العنصرية اللبنانية

libanonاتهمت صحيفة عربية معروفة لبنان بأنه دولة عنصرية، لأن وزير العمل أصدر قرارا حصر فيه بعض المهن بالمواطن اللبناني. من حيث الشعر، منثورا أو موزونا، هذه تهمة لذيذة. أولا، تدل على تمتع عال بحاسة العدالة، وثانيا، بفضيلة الترقي وعبور الأوطان والقوميات والأعراق والملل والنحل.
ومن حيث حقوق الإنسان هذه تهمة ولا ألذ: وزير عنصري تمييزي يذكّرنا بجنوب أفريقيا: هناك أعمال لا تحق إلا للبيض. ومن حيث الروح الأخوية السائدة في العالم العربي، هذه وقفة مغرية ضد الشواذ والشطط، بل هي خيانة للتسامح والتعاضد والتعاون والتآخي والترفق والتوافق والترفع عن الغرائز والقبليات.
برغم ذلك، أرجو أن يسمح لي كاتب الافتتاحية ببضع ملاحظات عابرة: أولا، ليس دفاعا عن لبنان، فهو بلد فقير ضعيف، وبالتالي، لا يجوز الدفاع عنه. ثانيا، يصادف أن هذا المسؤول عادة عن تأخر الأمة العربية ومناحراتها وحروبها. ولذلك، طالما استحق التأديب من الإخوة والأشقاء وحراس العدالة والقانون – إنه في هذه المرحلة يعاني (رسميا) من نحو مليون و200 ألف لاجئ سوري، منهم نحو 300 ألف يملأون مدارسه، ومنهم نحو 400 ألف يشاركون عماله أشغالهم، ولهم أفضال على حركة الزراعة والبناء منذ 40 عاما على الأقل.
لا يحق لأي مخلوق أن يكون عنصريا، لكن يحق لكل إنسان، خصوصا المحدود الدخل، الذي حدده وزير العمل سجعان قزي، أن يحمي رزقه وكرامة أبنائه. وأتمنى لو شاهد الكاتب برنامجا عرضته (إم تي في) عن عائلة لبنانية تعيش في مغارة لا باب لها. لبنان ليس كله شطارا وحاذقين. فقراؤه فقراء، والعوز فيه شديد وإن كان غير مسموع الصوت. لا يستحق قرار إداري كل هذا التأنيب. إن لبنان الأصغر مساحة والأقل دخلا بين الدول العربية الحاضنة للنزوح، يضم نحو 3 ملايين عربي شردتهم إسرائيل والأنظمة العربية منذ 60 عاما. وكان كل حظه من الصحافة العربية والحركات الوطنية أنه شُتم ولُعن، وإلى الآن هناك من ينكر عليه حق البقاء أو الوجود. قبل أن يقوم كاتب إلى قلم (أو آلة) الشتم، يحسُن أن يضع أمامه لائحة بالأرقام والتواريخ والتفاصيل والأسماء والمراحل، ويحسن به أن يستخدم الآلة الحاسبة لغرض الجمع والطرح، وليس فقط لهواية الضرب، كلما تعلق الأمر بهذا البلد العنصري.
وكان الأحرى به، وبالمفكرين القوميين، أن يلاحظوا أن الدولتين الوحيدتين المطعونتين في «كيانهما»، أي الأردن ولبنان، يحتضنان الأكثرية الساحقة من مضطهدي العرب. لبنان مسكين، مثله مثل اللاجئين إليه. كلمة حلوة على الأقل…

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to العنصرية اللبنانية

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: هؤلاء الذين يدينون لبنان اليوم ويتهمونه بالعنصرية رغم كل الذي قدمه وشعبه ولازل يقدمه للاجئين سوريين كانوا أم غيرهم ، فمثلهم مثل الذين يكفرون الغرب ليل نهار ويتهمونه بالعنصرية وهم في نفس الوقت كالكلاب السائبة على أبواب سفارته يبحثون عن عضمة أو فيزة ولو مزوة ؟

    ٢: رغم الذي قدمه الغرب لملايين المهجرين والمهاجرين ومن كل الطوائف والأجناس والأديان واللجوء السياسي وألإنساني وحتى الحيواني ( الحمار العراقي الذي قصته معروفة ) لألاف النكرات من ناكري الإحسان والجميل ، الذين لايقؤون على فتح أفواههم وقول الحقيقة المرة وهى أن ليس هنالك دولة عربية أو إسلامية تقر شرائعها حق اللجوء الإنساني ولا أقول الحيواني لبني جلدتهم ومن دينهم وليس للكفار والغرباء ؟

    ٣: وأخيرا …؟
    صدق من قال ( اللي إختشوا ماتوا ) فكفاكم نقيق الضفادع يامنافقين سياسيين وتجار دين ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.