الــــــدانا و المعارضة السورية

boldcombالــــــدانا و المعارضة السورية
يحكى من الموروث الشعبي أن محافظ حلب قرر زيارة ريف محافظته فتم ابلاغ رؤساء المخافر والمخاتير بموعد زيارة المحافظ فما كان من مختار قرية الدانا الا أن جمع وجهاء القرية وابلغهم بزيارة المحافظ وانها المرة الاولى التي يزور فيها مسؤول كبير قريتهم و سيحل بها ساعة الظهيرة وليس من الاصول ان يغادرها دون أن يتناول طعام الغداء فيها وبناء عليه فعلى كل واحد منكم ان يجهز طبق فاخرا من الطعام ليكون على مائدة المحافظ
كان لهذا الخبر وقع الصدمة لدى وجهاء القرية فلقد عرفوا بالبخل الشديد واخذ بعضهم يهمس مستنكرا لماذا لا يأتي المحافظ مبكرا و يغادرا مبكرا المهم عاد كل منهم الى بيته يضرب اخماسا باسداس وفي اليوم التالي وقبل الغداء جلس كل منهم يفكر ما الذي سيحمله الى مائدة المحافظ ويقول فلان سيحضر كذا وفلان سيحضر كذا ولكن الجميع سوف يسهو عن احضار الماء فسوف احضر الماء انا واتميز عنهم فمائدة بلا ماء لا يؤكل طعامها
والتم شمل الوجهاء حول المائدة وكل واحد منهم يحمل بيده ابريقا من الماء ولم يتخلف احدا منهم ليحضر طعاما او رغيف خبز فما كان من المحافظ الا أن توضأ و غادر القرية بلا وليمة
هذه حال تجمع سياسي معارض اليوم تمخضوا بعد اجتماعات دامت اشهر على اعلان تشكيل تجمعهم من خلال مؤتمر ضخم يعلنون فيه نيتهم على انشاء جسم سياسي معارض و العمل على اسقاط النظام وحيث ان اغلبهم في دول المهجر فاختاروا يومي السبت والاحد كي لا تتعطل اعمالهم و وظائفهم ومن كان بعيدا ااستعاض عن حضوره بالمشاركة من خلال السكايب واختاروا بلدة صغيرة كي لا تكون مصاريف الاقامة فيها باهظة فالتقشف ضروري وبقي توفير تكاليف استئجار القاعة و تجهيزاتها فاعلنوا عن انشاء صندوق للتبرعات ليغطوا تلك المصاريف فجمعوا بعد اشهر من الكلل بضع مئات من الدولارات ومازال الصندوق عاجزا و المؤتمر على الابواب
دعاة المؤتمر لا يعانون من فاقة او عجز مالي ولكن السبب ان اغلبهم على ما يبدو من اهل الدانا فالجميع قدم النفس على المال من اجل عيون الثورة وتجاهلوا قول الحق ( وجاهدوا باموالكم وانفسكم )
الثورة ومقاومة النظام تحتاج الى تضحيات بالمال و النفس و الوقت ولا يكفي ان تصرف ساعات من وقتك وانت في مقعد وثير في منزلك بعيدا الاف الاميال تنظر من خلال النت وغيرك يقاتل ويربط على بطنه حجرا ليقوم الجوع ليس لديه هم ان يظهر امام الاعلام او الصحافة ليقال عنه انه معارض او ثائر
ما هكذا تورد الابل ايها المعارضون المفلسون بل اول خطوة بالعمل هو الصدق مع الله والاخلاص بالنية والايثار بالنفس

About جميل عمار -جواد أسود

كاتب سوري من حلب
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.