كاتبا المقال: ب. و. سينغر، محلل استراتيجي في مركز
“New America”
للأبحاث، وأوغست كول، أستاذ غير مقيم في المجلس الأطلسي، وعملا على تأليف كتاب
“Ghost Fleet: A Novel of the Next World War”
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها ولا تعكس بأي حال وجهة نظر لـ “سي ان ان “
“هنا البحرية الصينية. هنا البحرية الصينية. الرجاء الابتعاد بسرعة.”
كان هذا هو المشهد الذي شهدته الـ”سي ان ان ” الشهر الماضي عندما حُذرت طائرة استطلاع P-8 تابعة للبحرية الأمريكية وطلب منها الابتعاد عن قاعدة كانت تبنيها الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
الشيء المخيف هو أن هذا المشهد هو أيضا المشهد الافتتاحي من كتاب ب. و. سينغر وأوغست كول الجديد ” أسطول الشبح “، الذي يستكشف مخاطر ما قد يحدث إذا تورطت قوى العالم العظمى في القرن ال 21 في حرب ما. احتمال “حرب بين الدول” منخفض في الوقت الحالي، ولكنه ينمو وفقا لتقرير أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية الأربعاء.
واحدة من أهم النقاط في الكتاب هي: إذا ابتدأت الحرب فعلا، فلن تكون صراعا على تلك المياه، ولكن في أماكن لم يسبق للبشر أن قاتلوا فيها من قبل.
آخر مرة واجهت أقوى الدول العالم بعضها كان قبل 70 عاما. والجدير بالذكر، أنها كانت أيضا السنة التي جاء الفيزيائي الشاب آرثر كلارك بفكرة وضع شبكة من الأقمار الصناعية في المدارات الثابتة فوق الأرض.
أصبح كلارك واحد من أكثر كُتاب الخيال العلمي أهمية في التاريخ مع أعمال شهيرة مثل “2001: أوديسة الفضاء”. بعد عقد من الزمن، تحول مفهومه للأقمار الصناعية إلى واقع أعاد تشكشل العالم بطريقة غيّرت العلوم والأعمال التجارية والاتصالات جذريا.
مفهومه هذا سيعيد تشكيل الصراع الكبير المقبل، بأن الفضاء الخارجي -مجال كان من المستحيل الوصول إليه لكلارك وجيوش معا بعام 1945 -أصبح واقعا تكنولوجيا وعسكريا.
اليوم، حوالي 1100 قمر صناعي ناشط يدور الكرة الأرضية. من خلالهم لا تبث البرامج التلفزيونية التي نشاهدها والمكالمات الهاتفية التي نجريها فقط، وإنما تحتوي على أجهزة تحكم وسيطرة للقيادات العسكرية في كل أنحاء العالم.
وهي تشمل أقمار الاتصالات التي تربط الطائرات والصواريخ والقوات في الميدان بأقمار التجسس التي تتتبع كل حركة في الهواء وعلى الأرض والبحر، وشبكات الملاحة مثل نظام تحديد المواقع الذي يستخدم ليس فقط لتوجيه الشاحنات والدبابات والسيارات، ولكن لوضع الصواريخ على أهدافها بدقة سنتمترات.
إن الحرب الباردة كانت جزءا فعالا في تطوير واستخدام تكنولوجيا الفضاء نتيجة “سباق الفضاء” بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. لكن نهوض الصين الاقتصادي والسياسي والعسكري الأخير قد حولها أيضا إلى قوة فضائية لا يستهان بها في القرن ال 21.
التحدي يبقى أنه مع ارتفاع التوتر في كل مكان ابتداء من بحر الصين الجنوبي وانتهاء بأوكرانيا، أصبحنا نشهد ظهور ما وصفته مجلة Popular Science بـ”حرب باردة جديدة في فراغ الفضاء.” وهذا يعني أن إذا تحولت هذه الحرب الباردة إلى حرب “ساخنة”، فلن تكون المعارك في أماكن مثل بحر الصين الجنوبي فقط، وإنما في طبقات الفضاء العليا أيضا.
ولكن هناك شيء آخر يدعو للقلق غير الصواريخ والأسلحة. فبدلا من تدمير الأقمار الصناعية عن بعد بالصواريخ، يمكن للبلدان أيضا استخدام تقنيات الحرب الإلكترونية لمهاجمة برامج الأقمار الصناعية. إن مكتب إدارة شؤون الموظفين ليس الوكالة الاتحادية الوحيدة التي اختُرقت إلكترونيا، فقد اختُرقت كل من وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي من قبل قراصنة الصين.
النتيجة هي أنه في الوقت الذي يفترض أن يكون مجال الفضاء مستثنى من الصراعات، تتوقع القوى الفضائية الرائدة أنه إذا كان هناك رحلة جوية فوق مكان مثل الشعاب المرجانية في بحر الصين الجنوبي، ستمتد المعارك بسرعة إلى الفضاء.
يقول الجنرال جون هايتن، قائد القيادة الفضائية للقوات الجوية: “على الولايات المتحدة الاستعداد لمعارك على ارتفاعات عالية فوق الأرض سواء شاءت ذلك أم أبت”. بدوره، جيش التحرير الشعبي قيم التفكير العسكري الصيني بالقول إن “الحرب في الفضاء أمر محتوم.”
حتى لو لم يندلع الصراع –وهو شيء نأمله بالتأكيد -لا يزال هناك بعض الحزن لجهة وجود كل هذا التحضير لحرب بالفضاء. الوصول إلى الفضاء هو أحد أعظم الإنجازات الإنسانية الماضية، والمجال المستقبلي للعرق البشري، وحقيقة أننا لا نستطيع ترك صراعاتنا وراءنا، تبين لنا لأي مدى لا يزال يجب علينا السعي قدما.