عندما نتحدث عن العلمانية والدين. أي نتحدث عن مجتمع مكون من جماعات واشخاص مؤمنين في الدين وماجاء به وجماعات واشخاص لا دينين يرون بأن الدين قد يكبل حياة الفرد وحريته ويعرقل مسيرة التطور والحضارة وبرجوعه للنصوص والأصول ودخوله في السياسة. وهؤلاء يكون منهم مؤمنين بالله ولا يؤمنون بالأديان او ملحدين ووجوديين بمذاهب ونظريات مختلفة.
ولكن بنفس الوقت على العلمانيين والدينيين بأن لا يختلفوا لأنه يوجد العديد من القواسم المشتركة التي تجمعهم كمسؤولية اجتماعية تقع على عاتقهم في مجتمعاتهم التي يعملون بها ولأجلها.
أي على المفكر الديني او العامة من الذين يعتنقون الدين أن يطرحوا في نهجهم الإصلاحي لواقع المجتمع الرازخ تحت سلطة الاستبداد الديني والتقليد والاستبداد السياسي. العودة الى الوعي الروحي والاستنارة الروحية او العودة على الذات.
الذي هو يتجلى بقيم تناسب العصر واحتياجاته وتطلعاته في بناء دولة تكفل الحقوق والمساواة والثورة من اجل الحقوق. التي يجب ان لا تختلف مع الأبحاث والنظريات العلمية العصرية المُثبة علمياً. ولا الاعتراض عليها باسم الدين لان هدف الدين الوعي الروحي وتجلي القيم الانسانية وليس بناء الدولة واثبات العلم. والايمان الفاعل يبني ولا يهدم.
والعلمانيون كأبناء لهذا المجتمع ايضاً أن يطرحوا بالعودة الى ثقافة العصر الحديث من نظريات علمية وابحاث عصرية وثقافة تحافظ على كرامة الانسان وحقوقه وحريته حسب ثقافتنا المحلية التي يجب ان تتجدد.
وكلاهما يجب أن يصب في اتجاهين ومحورين اساسيين
الأول-الايمان بالذات الإنسانية ووعيها وفاعليتها بيقظتها الروحية والفكرية
والامر الأخر. الاستفادة ايضاً من تجربة الغرب والشعوب الأخرى في هذا المسار بمسيرتها في التطور والحضارة والاستفادة ليس كنهج مطلق او استنساخ للتجربة بل هو بدافع أن التفاعل الحضاري يفرض ذاته على عالمنا اليوم بالتواصل والانفتاح على الاخر كشرط ضروري للتقدم والمشاركة في المستقبل،
وانا كشخص معاصر من أبناء هذه البلاد اطرح وجهة نظري اتجاه الدين في هذه الخطوة بأننا لسنا بحاجة لرجل دين لنستنير روحياً ونعود الى ذواتنا.
لسنا بحاجة لرجل دين لنستنير روحياً؟ ولفهم ذواتنا؟
سلطان اهل التفسير والوعظ سواء كان يرمي للخير أو الشر هو يقمع العقل. للذي ينظر إلى المفسر أنه وكيل الله وأنه أجدر منه وللذي ينظر إلى الشريعة أنها مقدسة مطلقة ثابتة مٌطلقة في كل زمان ومكان.
مٌحاكاة الشريعة واستقرائها هي ذاتية في صيرورة الانسان.
فجوهر الدين أو جوهر الله وهدف أي رسالة سماوية هو أن تصل للروحانية سواء كان بالشكل النسبي أو الشكل المتصوف
هذه الروحانية لا تختلف في ان تكون حٌر حقيقي بالمعنى المثالي والنزعة الإنسانية
الروح هي كيان الانسان. بعقله ونفسه ومشاعره.
فحرية الروح تتبع حرية الفكر كلاهما امران مرتبطان ببعضها في تكوين وصيرورة الانسان بالنسبة لخالقه. واستنارته الروحية. والصفات النبيلة في الانسان أحد اهم دوافعها تنتج عن نبل الروج البشرية في فهم ذاتها ابداعها بالحرية المثالية والفاعلية الاجتماعية
مجتمعاتنا مازالت راكدة في فكرة التدين الاستعراضي للشعائر الدينية والطقوس وللشريعة بمفهومها القديم التي وردت في تاريخها وزمانها.
لذلك يوجد فرق بين المفهوم الروحاني للدين وثماره عند الشخص وبين ثمار تصلبه بالتدين والشريعة والطقوس والشعائر التي احياننا كثيرة تبعد الشخص عن روح الايمان وروح الله وتنتج به التجلد والتعصب الذهني.
العلمانية هي فصل الدين عن الدولة بمعنى التوافق على السلطة بين أطراف المجتمع المتعددة بدستور مٌعد بالقوانين المدنية العلمية.
في الروحانية تمارس استنارتك العقلية بإيمانك الشخصي في بناء المجتمع العلماني بروحك المستنيرة التي لا تختلف عن استنارة عقلك التي تنتج الابداع والفهم الجيد في الايمان وممارسته في المجتمع.
لذلك العملية ذاتية بين الذات البشرية وخالقها وبين قراءة الذات البشرية لأي رسالة في هذا الاتجاه لاستنارة الروح لتعميقها في خالقها. وان الوصول للاستنارة الروحية النسبية سيجعلنا تعرف بشكل أفضل معنى المتصوف بالشكل الكلي.
فالعملية تبدأ من استنارتك النسية قبل اصغائك للمتصوف. لان اصغائك للمتصوف قبل استنارتك سيشكل خلل في صيرورتك الذاتية، لفهم ذاتك واحتياجات العصر