بائعة المناديل وجدتها في أحدى شوارع شمال الرياض، على الطريق تفترش سجادة صغيرة تجلس عليها وتبيع مناديل لتوفير قوت يومها وطفلتها التي بحضنها عمرها قرابة ثلاثة أعوام..اشتريت منها بأضعاف السعر لعلّي أساهم في دعمها ولو قليلاً..
عمرها 29 مع طفلتها وزوج متوفي وتعيش وحيده،أمورها متعطلة بسبب اخوة فارقوها وتركوها ولم تراهم منذ 15 سنة،،الفقر نخر حياتها نخراً حتّى أوجعها في وطنٍ يسبح على البترول، صوتها بدا مخنوق وعيونها غرقت بالدموع لكنها تتظاهر بالتماسك ، تحمل الشهادة الثانويّة ولم تجد من يوظّفها،تسكن في بيتٍ متهالك ورثته عن جدها ، عمر البيت 40 سنة، تأت من احدى الأحياء العشوائية لهذا الحيّ الراقي لتبيع المناديل.. عندما بدأت بالحديث معها ظنّت أنّني متحرّش (!) وطلبت مني اما الشراء او الإبتعاد مِن هنا،وكانت تُمسك بيدها حجراً! ثم قلت لها انني لستُ من اولئك الشباب ولكن ارغب بمساعدتك
فتحدثت معها لخمسة دقائق وقالت ضمن كلامها انّ البعض -عيال الحرام – كما وصفتهم، يعرض عليها ان تركب معه مقابل مبالغ مادية مغرية.. هنا توقف شعر رأسي،اترون حقارة أكثر من استغلال ظروف إنسان لإشباع شهواته؟
نحنُ نعلم ان الفقر منتشراً، لكن ان تقف بنفسك على حالة يُصيبك الذهول وانتّ تتخيل الأرقام الفلكية للميزانية هذه الأيّام!
عجباً لهذه الوضع، ان خلف هذه المرأة يسكن أناس بقصورهم الفخمة ويعيشون ثراء فاحش ، بجانبها جامع المحيسن الذي يؤّمة الشيخ عادل الكلبانيّ تكلفة بنائه تجاوزت الخمسة ملايين ريال مبنيّ على الطراز الدمشقيّ، انه جامع ضخم جداً بثريّاته الفرنسيّة باهضة الثمن ونوافذة الدمشقيّة الطويلة،وقبّته الملطوشة من الطراز الكنسي الدمشقيّ
حين انتهيت من الحديث معها .. قلت أين المُحتسبين والمشائخ الذين يزعمون الخوف على المرأة المسلمة؟ مؤكداً ان مئات المشائخ والمحتسبين يرون هؤلاء النسوة في الشارع. هل رأيتم من يستوقفهن او يعترض طريقهن كإعتراضهم على العاملات في المجمّعات التجاريّة الراقية وبتأمين صحّي ورواتب مجزية لا بأس بها؟ لا!
أترون لو انّ هذه المرأة عملت في متجر وغيرها من الوظائف المحترمه سوف يخرج عليها مُحتسبين ليطالبوا بمنعها من العمل لأنه حرام ومن يوظّفها ندعو عليه بالسرطان لأنه يريد افساد المرأة المسلمة وتغريبها وخروجها من منزلها لمزاحمة الرجال الأجانب كما بالخطاب ايّاه؟
اتراهم وقفوا بجانبها وقالوا انّ عملكِ هنا وخروجكِ للشارع لتبيعي امام الماره حرام ،وفتنة، ونحن نوفّر لكِ يا درّتنا المصونة، وجوهرتنا المكنونة مصروفاً لكِ او نوظفك في مكانٍ غير مختلط؟
بلّ أكاد اجزم بأنهم يمرون من عندها وينظرون اليها، ثم يرفعون أبضارهم للسماء قائلين الحمدلله الذي عافانا واغنانا مما ابتلاها به وحرمها منه، اللهم احفظ بناتنا!
مشكلة المشائخ الظلمة الجهلة يظنون ان كل البنات كبناتهم واخواتهم ثمة من يتكفل بالصرف عليهم ويتجاهلون عمداً ظروف نساء أخريات يملأن هذا البلد ليس لهن ولي أمر يصرف عليهن!