العلم لا يكيل بالبتنجان

azharسامي البحيري

في مسرحية صديقي الراحل على سالم مدرسة المشاغبين، كان هناك مشهد المدرسة عفت (سهير البابلي) تحدث طلبتها المشاغبين عن أهمية العلم قائلة:

– العلم لا يكيل بالمال

فعلق بهجت الأباصيري (عادل أمام) زعيم المشاغبين موجها كلامه الى مرسي الزناتي (سعيد صالح) نائب الزعيم:

– آه بيقول لك العلم لا يكيل بالبتنجان!!

وصارت مثلا!

والحقيقة أن شعبية مدرسة المشاغبين الجارفة لم تكن فقط لموهبة الكاتب على سالم أو لموهبة الممثلين عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي ولكننا ضحكنا عليها لأنها تمثلنا وداخل كل منا بهجت الأباصيري ومرسي الزناتي، داخل كل منا أيضا يونس شلبي الذي لم يكن يكمل جملة مفيدة، وكلهم لا يهمهم العمل والعلم ولكن يهمهم الفرفشة والتهريج والكسل، وبيننا أيضا القلة التي مثلها أحمد زكي وهي التي تهتم بالعلم والعمل، وأعتقد أن معظمها هاجر ألى بلاد لا “يكيل فيها العلم بالبتنجان”!

هل يعقل أن شركة سيمنس الألمانية تصرف على الأبحاث العلمية سنويا 40 ضعف ما تصرفه دولة مصر بملايينها التسعين؟؟

في مصر معاهد أبحاث ومراكز قومية لكل انواع الأبحاث، وكلها مجرد لافتات تعطي شهادات ماجستير ودكتوراه لكل من هب ودب، حتى أن لدى حملة تلك الشهادات يعانون أزمة بطالة حقيقية حتى أنهم يتجمعون من حين لآخريتظاهرون طلبا للوظائف ولكنهم نسوا او تناسوا أن علمهم لا يكيل بالبتنجان!

أما علماؤنا الحقيقيون فتجدهم في هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومدينة البحوث بالأزهربالقاهرة، ومركز أبحاث جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وغيرها من مراكز الأبحاث الهامة والمنتشرة في كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي، وأصبح هؤلاء هم علماء الأمة، وأصبحوا نجوم المجتمع تفتح الجريدة تجدهم ، تفتح التليفزيون تجدهم ملء السمع والبصر في الفضائيات ، تفتح البوتاجاز تلاقيهم، تفتح الحنفية ينزل لك منها عالم أو إثنين، وتجد نفسك والحمد لله محاصر بالعلماء من كل المذاهب والملل والنحل، تفتح الإنترنت تجدهم في الفيس بوك والتويتر تلك المواقع الكافرة والتي يملكها اليهود الوحشين أحفاد القردة والخنازير، وتجد “العالم” من دول يفتخر بأن له ثلاثة مليون متابع على تويتر، وقد أثرى كل علماؤنا والحمد لله ثراء فاحشا والله يعطيهم على قدر علمهم وأبحاثهم الجليلة.

وأنا أعتقد أن أمريكا أو ألمانيا أو اليابان بجلالة قدرهم لا يوجد لديهم ما يسمى ب “هيئة كبار العلماء” ولا “هيئة صغار العلماء؟؟ فلماذا هذا القصور من تلك الدول والتي تعتبر أنها رائدة العلم الحديث؟؟ ألم يصلهم بعد أن العلم لا يكيل بالبتنجان؟؟ ولماذا هذا القصور تجاه العلم؟؟

والحق يقال أن “هيئة كبار العلماء” هي شيئ فخم وعنوان أفخم، تعالوا نرى ماذا أنتجت هيئة كبار العلماء لنا عبر العصور؟؟ هل أخترعت مصل ضد شلل الأطفال مثلا؟ هل أكتشفت المضادات الحيوية والتي أنقذت حياة الملايين ؟ هل أخترعت الكهرباء والتي أنارت حياة الإنسان ونقلته إلى العصر الحديث؟ هل إخترعت الطائرة التي قصرت المسافات بين الشعوب؟ هل أخترعت التليفون والإنترنت؟ طيب بلاش كل هذه الإختراعات المعقدة، هل أخترعت قلم رصاص أو لبيسة أحذية ؟؟ هيئة كبار العلماء لا يزال بعض علمائها الإفاضل ينكر كروية الأرض أو أن الأرض تدور حول نفسها أو أن الأمريكان هبطوا على سطح القمر.!!

طيب مش معقول لا بد أن كل هؤلاء العلماء وبثراءهم الفاحش قد صنعوا أو إكتشفوا لنا شيئا مفيدا، وهاهي بعض مكتشفاتهم:

يجب عليك أن تدخل الحمام برجلك اليسرى.

لا يصح أن يكون الحمام (لا مؤاخذة) مواجها لقبلة مكة المكرمة.

يمكن لزميلتك في العمل أن ترضعك خمس رضعات مشبعات لكي تصير إبنها بالرضاعة وتستطيع أن تزاملها بد ذلك في نفس المكتب بدون أن يكون الشيطان ثالثكما والعياذ بالله.

يستحسن ألا تهنئ أصدقائك غير المسلمين بأعيادهم ويستحسن ألا يكون لك أصدقاء غير مسلمين اساسا.

وغيرها من المخترعات والمكتشفات والابحاث التي انارت لنا الطريق لدخول الجنة في الآخرة ودخول الجحيم في الدنيا.

هل عرفتم الآن لماذا ظهرت داعش في بلادنا الجميلة ولم تظهر في اليابان أو ألمانيا أو امريكا، لأن لدينا هيئة كبار العلماء ولديهم شركة سيمنس!!

المصدر ايلاف

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.