بعد ان طالها “النسيان” لعقود مضت… اظهر الرئيس ترامپ “شجاعة استثنائية” في طرح قضية القدس بشكل معاكس لترتيب الاولويات في المفاوضات الماراثونية … او
” الابدية Infinite”
لترتيبات اعلان الدولة الفلسطينية… قضية القدس كانت قد وضعت في السلم الأخير كونها تتجاوز اللانفلاق بين الدولة الفلسطينية و دولة اسرائيل.. كما انها تتجاوز تاريخية الصراع العربي – اليهودي الذي تحول الى صراع إسلامي- يهودي بفعل اسلمة الامتداد الجغرافي في الشرق الأوسط …
قضية القدس تتعلق ايضا بالتراث المسيحي.. الذي … كما هو الحال عند الاسلاموية الحداثوية …تفرقت فيه التأويلات و امتدت خطوط تواصلاتها بين أقصى الأورثوذوكسات الدينية و السياسية و أحلامها الذاتية و نظرتها الكونية .. و بين قيمها المودرنتية و مشاريعها العولمية…
القدس… إذن اصبحت … و بضربة تخت ترامپوية… محطة لإعادة استدراك الحدود الجغرافية و الدينية و التاريخية … بل و حتى المفاهيمية.. بين التراث التاريخي و عالم ما بعد بناء الدولة الوطنية .. و عالم ما بعد العولمة .. حيث يتضخم كل شيء و تتوالى الانفجارات الديمغرافية و مستويات التصحر و الفقر و الأمية التكنولوجية و الانفصام الاجتماعي بين الأجيال وووو… اشياء كثيرة نكتشفها كل يوم..
القدس… التي كانت أيقونة للقيم التاريخية و صراعات الهوية و الحضارات … ستصبح مدخلا لترتيبات ما بعد العقلانية السياسية .. ترتيبات ادارة الفوضى الكونية و العودة الى الصراعات البدائية و اعادة بناء الذاتيات الفردية و الجماعية …
القدس … التي كانت وفق المفاهيم الدينية محورا لثبات الارض و من عليها…و بوابة للعلاقة بين الانسان و الرب… و بين مملكة الله و مملكة الارض… ربما ستصبح بوابة بين أهل الارض و أهل الجحيم… القدس ستصبح ثقباً اسوداً في فضاء العلاقات بين القوى المتصارعة و مركزا لدحر الحياة المدنية لتحل الفوضى … هكذا تتنبأ الأساطير ..
القدس إذن تبقى بوابة للحيرة … محنة الإسرائيليين إنهم رغم استنفارهم منذ عقود لكل العلم و العلماء و الآثاريين و الأنثروبولوجيين لم يستطيعو ان يثبتو اي شيء يربط المدينة المقدسة بأسطورة هيكل النبي سليمان و جنوده..
اما محنة العرب فهي أوسع من خيالاتهم و خيباتهم… دولهم و مؤسساتهم … أصبحت “فجأة” اكثر عقلانية و براجماتية … فهم يعرفون مقدما بقرار ترامب و هم موافقون عليه حبا او كرها… و لذلك لم يجد السفير الفلسطيني في بغداد سوى ان يقول “العراقيون حرروا القدس اربع مرات سابقا و ننتظر الان المرة الخامسة”…. لكن الجميع يعرف ان العراق يعيش في بؤس دائم يلعب فيه العرب دوراً لا يقل عن دور آل ترامپ…!!..
و محنة القدس انها لا تجد ناصراً… احفاد سرجون و
نبوخذنصر ليس حق في ظل ثقافة التكفير و شيطنة الاخر….و احفاد صلاح الدين الأيوبي يتم التنكيل بهم باعتبارهم “غرباء نزلوا ارض العرب”…!!!..
اعلان ترامپ إذن ايقظ كل الجراحات … و الجميع يعيش في دوار…. و لا ادري ان كان صوت فيروز الساحر “عيوننا إليك ترحل كل يوم” سيعيد السكينة الى قلوب الحائرين امام انفجارات التاريخ و ثورة التغييرات الآتية التي ربما تنتج دولة فلسطينية … كما يوحي ترامپ و الترامپيون… لكن بلا قدس و لا اقداس…ام ان اللعبة ستسمر رغم انهار الدماء و الدموع و الكثير من الصراخ و العويل… المتصنع منه و الصادق ..؟؟؟.. حبي للجميع.