات. وكان الأجدر بالقرآن لو كان من عند إله يعلم كل شيء أن يذكر الأكثر أولاً ثم الذي يليه
التلقيح الذاتي: بعض النباتات يكون بأزهارها أعضاء تناسلية انثوية وعضو ذكري. ويكون العضو الذكري أطول من الأنثوي ثم ينحني العضو الذكري ليصب اللقاح في الأعضاء الأنثوية وبذلك تلقح نفسها دون الحاجة إلى الرياح أو الحشرات. كل البقول كالفول المصري وما شابهه تلقح نفسها
التلقيح اليدوي: هذا النوع من التلقيح يقوم به المزارعون الذين يزرعون أشجار النخيل. لو تركوا العملية للرياح فيجب أن يكون في الحقل كمية كبيرة من الأشجار الذكور- حوالي 50 بالمائة – حتى تلقح الأشجار الأنثى. وقد حدث في أيام نبي الإسلام أن رأى المزارعين في المدينة يلقحون نخيلهم فيما عُرف في كتب التراث بحادثة التأبير. قال لهم محمد لا أظنكم تحتاجون لهذا العمل، فتركوا أشجارهم بدون تأبير وبالطبع لم تنتج لهم أي تمر. ولما احتجوا لمحمد قال لهم أنتم أعلم بأمور دنياكم. وعندما يقوم المزارعون بالتأبير فإن الحقل كله ما عدا أشجار بسيطة يكون من النخيل الإناث وبهذا يضاعفون محصولهم من التمر. يمكن مشاهدة المقطع في آخر المقال لرؤية كيف يلقحون النخيل.
فإذاً محمد قد أخطأ في فهم تلقيح النباتات عندما أتى بالآية أعلاه. وبالطبع يرجع هذا لقلة المعلومات العلمية عن عملية التلقيح. فلو كان القرآن من عند إله في السماء لما وقع في مثل هذا الخطأ
ونأخذ الآية (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون) )(الذاريات 49). وهذه غلطة أخرى كبيرة وقع فيها محمد لأنه لم يكن يعلم عن كل أنواع الحيوانات والنباتات. الحيوانات المرئية له وكذلك النباتات تحتاج إلى ذكر وأنثى لتتكاثر، ولكن هناك عالم آخر لم يكن مرئياً لمحمد من أمثال الأميبا التي تنقسم إلى نصفين لتتكاثر، وكذلك الفيروسات والبكتريا، فليس فيها ذكر وأنثى. وهناك أنواع من الحيوانات الصغيرة مثل الهايدرا
Hydra
التي يبلغ طولها عدة مليمترات وتعيش في الماء العذب مثل البحيرات والأنهار. هذا الحيوان ليس به ذكر وأنثى ويتكاثر عادةً بتكوين ورم صغير في جانب الجسم. يكبر هذا الورم تدريجياً وتنتج منه هايدرا جديدة. وعندما تكون الظروف المناخية صعبة يلجأ الحيوان إلى تكوين ورم صغير بالجنب يكون عبارة عن مبيض يحمل البويضات أو خصية يحمل حيوانات منوية. ينفتح هذا الورم وتخرج منه الحيوانات المنوية وتسبح في الماء إلى أن تجد حيوان آخر به ورم أنثوي فتلقحه. أما حيوان الهايدرا نفسه فليس فيه ذكر وأنثى.
وهناك آية تقول (أرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون) (الواقعة 69). محمد لم يكن يعلم أن السحب تتكون من بخار الماء. والبخار حتى من البحار المالحة يكون عذباً خالياً من الأملاح، فكيف يجعل الإله ماء المطر أجاجاً أي مالحاً؟ هذا من المستحيلات لأن الملح لا يتبخر مع الماء. ثم يقول لنا عن ماء المطر (وما أنتم له بخازنين) (الحجر 22). وبالطبع لو كان القرآن من عند إله في السماء لعلم مقدماً أننا نستطيع، وفعلاً نخزّن ماء المطر بكميات كبيرة. ولكن محمد لم يكن يعلم عن التطور في التكنولوجيا. وحتى بدون تكنولوجيا هناك قبائل من قديم الزمان تحفر ساق شجرة التبلدي التي يبلغ محيط ساقها عدة أمتار ويخزنون به ماء المطر ليسد احتياجاتهم في موسم الجفاف. فالإنسان كان، ولا يزال قادراً على خزن ماء المطر
وهناك آيات تقول عن القرآن (فلا أقسم بما تبصرون. وما لا تبصرون. إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون) (الحاقة 38-41). فهل يمكن أن يكون المتحدث هو الله الذي يقسم كأي إنسان عادي ثم يقول إنه، أي القرآن، لقول رسولٍ كريم؟ من هو هذا الرسول؟ هل هو جبريل أم محمد؟ وعلى كل حال فالقرآن قول أحدهما وليس كلام الله، كما أقسم لنا الله في هذه الآيات.
ثم انظروا لهذه الآية (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكَرَهاً وظلالهم بالغدو والآصال) (الرعد 15). وكلنا يعرف أن اغلب الناس في العالم لا يسجدون لله ولا طوعاً ولا كرها، والقرآن نفسه يؤكد هذا القول عندما يقول (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (يوسف 103). فكيف يسجدون لله وهم لا يؤمنون به؟ ثم إنه من البديهيات أن الإنسان لو سجد فسوف يسجد ظله إذا كانت الشمس مشرقةً لأن الظل يتبع حركات الجسم. والبلاغة تستدعي أن لا نذكر ما هو معروف بالبديهة لأن خير الكلام ما قلّ ودلّ. ثم أن القرآن يقول إنهم يسجدون بالغدو والآصال، والغدو هو الوقت بين صلاة الفجر وشروق الشمس، والآصال جمع أصيل وهو الوقت الذي يسبق مغيب الشمس. وبالطبع لا يكون هناك ظلٌ في مثل هذه الأوقات ليسجد لله.
أما من ناحية بلاغة القرآن فدعونا نقرأ هذه الآية (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوةً وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) (يوسف 103).
بالإضافة إلى ركاكة التركيب والتكرار الممل لكلمة “خلاق” هناك خطأ واضح وهو أن الحضارة والقوة العسكرية للشعوب شيءٌ تراكمي، بمعنى أننا نطور أسلحتنا وسبل حياتنا بمرور الزمن. بدأ الإنسان بنحت آلات حادة من الحجارة ثم اكتشف النحاس فصنع منه آلاته ثم اكتشف الحديد فصنع السيوف والسكاكين، وهكذا. فعرب الخليج وقت ظهور محمد كانوا فقراء وسلاحهم الوحيد هو السيف والقوس. وانظر إليهم اليوم وهم يملكون أحدث أنواع الأسلحة وأموالهم أضحت تفوق أموال قارون التي ضرب بها القرآن مثلاً. فالناس قبل ظهور محمد لم يكونوا أكثر قوة من الذين عاصروه. أما قوله إنهم كانوا أكثر عدداً فقول خاطيء مئة بالمئة إذ أن الأمراض وسوء التغذية كانت تفتك بالأطفال وكان تعداد سكان العالم في القرن السابع ربما لا يتعدى مئات الملايين وهم الآن سبعة مليارات. فكيف يكون الذين من قبلهم أكثر منهم عدداً وأموالاً؟
أعتقد أن الآيات أعلاه تثبت أخطاء القرآن الذي لا يمكن أن يكون إلا صناعة بشرية بحتة.