الغرب الأوربي -النصراني- وفق منظور قناة الجزيرة ….. هل تريد بريطانيا أن تجعل من أطفالنا السوريين (نصرانييين ) ؟؟؟.
يكتب أحمد منصور (الأخونجي) كما سماه بطرس غالي في حواره معه في برنامج (شاهد على العصر) على قناة الجزيرة، والذي يقال أنه ممثل الأخوان المسلمين والشيخ القرضاوي في شراكته في قناة الجزيرة، يقول (منصور) ” بعدما تخلى العرب عن استقبال السوريين،أحزاب أوربا وآخرها المحافظين البريطاني يوافقون على استقبال الأطفال دون أسرهم، طبعا من أجل “تنصيرهم” وصهرهم ….
توقفنا عند هذا القول، نظرا لما يمثله من دلالة تعكس فلسفة قناة الجزيرة في موقفها من الآخر الأوربي (بوصفه نصرانيا يريد تنصير العالم ) كوجه آخر لداعش التي تريد أن (تؤسلم العالم ) ، وأن استقبال الانكليز للأطفال السوريين يأتي في اطار هذه الأطروحة التي تنطلق من أن الغرب يمثل الآخر (العدو النصراني) الذي يريد تنصير أطفال المسلمين السوريين …
هذه الرؤية للعالم الغربي كرسها الإسلام السياسي من خلال تقسيم العالم إلى فسطاطين في صيغة (ثنائية الكفر والإيمان ) ،وأن ما تعرض له العالم العربي من غزوات استعمارية ليست إلا استمرارا للحروب الصليبية، حيث قرون من الاستعمار والنهب الاقتصادي لم تقنع الاسلام السياسي وقناة الجزيرة أن الاستعمار ليس ظاهرة دينية، بل هو ظاهرة اقتصادية بديهية، أثبتت فيها الراسمالية تفوقها التقني والصناعي على ماسبقها حتى اليوم ، حيث لم يعد بامكان أية تشكيلة اقتصادية اجتماعية ما قبل الرأسمالية قادرة على الصمود أمام الرأسمالية حسب ماكس فيبر، وامام اجتياح السلعة الرأسمالية لكل الحدود على طريق توحيد العالم رأسماليا وليس نصرانيا، سيما بعد الحربين الضارتين ( الأول والثانية ) التي كانت بين ضواري الرأسمالية العالمية في مراكزها المتقدمة حيث قدمت خمسين مليونا من الضحايا الذين لا يوجد بينهم قتيل واحد في سبيل النصرانية والمسيح …
ولقد تمكن الفكر (اليومي الشعبوي :الاسلاموي ) من تكريس هذه المفاهيم الشعبوية البسيطة والساذجة، ليأتي الاسلام السياسي لتكريس هذه المفاهيم كحقائق دينية لا يتطرق لها الشك ، ومن هنا تسميتنا لقناة الجزيرة بأنها (قناة شعبوية ) لكونها تكرس المكرس ، وتستهدف اقناع المتلقي بقناعاته الراسخة السالفة، أي مخاطبة الوعي الدهماوي بتقديس دهماويته ،بما سيسمى في الغرب بظاهرة ( الجماهيرية القطيعية ) التي تشعر قطاعات الأغبياء بأنهم نخبة في الوعي والفهم والشلف التأويلي عندما تقد لهم سلعة إعلامية تتناسب وأذواقهم وأفهامهم…
هناك مفكرون عرب تنبهوا للمستوى الباطني لفلسفة الغرب في تسطيح العقل المسلم وابقائه في درجة الصفر المعرفي، تحت ذريعة الحفاظ على الخصوصية، واحترام الذات الحضارية الدينية للمجتمعات المتخلفة بوصفه خصوصيتها، ليس الخصوصية الإسلامية كما حدث في مصر عند تأسيس الجامعة المصرية فحسب، حيث المندوب البريطاني السامي الشهير (كرومر) ، عندما اقترح على واضعي المناهج الجامعية أن ينطلقوا من احترام مسلمات العقل الاسلامي : تقديس الماضي –تقديس النصوص -تقديس الذاكرة والحفظ –تقديس الحرف المطبوع … قائلا فنحن بذلك نحافظ على بنية العقل الاسلامي فيما هو عليه من اجترار ومراوحة في المكان ، ونظهر (الانكليز ) بمظهر من يحترم الهويات الثقافية للشعوب المستعمرة واعتزازها بماضيها وأصالتها ….
بل إن المندوب السامي البريطاني في الهند يبالغ بطقوس تقديسه للبقر، قائلا حتى نبقى نحكمهم للابد …وهكذا تمت صناعة (الرب سلمان المرشد ) في سوريا من قبل الادارة الفرنسية في اللاذقية ، ومن ثم قيام الانكليز الخبيرين بصناعة المقدس لشعوبنا، بصناعة (هبل حافظ أسد ) كإله جديد للعلويين يتممون بها رسالتهم الحضارية في صناعة سلسلة من الآلهة العلوية الفهلوية كبشار الحمار ،وباتريك سيل في كتابه عن (حافظ اسد ) خفض رتبة الأسد الأب المقدسة من (إله إلى نبي ) مراعاة لتحول العقل الميثي السحري (الطائفي العلوي )الذي تجاوز فكرة البشر كآلهة، إلى ممكن فكرة البشر كأنبياء، وذلك بدعوته العلويين أن ينصبوا تمثالا (نبويا ) لحافظ أسد اعترافا بأفضاله على الطائفة كنبي ، سيما بعد انتشار نظرية الخميني عن الولي الفقيه الذي يفوق الأنبياء منزلة وعلما وقدرة وتقديسا …
عندما سجلت ابنتي منذ تسع سنوات في الصف الرابع الابتدائي ، كانت توصية المدير الأولى أن نبقى نتحدث مع الطفلة بلغتها الأم لكي لا تنسها ، ولقد قدرت حينها أن هذه التوصية تريد أن توصل فكرة احترام الهوية الوطنية للأجنبي، لكن هذا الاحترام يغلف نواة عقلانية، أنهم سيكونوا هم الرابحون لأنهم سيكسبون مواطنا يعرف لغة ثانية قد يحتاجها المجتمع، لكن بدون أية تكلفة ،ولا نظن أن في ذلك رغبة في (التنصير )، سيما عندما يرسلون لنا في اليوم الثاني إن كانت ابنتنا ترفض لحم الخنزير لكي ينتبهوا لذلك في مطعم المدرسة …. فخسروا بذلك أمكانية تنصير طفلة سورية وفق الفلسفة الشعبوية الساذجة لقناة الجزيرة وممثلها ( منصور) ..