الفيديو الذي تظهر فيه فتاة محجبة قيل إنها سورية في وضع مخلّ

Eiad Charbaji

شاهدت الفيديو الذي تظهر فيه فتاة محجبة قيل إنها سورية (في وضع مخلّ) مع شاب في وضح النهار في حديقة عامة في ألمانيا، وشاهدت ما أثاره هذا الفيديو من جدل، وأريد أن أسجل الملاحظات التالية:
1- الفيديو دليل جديد على أن الحجاب موضوع شكلي بحت ولا علاقة له لا بالأخلاق ولا بالعفة التي يدعيها كل من يدافع عنه من هذا المنطلق، وهو لا يمنع المحجبة من فعل أي شيء مخالف (للعفة) لو أرادت، فهذه الفتاة تلبس حجاباً من طبقتين، ورغم ذلك فعلت ما فعلت، وأنا أرجح أنها تضع حجابها لدواعٍ اجتماعية وعائلية فقط، لكنني لن أتفاجئ أبداًَ إذا علمت أنها هي نفسها تدافع عن الحجاب وتراه عفة وتتهم كل من تتركه بالتخلي عن شرفها، فهذه النماذج المتناقضة تملأ الفضاء المسلم، ولا يستثنى منها رجل أو امراة، وكم من شخص تعرفونه يسرق ويكذب ويفتري ويلف ويدور ويعرّص، لكنه يحدثك طوال الوقت عن أخلاق المسلم والاسلام، وفساد وفجور الغرب…؟!
2- الشباب الذين صوروا الفيديو ونشروه -وهم سوريون كما يتضح من لهجتهم- فضلاً عن أنهم يتدخلون بالحرية الشخصية للفتاة، هم حقراء وأنذال، فقصدهم هو الفضيحة، وهذه هي النذالة اكثر مما فعلته الفتاة، وأنا اعرف هذا النوع من الناس في أمريكا حيث يوجد آلاف الطلبة السعوديين المبتعثين، فبينما يقضي الشباب منهم أوقاتهم في التعريص والبارات وملاحقة الفتيات، يقومون في ذات الوقت بمراقبة الفتيات السعوديات ومحاسبتهن على لباسهن وصداقاتهن، ويقومون بتصويرهن ونشر الفيديوهات في الحسابات والصفحات السعودية بقصد فضحهن بدعوى أنهن بعن دينهن وأخلاقهن، وقد تسبب أحد هذه الفيديوهات بقتل مبتعثة قبل بضعة سنين بعد عودتها إلى السعودية.
3- الشاب السوري الآخر الذي ظهر في نهاية الفيديو وهو يرغد ويزبد ويشتم ويتوعد، واتهمَ الشاب الذي يقبّل الفتاة بأنه ديوث وأنه بالتأكيد يأكل لحم الخنزير ولم يتذوق لحم الجمل في حياته، هذا المذكور أقل ما يقال عنه أنه محرّض على القتل لا يختلف شيئاً عما فعله أبو مروان في السويد، وعليه يجب أن يحاسب على أقواله وعلى تدخّله بأمر لا يعنيه، فضلاً عن حاجته الماسة للعلاج النفسي من آثار منطقه السخيف والمضحك تبع لحم الخنزير ولحم الجمل.
أعزائي:


ما رأيته في هذا الفيديو ليس فعلاً فاضحاً ومنافياً للحشمة، ما رأيته في الحقيقة هو دليل آخر على ما أقوله دائماً أن المجتمع العربي والمسلم يتمزّق ويتفتت من الداخل بسبب عدم قدرته على التأقلم مع العصر، فلا هو قادر على التخلي عن شيء من تراثه الديني والثقافي ويعتبره مقدساً وصالحاً لكل زمان ومكان، ولا هو راضٍ عن الواقع الذي خلقه هذا التراث في حياته، من ألم ودم وتمزّق وتخلّف وقمع للحريات وازدواج بالمعايير وارهاب وعنف.
فتجده يطالب طيلة الوقت بالتغيير لكنه في ذات الوقت هو ألدّ أعداء التغيير، وهذا انعكاس منطقي وطبيعي في ظل التناقض الموجود في التراث الذي يؤمن به أساساً، والذي يجعل اقتحام بيوت الناس الآمنين بقوة السلاح وسبي نسائهم واغتصابهن حلالاً، ومجرد الاختلاط مع النساء في المجالس حراماً….وشعر المرأة المسلمة عورة ويثير الشهوات وهو ما يقتضي تحجيبها، وكشف الأمة وذات اليمين لثدييها وسيقانها في الشوارع لا يثير الغرائز…. والرسول هو نبي المحبة والسلام، لكن من ينتقده يجب أن يقتل…والإسلام دين رحمة ويؤمن بما نزل من قبله، لكن نصوصه تكفّر اليهود والنصارى، وتدعو لقتال كل من لا يدينون دين الحق، فالدين عند الله الاسلام فقط..!!
هذا تماماً هو ما أوصل الفتاة والشاب في الفيديو المذكور إلى هذه الحالة من التناقض، وهذا مجرد مثال واحد على آلاف مؤلفة غيرها من الحالات التي لم يتم تصويرها.
… إنه التمزّق الذي يسبق الانهيار الكبير، وانا هنا لا أتمنى، لكنني أقرأ، وما دام الناس يحاربون أية محاولة للتغيير، فعليهم أن يتحملوا النتائج..!!!

This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.